1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ديميتريوس المُفيض الطيب 8-11-2015

يا ديميتريوس الشهيد يا فخرَ الجهاد،لقد لبستَ المسيح.فحاربت العدَّو الواهن الضعيف.فإنَّك أبطلت بهِ ضلالة الأثمة.وقُمت تُمرن ذوي الإيمان على حسن العبادة. فلذلك نحتفلُ بتذكارك مُعيّدين لهُ بإجلالٍ، هذا ما يتفوهُ بهِ مرنم الكنيسة
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،
أيها المسيحيون الأتقياء،
تبتهجُ اليوم كنيسة المسيح بتذكارِ القديس الشهيدِ المجيدِ والفائض الطيب ديميتريوس،حيثُ جَمعتنا اليوم هذهِ الكنيسةُ المُشيّدة على اسمهِ لكي نُكرمَّ معيّدين لشهيد الحقيقة،أي شهيد إيماننا المسيحي.
إن المسكونة جميعها تُكرمُ وتُمجدُ اللابسَ الجهادِ ديميتريوس، لأنه استبان مُنجداً عظيماً في الأخطار بالقول والفعل كما يقولُ المرنم:”إن المسكونةُ قد وجدتك منجداً عظيماً في الأخطار، وقاهراً للأُممِ يا لابس الجهاد . فكما أنك حطمتَ تشامخ لهاوش، مشجِّعاً نَسْطُرَ في الميدان، هكذا ابتهل أيها القديس العظيم في الشهداء ديميتريوس إلى المسيح الإله، أن يهبَ لنا عظيمَ الرحمة.”
إن القديسَ ديميتريوس الذي نشأَ في مدينةِ تسالونيكي قد صارَ”فخر الجهاد”لأجل الإيمان المسيحي الحقيقي، وذلك لأنه تسربلَ أي تسلّحَ بأسلحةِ نور المسيح كما يعلّم القديس بولس الرسول” فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ” (رومية 13 : 12 )
وهذا يعني أن صديقَ المسيحِ ديميتريوس قد تركَ لباسَ الظلمةِ،أي أعمالَ الخطيئة ، التي تصيرُ في الظلامِ، ولبسَ أسلحةً أخرى وهي أسلحة النور أي أعمال الفضيلة أي المسيح. إذ أن المسيح وبشهادة القديس يوحنا الإنجيلي ” كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ (يو1 :9 ).

و هذا ما يؤكدهُ القديس بولس الرسول قائلاً:” الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَات”(رومية 13 :14 ).
وبحسبِ القديس غريغوريوس بالاماس فإنَّ القديسَ ديميتريوس شهيدُ الحقيقة،قد وُجِدَ عظيماً في كلِ شيء،ولم يعلن ويذيعُ شهادتهُ بالرب يسوع المسيح بالأقوالِ فقط ، بل قاومَ غير المؤمنين حتى الدم.لهذا فقد استبانَ جسد القديس ديميتريوس عموداً ثابتاً لا يتزعزع ، يرسمُ آلام المخلص ويصوّرها. فقد أضحى جسدُه نبعَ طيبٍ يتدفق ويصنعُ المعجزات، مُذيعاً بقوةِ قيامةِ المسيح المصلوب .
و بمعنى آخر فإنَّ القديسَ ديميتريوس بموتِ الشهادة وبجسدهِ الذي ينضحُ طيباً يؤكد أقوال القديس بولس الرسول :”إنَّ هذَا (الجسد)الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا (الجسد)الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ.وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: «ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ.أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟”(1 كور 15 :53 -55 ).
ها قد أصبح الآنَ واضحاً أيها الأخوة الأحبة، أنَّ ذلك الذي يلبسُ المسيحَ يُحافظُ على وصايا المسيح ويصيرُ مشاركاً نورَ المسيحِ وقيامته، نعم إنّه القديس ديميتريوس المجيد الذي صارَ مشتركاً في النور الإلهي ومتوَّجاً بأكليل الشهادة كما يقولُ مرنم الكنيسة :”انَّك وأنت متوَّجٌ بإكليل الشهادة الإلهي ترتعُ مُحتفاً حولَ الله يا ديميتريوس الشهيد السعيد الذكر.تُضاءُ بسطيع الأشعَّة المنبعثة من هنالك ممتلئاً بها استنارةً”.
إن ذكرى المُعلم الحكيم ديميتريوس تكرّمها وبشكلٍ خاص الكنيسة وذلك لأنهُ برعَ في الفوزِ في نضالهِ ضد الباطلِ والغشِ والخداعِ وجنونِ عبادة الأوثان.
و قد نجحَ بتعاليمهِ ومواعظهِ في قيادةِ نفوسٍ كثيرة واجتذابها إلى طريقِ نورِ الخلاص الحقيقي. وكان من بين هؤلاء، كما يذكرُ كاتبُ سيرةِ القديسِ ديميتريوس أو (ما يُعرف بالسنكسار)، شابٌ مسيحي، اسمهُ نسطر هذا كانَ قد أتى إلى القديسِ ديميتريوس حيثُ كان مسجوناً وقال له:”يا عبدالله ديميتريوس، أُريدُ أن أنازل لهاوش، فصلِّ من أجلي” فرسمَ القديس ديميتريوس إشارةَ الصليبِ على جبهتهِ وقال لهُ: “اذهب وانتصر على لهاوش واستشهد لأجل المسيح”.
“فتشجعَ نسطر وتقوى من القديسِ ديميتريوس وهجمَ على لهاوشَ وحطّمَ تشامخهُ و كبرياءَهُ وقَتلهُ”
إنَّ كبرياءَ الإنسان وترفعَهُ وهوسِ عبادةِ الأوثانِ وجُنونِها ، تلك العبادة التي تظهرُ بشكلها الجديد في عصرنا الحالي أيها الأحبة تشكل ثورةً متعمدةً ضد الله وضد شرائعهِ” فَيَقُولُونَ للهِ: ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ” (ايوب 21: 14 ). وكأن إنسان المعصية والإثم يريد أن يقول لله هكذا : قِف بعيداً عني ،اذهب من عندي،لا أريد أن أعرف مشيئتك .وهذا يعني أن رجل الله والإنسان الذي يتبع المسيح يصبحُ مضطهداً في مفهوم عصرنا الحالي.
لهذا السبب نكرِّم اليوم قديس المسيح العظيم في الشهداء ديميتريوس ،لأنه أصبحَ الشهادة الصادقة للباس النور وخلود المسيح.فإن ديميتريوس عبر أقوالهِ وأفعالهِ المقدسه، وسكبهِ لدمائهِ وعجائبهِ وجسدهِ الذي يفيضُ بالطيبِ يبشرُ ويكرزُ بالمسيحِ المصلوبِ والناهضِ من بين الأموات.
ختاماً نتضرعُ إلى شهيدِ المسيحِ ديميتريوس ونهتفُ مع المرتلِ قائلينَ:” يا شهيدَ المسيح ديمتريوس الظافر كما حطَّمت بالنعمة الإلهية قبلاً تشامخ لهاوُش وعجرفتهِ ومغالاتهُ بفروسيتِه مشدّداً نسطر الشجاع في الميدان بقوة الصليب كذلك أيّدنا نحن أيضاً وانصرنا على الشياطين وعلى الأهواءِ المُهلِكة النفس.
آمين