1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة إعادة رفات القديس سابا المتقدس إلى ديره 26 -10-2015

“تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ”. “متى 11 :28 -29 ” هذا ما يقولهُ الرب .
أيهاالآباء الأجلاء و الإخوة المحبوبون في المسيح،
أيها المسيحيون الزوار الأتقياء
،
تفرحُ اليوم السماويّات وتبتهج الأرضيات ولاسيما بقعة التنسك و واحة رهبنة القديس سابا المتقدس ،لأننا نحتفل اليوم مُعَيدين بإتمام الخمسين عاماً على استعادة رفات القديس سابا غير البالية ،من مدينة البندقية إلى ديره العامر الذي يحمل اسمه وإلى قبره الفارغ .
إن أمام أعيننا الرفات المقدسة ،أي كل البقايا الكاملة لأبينا البار سابا المتقدس التي تُشكلُ برهانٌ قاطع وشاهدٌ صادقٌ بأن الذي يحمل نيرَ المسيح يجد راحة لنفسه . وهذه الراحة بحسب القديس كيرلس الإسكندري ما هي إلا نور معرفة الإله الحقيقي .

وكما يقول الرب :” وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ “. (يوحنا 3 : 21) إن طريقة ونمط هذه الحياة الصحيحة قد اختارها وسعى إليها أبينا البار سابا ، تاركاً بلدة كبادوكية مسقط رأسه وبلده ، قادماً إلى هذا المكان الصعب و القفر من أجل التنسك ،و من خلال أتعابهِ الروحية وجهاداتهِ صار معايناً للنور الذي لا يُدنى منه ،وبكلامٍ آخرصار معايناً لمجد الله وهذا ما تذيعُ بهِ وتشهد وتؤكد عليه البقايا المقدسة الكاملة والغير البالية لأبينا البار القديس سابا .
“تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ”.(متى 11 : 28) ،هذا ما يقوله الرب “تعالوا إليّ “. ويقصدُ هنا ربنا يسوع المسيح بالمتعبين والثقيلي الأحمال ، المُتعبين من ثقل الخطيئة والآلام والأحزان . فإن الخطيئة أيها الأخوة كما يُعلّم آباء الكنيسة تسبب الأتعاب والأحمال الثقيلة . فإن الخطيئة كما يقول زيغافينوس إنك تتعب لكي تعملها وبعد أن تعملها، ترهقك وتثقل عليك .
ويفسرالقديس يوحنا الذهبي الفم قول الرب هذا قائلاً:”إن الرب لا يقول لنا تعالوا إليّ يا متعبي الأحمال لكي يبحث عن المسؤول ويحاسبه بل لكي يخلصنا ويحررنا من الخطيئة .
إن المسيح أيها الإخوة يريد خلاصنا، يريدُ أن يعتقنا من ثقلِ الخطيئة فيطلب منا التوبة كما يقول :” لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ”.(متى 9 : 13). إن هذه الدعوة “هلموا إليّ ” يوجهها المسيحُ إلينا ليس شفهياً فقط بل هي دعوة شخصية لكلٍ منا عبر أصدقاء المسيح أي قديسيه . واليوم تتوجهُ لنا هذه الدعوة عبر صديق المسيح القديس سابا المتقدس .
ونقول هذا لأن المئات من إخوتنا البشر المتعبين والثقيلي الأحمال قد وجدوا الراحة وما زالوا إلى الآن يجدونها في هذا الموضع المقدس أي دير أبينا القديس سابا المتوشح بالله وذلك حتى يَصِلوا من خلال الصلاة المستمرة والصيام وحفظ الوصايا إلى طهارة القلب كما يقول الرب :” طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ”.(متى 5 :8).
وبالتأكيد إن المُعلم والقائد إلى نور معرفة الإله الحقيقي هو نفسه الرب الذي خلصنا كما يقول القديس أشعياء النبي : “إِنَّهُمْ شَعْبِي، بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ. فَصَارَ لَهُمْ مُخَلِّصًا. فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ”. (أشعياء 63 : 8 -9).
ختاماً أيها الإخوة نشكرُ ربنا يسوع المسيح الذي منحنا استعادة رفات القديس سابا المتقدس العجائبية إلى ديره الذي يحمل اسمه ومع المرتل نهتف قائلين :”لقد اعتكفت تتمرَّن على الفضيلة منذ الطفوليَّة يا أبانا البار سابا .فأصبحت آلةً يضرب فيها الروح القدس . فنلت منه موهبة صنع العجائب .فأقنعت الناس بازدراء الملاذّ .والآن فأنت مستضيءٌ بالنور الإلهي أجلى استضاءةٍ .فأنر أذهاننا يارب بشفاعات والدة الإله العذراء الدائمة البتولية مريم والقديس سابا المتقدس.آمين

مكتب السكرتاريةالعام – بطريركية الروم الأرثوذكسية