1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مدائح والدة الإله 25-3-2016

كُلُّ الأرضيّين فليبتهجوا بالرُّوحِ حاملينَ المصابيح، وطبيعةُ العقليّينَ غيرِ الَهيُوليّينَ فَلْتَحْتَفِلْ معًا. مُعَيِّدةً لعجائبّ أُمِّ الإله الشَّريفِ وهاتفة: إفرحي يا والدةَ الإلهِ النّقيّة الدّائمةَ البتوليّة والكُلِّيَّةَ الطُّوبى.
أيها الأخوة المحبوبون ،
أيها المسيحيون الأتقياء،
إنّ كنيستنا الأرثوذكسيّة المُقدسة تَدعونا عبرَ فَمِ القديس يوحنا الدمشقي لكي نحتفلّ ” بعجائب أمِّ الإله المقدسة” أي بالأحداثِ العجائبية لأمّ الإله الكلمة ،العذراء مريم ، أم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.
إنَّ أحداثَ والدةُ الإلهِ العجائِبيةَ هي من جهةٍ، بشارةُ العذراءَ الطاهرة مريم من الملاكِ جبرائيلَ المُرسلَ من الله والقائل للنقية : ” إِفْرَحِي، أيَّتُها الُمْمَتِلئَةُ نِعْمَةً”، اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ…. وَهَا أَنْتِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ..(لوقا1: 26-31) ومن جهةٍ أخرى هي تجسد الاله الكلمة وتأنسه بالروح القدس من دماء الطاهرة النقية العذراء مريم.
إنّ هذا السر الذي لا يُدرك، أيّ سر التدبير الإلهي العظيم ،تُكرمه وتوقرهُ كنيستنا المقدسة في شخص العذراء الطاهرة والمباركة والدة الإله مريم، وذلك عبرَ خدمة المديح الذي لا يُجْلسُ فيهِ والذي يُرتل خلال أيام الصوم الأربعيني وهذا لأنّ من خلال والدة قد، تألّه جنس البشر كما يقول مرنم الكنيسة القديس ثيوذوروس الستوديتي:”إيَّاكِ نسبّحُ أيتها البتولُ النقية فخرَ جِنسنا ذاتَ كلِ فضيلةٍ لإننا بوساطتكِ تأَلَّهنا إذ ولدت المسيح الإله المُخلّص الذي حلّنا من اللعنة.

وربما يتساءل أحدٌ ما ، ما هو المقصود باللعنة؟
هي تلك التي سَحَقَها وحرّرنا منها المسيح ألا وهي الخطيئة، التي ارتكبها آدم القديم في الفردوس ، وهي التي أدخلت للعالم الفساد كما يؤكِّدُ ذلك القديس الحكيم بولس الرسول في رسالتهِ إلى رومية إذ يقول:” كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. ( رومية 12:5) . ولكن ابن العذراء مريم أي المسيح قد:” افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ (غلاطية 13:3) كما يعلّم القديس بولس الرسول.
ولأنَّ “اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ” (1تيم 3: 16 ) وبكلامٍ آخر أيّ أنّ الإله الكلمة قد اتخذ جسداً من العذراء مريم أمَّ إلهنا الذي ولدتهُ وصار منها على صورتنا و هيئتنا،
لذلك فإنَّ العذراءَ مريمَ أصبحت مشاركةً في خلاصنا نحنُ البشر لهذا فإنّ مرنم الكنيسة يهتف عبر رئيس الملائكة جبرائيل قائلا:”إفرحي يامن بها أشرق السرور ،إفرحي يامن بها تضمحِلُ اللعنة، إفرحي لأنك صِرتِ سُدةً للملك، إفرحي لإنك تحملين الضابط الكل.
حقاً أيها الإخوة الأحبة ، إنّه من خلال العذراء مريم قد أشرق نور الفرح في العالم المسيح واضمحلت اللعنة كما يقول بولس الرسول:”لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ ( أفسس 8:5)
إن والدة الإله العذراء مريم المباركة ، صارت إناءً لنعمة الروح القدس الذي ينير ويقدس كل انسان آتٍ إلى العالم.
لهذا فإنّ القديس غريغوريوس بالاماس يدعو والدة الإله بأنها :”هي التُخْم (أي الحد) بين غير المخلوق (الألوهة) و المخلوق و يكمِل القديس قائلاً: بأنه لا يستطيع أحد أن يأتي إلى الله إلا من خلالها ومن خلال الوسيط الذي ولد منها ،ولا حتى أيّ من مواهب وعطايا الله يُعطى من خلال الملائكة أو البشر إلا من خلالها هي فقط.
لذلك فإن مرتل الكنيسة يهتف:” إفرحي لأنك وجدت سدةً للملك ، وأيضاً افرحي يا سلماً سماويةً بها انحدر الاله، افرحي يا جسراً ناقلاً الذين في الأرض إلى السماء. إنّ هذا الجسر هي العذراء مريم والدة الإله الفائقة القداسة وهو ليس جسراً عقلياً أو روحياً ولكنه جسراً طبيعياً من جسد ونفس وذهن وهي ،أي العذراء، مشابهة تماماً لنا نحن البشر (يع 15:5) لهذا فإنّ والدة الإله هي حمايتنا وعليها ألقينا كلَّ رجاءنا
لهذا فإن كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة و من خلال استنارة الآباء المتوشحين بالله باشراقات الروح القدس ومعلميّ الكنيسة قد صاغت لاهوتياً وعقائدياً وتسبيحياً ، للفائقة القداسة الممتلئة نعمة والدة الإله قائلةً: افرحي يا علواً يُعسر الصعود إليه بالأفكار البشرية.
إن شخص الطاهرة العذراء والدة الإله هي النموذج الحي لطاعة مشيئة الله الآب وابنها ربنا يسوع المسيح. والطاعة لمشيئة الله يعني الصوم والذي نعني بهِ إخضاع إرادتنا البشرية لإرادة الله. وأيضاً يعني التوبة والاعتراف بهفواتنا وخطايانا” وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. ( يو 37:6)
هوذا الآن أيها الأخوة الأحبة الآن زمان و وقت الصوم وزمان التوبة والإعتراف .هذا وقت مقبول. إن العذراء مريم والدة الإله هي الشفيعة والوسيط المثالية لنا عند ابنها وإلهنا كما يقول مرنم الكنيسة : أيتها الصالحة, حامي عن كل الملتجئين بايمان, الى سترك العزيـز.لأنه ليس لنا,نحن الخطأة, المنحنين من كثرة السيّئات. وسيط دائـم عنـــد الله. في الشدائد والاحـــزان. سواك, ياأم الاله العليّ.لأجل ذلك, نجثو لك ساجدين.فأنقذي عبيدك من كل شّدة وأهلينا أن نجوز ميدان الصيام المبارك وأن نصل إلى قيامة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح المجيدة.
آمين