1

مُعايدة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد ختانة ربنا يسوع المسيح بالجسد وتذكار أبينا القديس الجليل باسيليوس الكبير

“سبحوا الربَّ الإله الكلمة . الذي أقام كلَّ البرايا بحكمةٍ لا توصَف. و أخرجها من العدمِ إلى الوجود.و باركوهُ يا أعمال الربّ” هذا ما يُصَرِّحُ بهِ مُرَنمُ الكنيسة.

سعادة القنصل العام لدولة اليونان المحترم
أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحترمين،
أيها الزوار المسيحيون الحسني العبادة.

تحتفلُ كنيسة المسيح في هذا اليوم بعيدِ ختانةِ ربنا و مُخلصنا يسوع المسيح بالجسد، وتصنعُ أيضاً تذكارَ أبينا القديس باسيليوس الكبير رئيسُ أساقفةِ قيصيريةِ كبادوكية .ومع إطلالةِ هذه السنة الجديدة ،نُكرِزُ بفرحٍ أقوالَ ربنا و إلهنا و مخلصنا يسوع المسيح :”رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ” (لو 4 : 18 – 19 ).

إنَّ خبرَ و إعلان سَنَةِ الرب هو كلمة الله ربنا يسوع المسيح الذي تأنسَ و تجسدَ لِأجلنا من دماء الطاهرة النقيَّة سيدتنا والدة الإله الدائمةَ البتولية مريم، الذي أعلن لنا في ذاته زماناً جديداً يتخطى هذا الزمان الذي يُبَين ويحدد فحوى وهدف الأزمنة والأوقات بحسب شهادة ربنا يسوع المسيح الذي يقول :” لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ” (أعمال 1 : 7).
ويُفسر القديس غريغوريوس النيصصي أقوال الرب هذه قائلاً:”إنَّ الآبَ الذي لابِدءَ لهُ هو الذي يُسيْطِرُ و يُدِيرُ الأزمنة و الأوقات ،ولهذا السبب نحنُ نُدركُ أنَّ أي شيءٍ له علاقة مع الأزمنة و الأوقات و أي شيءٍ له بداية و نهاية يكون خاضعٌ لسلطان الآب”.
وبكلامٍ آخر إن كلمة الله الأزليّ و الغير المحدود بزمنٍ لهُ بدايةً زمنية في هذا العالم “وذلك بسبب ولادتهِ من العذراء” ولكنهُ سيبقى حياً إلى مدى الدهور في المكان و الزمان الكنسي، فإنهُ لم و لنْ يتوقف حضورهُ بيننا إذ نحنُ أعضاءَ جسدهِ أي، جسد المسيح ،الذي هو الكنيسة فنحنُ مع المسيحِ إلى الأبد لأنَّ الكنيسة هي إلى الأبد “لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ”. (أعمال 17 : 28).
لهذا فنحنُ مدعوونَ أنَّ نُعيدَ النظر في أعمالنا وأقوالنا مُفتكرينَ فيها و مُصغِيينَ إلى صوت القديس بولس الرسول الذي يقول :”وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِين “(1تيمو 6 : 11_ 12).
وهذا لأن “مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ،مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ”(أفسس 6 : 12).
وهذه هي الحقيقة فعلاً وواقعُ الأمر أنَّ مُصارَعَتَنا ” مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ” لأنَّنا نرى أمامَ أعيُنِنَا في عصرِنا الحالي الحديث، الكثيرين كأمثالِ هيردوس المشغُوفينَ بالقتل الفظيع.ونرى أيضاً إلهنا المُتَجسد، إله المحبة والسلام والبر يُضطَهد ويُشتَم ويُجَدّف عليه “(متى 9 : 34)”. بينما رئيسُ شَّيَاطين عالم هذا الدهر.”إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.”(1 بطرس 5 : 8).
أيها الأحبة ونحنُ “نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ.”(عبرانيين 12: 2). وصانعُ حياتنا والمانح إيانا الأزمنة و الأوقات، نرفعُ صلوات الشُكرِ و التمجيد لابن الله مخلصنا يسوع المسيح الذي ارتضى أن يُختتن بالجسد لأجلنا .
وها نحن بِدُخولنا إلى هذه السنة الجديدة 2016 نقول مع بولس الرسول : ” أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.”(فيلبي 3 : 14).
نَضرعُ إلى الله أنّ تكونَ سنةً سلاميةً و مباركة
كل عام وأنتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية