1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الثاني من الفصح “أحد القديس الرسول توما” في مدينة كفركنا 8-5-2016

أيها المسيح المالك الغلبة على الجحيم لقد صعدتَ على الصليب لكي تنهض معك الجالسين في ظلام الموت أيها الحُرّ بين الأموات المفيض الحياة من نورك الخاصّيّ فيا أيها المخلص القادر على كل شيءٍ ارحمنا. هذا ما يقولهُ مرنمُ الكنيسة
أيها الإخوة المحبوبون المسيحيون
أيها الزوار المسيحيون الحسني العبادة،
إنَ يوم قيامة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح المقدسة قد جمعتنا اليوم في هذا المكان المقدس الذي ورد ذكرهُ في الإنجيل ألا وهي مدينة قانا الجليل. حيث صار هنا عُرس صديق المسيح سمعان القانوي وأيضاً تحويل الماء إلى خمرٍ بقوة يسوع المسيح الإلهية ووساطة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، ولقد صنع الرب هذه المعجزة لكي نكون مساهمين ومشاركين في عصير الكرمة الجديد أي جسد ودم مخلصنا المسيح القائم من بين الأموات ولكي يُنهض معه (أي مع المسيح) الجالسين في الجحيم وظلام الموت.

ونقول هذا لأن قيامة المسيح مخلصنا قد أنارت البرايا بأسرها، السماء والأرض وما تحت الثرى وأنقذنا نحن خليقتهُ من سلطان الموت وضلال الشيطان لهذا فإن مرنم الكنيسة القديس يوحنا الدمشقي يقولُ:
” أيها الرب الإله لقد استنارت الخليقة قاطبةً بقيامتك المجيدة والفردوس قد فُتِحَ. والمسيح انحدر إلى الجحيم مبشراً الذين فيهِ وقائلاً: ثقوا الآن فقد غلبتُ لأني أنا هو القيامة الذي أطلَقَكُم حَالّاً أبواب الموت. فلهذا كل البرايا تمدحكُ وتقدُم لك تسبيحاً في كل حينٍ”
حقاً أيها الأحبة، إنّ مخلصنا المسيح قد انحدر مع نفسهِ الطاهرة الإلهية إلى الجحيم بعد أن انفصلت “نفسه” عن الجسد بالموت إلا أنّ جسدهُ لم يرَ فساداً أو انحلالاً. كما يوضِحُ هذا لنا كاتب السنكسار إذ يقول: “فقد كان حاضراً “ربنا يسوع المسيح” في كل مكان من دون أن يتألم لاهوتهُ أصلاً في القبر كما ولا على الصليب فالجسم الربَّاني بالرغم من أنّهُ تعرض للموت أعني انفصال النفس من الجسد إلاّ انهُ لم يدخل عليهِ فساد أعنى انحلال الجسد وفناءٌ كامل للأعضاء.
وبكلامٍ آخر إنّ ربنا يسوع المسيح قد أسلمَ نفسهُ للموت طوعاً لأجلنا وقدّم دمهُ فداءً، ليس بالطبع للشيطان، فهذا الموت يُدعى فداءً لكي يدُّل على نعمتهِ وقوتهِ الفدائية والخلاصية كما يعلّم القديس بولس الرسول: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ (1تيم 2: 6) الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا (غلا 1: 4) وكما يقول في موضع آخر وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ (2 كو 5: 15) وايضاً ” لأَنَّهُ لِهذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ (رو14 : 9 ) فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الموت أي إِبْلِيسَ ،وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ¬ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ¬ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ. (عبر2 14-15)
ويتضح بشكل كبير من شهادة القديس يوحنا الإنجيليّ عن حدث إبادة سلطان الموت والفساد والخطيئة الذي كان فيه الرسول توما غير المؤمنٍ والشكَّاك، إذ أبصر أمام عينيهِ المسيح الناهض من بين الأموات ولمسهُ، فأعلن صارخاً:”رَبِّي وَإِلهِي!”(يوحنا 28:20)
فقد آمن توما تلميذ ورسول المسيح واعترف به بأنه هو ربّه وإلهه.
لذلك وجب علينا نحن أيضاً أن نؤمن بالمسيح لا كإنسانٍ صار إلهاً بل كإلهٍ صار إنساناً كما يؤكد القديس يوحنا الإنجيلي وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا (يوحنا 14:1) وأيضاً كما يقول في موضع آخر فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ (يوحنا 6: 53-54).
يقول القديس بولس الرسول وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ(.1كور16:2) فيفسر حضور المسيح ووالدته العذراء مريم في عرس سمعان القانوي، إذ يقول ويعلّم بأنّ الزواج أي اتحاد المرأة بالرجل يشكل سراً عظيماً ويضيف قائلاً” هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. (أف 32:5). فيشير هنا إلى الاجتماع الروحي أي اتحاد المسيح بالكنيسة التي هي جسده ونحن المؤمنين أعضاء جسد الكنيسة أي جسد المسيح.
ومن هذا المنطلق أيها الإخوة الأحبة علينا أنّ نُدرك سر الشكر الإلهي أي “القربان المقدس” الذي فيه نحن مدعوون بحسب القديس أغناطيوس المتوشح بالله من خلال مشاركتنا وتناولنا جسد ودم المسيح أنّ نصبح نفس جسد ودم المسيح.
ويقول القديس كيرلس الاسكندري: أنّ المسيح الذي هو ابتهاج وفرح الجميع بحضوره عرس قانا الجليل جعل العرس مُكرماً.
هذا بالضبط هو فرح الزفاف المقدس وبهجته، أي قيامة إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح المتلألئة فنعيّد فرحين ونعلنُ اليوم وإلى نهاية الدهور نحن جميع الشاهدين على محبة المسيح المتجسد أنهُ “مَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ”. بحسب شهادة القديس يوحنا الإنجيلي الصادقة “. (1يوحنا 8:4) وبحسب القديس بولس الرسول “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ”. (رومية 10:13)
اليوم يوم قيامة المسيح التي فيها أجازنا من الموت إلى الحياة فنحن مدعوون عبر مرنم الكنيسة قائلين:
لنتقدّمنَ حاملين المصابيح للمسيح البارز من الرمس. كأننا حاملوها إلى ختنٍ. ولنعَيدَنّ مع المراتب المحبي التعييد لفصح إلهنا الخلاصيّ.
المسيح قام