1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رقاد والدة الاله العذراء مريم 28-8-15

أيتها البتول الطاهرة, ان نواميس الطبيعة نُقضت فيك. لأن الولادة تمّت مع حفظ البكارة, والموت صار لك عربوناً للحياة. فيا والدة الاله, يا من هي بعد الولادة بتول, وبعد الموت حيّة. خلصي ميراثك. هذا ما ينظمه مرنم الكنيسة.
أيها الاخوة الاحباء
أيها المؤمنون والزوار الحسنو العبادة
كرُسلٍ آخرين اجتمعنا اليوم, بعد ان قَدِمنا من مناطق عديدة وأقطار مختلفة من أقاصي الارض الى قبر والدة الالع الدائمة البتولية مريم لنحتفل بذكرى انتقالها الموقر أي رقادها الطبيعي وقيامتها.
ان والدة الاله العذراء مريم الفائقة البركة التي صارت أماً للمانح الحياة للجميع, أي كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح, قد أظهرها ( مخلصنا يسوع المسيح) قديسةً اسمى وارفع من جميع القديسين, لهذا فلا القبر ولا حتى الموت لم يستطيعا أن يضبطاها, وكما يقول مرنم الكنيسة: ان والدة الاله الوسيطة التي لا تغفل في الشفاعة والرجاء الوطيد الذي لا يخيب في الحماية, لم يضبتها قبر ولا موت. بل اذ كانت أم الحياة نقلها الى الحياة ابنها الذي حلّ في مستودعها الدائم البكارة.
وبمعنى آخر ان والدة الاله الفائقة القداسة قد بقيت في قبرها المقدس مدّة ثلاثة أيام بعد دفنها, وتماماً على مثال ربنا يسوع المسيح ابن العذراء مريم, الذي قام من بين الاموات في اليوم الثالث كذلك قامت العذراء مريم أو بالاحرى انتقلت بعد ثلاثة أيام الى السموات, وطيلة مكوثها في القبر مدّة ثلاثة أيام لم يخامر جسدها الطاهر فساد.
وفي هذا السياق يُعبّر القديس يوحنا الدمشقي عن هذا المعنى قائلاً : بأنه كان يجب أن يُصان جسدها من الفساد حتى بعد وفاتها تلك التي تثلم بكارتها في الولادة.

حقاً أيها الاخوة ألاحبة ” لقد خُرقت نواميس الطبيعة البشرية في شخص والدة الاله العذراء مريم كما يُرنم مرنم الكنيسة. وكذلك نُصغي الى القديس يوحنا الدمشقي مادحاً اياها ومُشيداً بها فلنسمعه قائلا:
“ولكن اذا ما كانت نفسك الفائقة القداسة والطوبى قد انفصلت عن جسدك المبارك والبريء من العيب كما تريد الطبيعة, واذا ما أُسلم هذا الجسد الى القبر بحسب الناموس المشترك, فهو مع ذلك لم يمكث في الموت ولم يحله الفساد. فتلك التي بقيت بتوليتها سليمة في الولادة حُفظ جسدها دون انحلال عند انطلاقها من هذه الحياة, ووضع في مسكن أفضل واكثر تألهاً, في منجى من الموت فيقدر على البقاء الى الدهور التي لا نهاية لها”.
وحسب القديس غريغوريوس بالاماس فان سيدتنا والدة الاله الدائمة البتولية مريم: هي التُخم (أي الحد الفاصل) بين غير المخلوق (الالوهية) والمخلوق, وهذا لأنه لا يستطيع أحد ان يأتي الى الله الّا من خلالها ومن خلال وساطتها وشفاعتها للذي وُلد منها أي ربنا والهنا يسوع المسيح.
فها قد اتضح لنا الآن لماذا تبتهج السموات وتفرح الأرض برقاد والدة الاله الدائمة البتولية مريم؟ وذلك لأنه بسبب والدة الاله الفائقة القداسة ” اُنقذ جنس البشر من القضاء المُبرم على الجدَّين” ونحن قد تحررنا من اللعنة القديمة.
فهلموا أيها الاخوة المحبوبون لنسبح المسيح ألهنا ومع المرتل نهتف قائلين:
“لنرنمنّ اليوم يا شعوب للمسيح الاله ترنيمة داود قائلين: تُزَف الى الملك عذارى في اثرها. يُزففن بسرور وابتهاج. فان التي من نسل داود وقد تألهنا بها قد انتقلت بمجد على يدي ابنها وسيدها انتقالاً يُمتنع وصفه.
ولما كانت أم الله حقاً نسبحها نحن هاتفين وقائلين: خلصينا من كل النوائب نحن المعترفين أنك أم الله. وأنقذي نفوسنا من الخطوب”. آمين