1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لجلوسه على العرش البطريركيّ الآوروشليميّ

سعادة قنصل اليونان العام الجزيل الإحترام
أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحترمين،
أيها المؤمنون ،الزوار الحسنو العبادة،الحضور الكريم كلٌ باسمهِ مع حفظِ الألقاب،
مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ (أف 1 : 3 ) والذي أهلنا في هذا اليوم لأن نرفعَ إليهِ هذا التسبيح و التمجيد الشكريّ في كنيسة القيامة المجيدة برفقةِ إخوتنا آباء أخوية القبر المُقدس الأجلاء في الذكرى السنوية العاشرة لإعتلائنا الكرسي البطريركيّ ،أي عرش القديس يعقوب أخي الرب أول رؤساء أساقفة آوروشليم.

إن ذكرى هذا العيد السنوي له أهميةً خاصة و ذلك لأنه لا يتعلّق فقط بِشخصنا البطريركيّ و لكنه يتعلق بالأخص بهذة الرتبة الكنسيّة الأسقفية و التي تحافظ وتضمن من جهةٍ على خلافة كنيسة المسيح الرسولية و من جهةٍ أُخرى على المسؤوليات و المهام الرعائية المُلقاة على عاتقِ الأساقفة العاملين من أجل بناء الكنيسة لخلاص نفوس أعضائِها كما يقول القديس بولس الرسول:” مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ.الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ ) أف 2 :20 – 22 ).
إن إتمام عشرة سنوات من الخدمة الأبوية البطريركية “في مسكن الله” أي في كنيسة “آوروشليم” مدينة آلام صلب ربنا يسوع المسيح و قيامتهِ” ، ليس هو بجدارتي و لكنه إنعامٌ و تفضيلٌ من إلهنا و مخلصنا يسوع المسيح، الَّذِي يَعْمَلُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. (1 كور 12 : 6 ) .
و أقول هذا أيضاً بل مراراً كثيرة لأنني أُرَدِدُ ما يقوله صاحب المزمور لأنهُ:” أَنْقَذْنِي وَنَجَّانِي مِنْ أَيْدِي الْغُرَبَاءِ، الَّذِينَ تَكَلَّمَتْ أَفْوَاهُهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَيَمِينُهُمْ يَمِينُ كَذِبٍ (مز 143 : 11) و غير هذا أُورِدُ ما يقولهُ صديقُ المسيح القديس بطرس الرسول “: اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ( 1 بط 5: 8 ).

إنَّ ما ذَكرتهُ سابقاً يحدُثُ في الحقيقة على أرض الواقع الآن إذ أنَّ المسكونة جميعها و منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص تُمتَحَنُ و تتمخضُ بتجارِبَ صعبةٍ و بطريقةٍ “واضحة ” أو بالأحرى “اسخاتولوجية” أي أحداثٌ متعلقة بالآخرة و بنهاية الأزمنة : رَأَيْتُ الْوَحْشَ (أي الرعب) وَمُلُوكَ الأَرْضِ وَأَجْنَادَهُمْ مُجْتَمِعِينَ لِيَصْنَعُوا حَرْبًا مَعَ الْجَالِسِ عَلَى الْفَرَسِ وَمَعَ جُنْدِهِ كما يقول القديس يوحنا الإنجيليَ (رؤ 19 : 19 )
إنَّ كل جنسِ المسيحيين و إخوتنا في المسيح، يوجهونّ أنظارهم للمسيح الذي صُلِب و قام من بين الأموات لأجلِنا ،الذي هو أملنا و رجاؤنا،و الذي نُبشر و نعترف نحنُ بهِ عبر صلواتنا و عباداتنا في هذه الأرض المُقدسة الشاهدة على أعمال المسيح الخلاصية ” الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ ( كول 1: 27 ).
إنَّ هذه الذكرى السنوية العاشرة للجلوس على العرش البطريركي لا تدعونا للإفتخار بإنجازاتنا بل للإفتخار بالمسيح ” فَلِي افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا للهِ، (رومية 17:15). أَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ.(2كور 1 : 12). فَإِذاً حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.(غلاطية 6 : 10).فَمَاذَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ، (فيلبي 1 : 18).
أقول بصدقٍ وأعترف أنَّ هذه الدعوة لقيادة دفة الكنيسة والتي دُعيت لها ، بأني لستُ وحدي في قيادتها بل معي أيضاً إخوتي الآباء الأجلاء في أخوية القبر المقدس من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان ، نقودها معاً و سويةً كما يقول القديس أغناطيوس المتوشح بالله :(بذهنٍ راسخ نحاول جاهدينَ أن نعملَ ما يرضي الله و ذلك لأن الأسقف هو على مثال المسيح و الكهنة والشمامسة على مثال الرسل الذين إئتمنهم المسيح على هذه الخدمة، المسيح الذي هو قبل الدهور مع الآب و الذي ظهر لنا في الأزمنة الأخيرة ).
إننا مدعوونَّ في المسيحِ الإله لهذه الدعوة و حتى نظهرُ مستحقينَ لرسالة أخوية القبر المقدس علينا أن نعمل ما يقولهُ القديس بولس الرسول”.فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ،مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا….وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ (كولوسي3 : 12 -13).
ونرجو من إلهنا إله الصبر والتعزية أن يكونَ إهتمامنا واحداً و أن نكونَ متفقي الآراء بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ”. (رومية 15 : 5).بشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتضرعات أبينا القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس أن يؤهلنا الله لخدمة مُقدسات إيماننا و أن يقود خطواتنا في الطريق الصحيح لكي نخدم كنيسة المسيح بأمانةٍ.
ختاماً أتوجهُ بالشكر لكل الذين حضروا و شاركوا معنا الصلاة مُكرمينَ هذا اليوم راجياً لهم من الله كل بركةٍ وقوةٍ واستنارةٍ و صبرٍ و نعمةِ القبر المُقدس لتكن معهم و معكم جميعاً و أشكر بحفاوةٍ جميع من تكلَّم هذا اليوم .

مكتب السكرتاريةالعام – بطريركية الروم الأرثوذكسية