1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد حاملات الطيب ويوسف الصدّيق في مدينة الرملة 15-5-2016

أيهّا المُخلصُ إنّ النسوة َّلما قدَّمنَ طيوباً للرمس بحرارةٍ فابتهجت نفوسهنَّ بلميع الملاك وكرزنَ أنكَ إله الكل وهتفنَ نحو التلاميذ حقاً لقد قام من القبر حياة الكل. هذا ما يقولهُ مرنم الكنيسة،
أيها الإخوة المحبوبون المسيحيون،
أيها الزوار المسيحيون الحسني العبادة،
لقد أتينا اليوم بنعمة الله إلى مدينتكم أريماثيا، أي الرملة هذه المدينة التي ورد ذكرها في الإنجيل، لكي بفرحٍ فصحيّ نُكرمُ من جهة الشاهدات أولاً بالقيامة غير الكاذبات النسوة حاملات الطيب ومن جهةٍ أخرى تلميذيّ المسيح الخفيَّين يوسف ونيقوديموس شاهديّ دفنِ جسد المخلص.
وتصنعُ اليوم كنيستنا المقدسة بشكلٍ خاص ذكرى من كان تلميذاً للمسيح في الخفاء، يوسف الصّدّيق، ليس فقط لأنه ينْحَدِرُ من أريماثيا بل لأنّهُ بعد دَفنهِ جسد الرب طرحهُ أعداء الإيمان في حفرةٍ فَخُطِفَ بقوةٍ إلهية من هناك، وصار في موطنه آريماثيا أي الرملة.
إنّ النسوةِ حاملات الطيب مع تلميذيّ المسيح السِّرِيّين قد أصبحوا شهوداً بعيونهم وآذانهم على آلام الصلب ودفن مخلصنا المسيح وقيامتهِ ولهذا السبب فإنّ مرنم الكنيسة يقول: هلمَّ يا معشر المؤمنين لنمدحَ يوسف العجيب مع نيقوديموس الفاضل والنسوةِ المؤمنات حاملات الطيب هاتفين قد قام الرب حقاًّ.

ونرى القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً بهذا الصدد أنّهُ: “بعد أن أعددنَ النسوة حاملات الطيب الطيوب والعطور، استرحن في ذلك السبت بحسب ناموس موسى، لأنهنّ لم يفهمنَ بعد السبت الحقيقيّ ولم تكن لديهنَ المعرفةَ عن السبت المبارك، الذي نقل طبيعتنا البشرية من أعماق الجحيم إلى علو السماوات الإلهي النورانيّ.
وبكلامٍ آخر إنّ هذا السبت المبارك هو اليوم الثامن أي يوم الرب المعروف بيوم الأحد الذي فيه قام المسيح من القبر “لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ”(أفسس 1: 10) وبحسب القديس بطرس الرسول أنّ” داود النبي” سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا.فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ. (أعمال 2: 31-32)
حقاً أيها الإخوة الأحبة لقد انحدرَ مخلصنا يسوع المسيح إلى الجحيم مع نفسه الطاهرة الإلهية التي انفصلت عن جسده البشري، هذا الجسد الذي عانى الموت لثلاثة أيام ولكن بدون فسادٍ أو انحلالٍ كما يقول المفسر ذيذيموس:” لم يرَ جسد الرب يسوع المسيح فساداً، لقد مات المسيح ودُفِن ووُضع في القبر ولكن جسده لم ينحل “.
لقد أصبحنَ النسوة حاملات الطيب شاهدات على هذا الحدث، أي قيامة المسيح، بعيونهن وآذانهن وبشّرن بحرارةٍ كما يقول الإنجيلي مرقس:” وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ: «لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ.لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ”(مرقس 16: 5-7)
إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. (مرقس 16: 6) وهذا يعني أنّ ربنا يسوع المسيح قد قام من بين الأموات وأنّ الله الآب قد رفعهُ إليهِ لِكَيْ بحسب القديس بولس الرسول:” تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ” (فيليبي 2: 10)
أيها الإخوة الأحبة:
إنّنا نحنُ الذينَ نُدعى مسيحيين ونحملُ اسم المسيح المصلوب والناهض من بين الأموات علينا، أنّ نُذيعَ ونعترفَ بالمسيح من كل نفوسنا وعقولنا .وأنّ نطلبَ ما هو فوق، أي المسيح إلهنا، من كل قلوبنا وأذهاننا كما يعلَّمنا القديس بولس الرسول: “فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ.اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، (كولوسي 3: 1-2) وللتوضيح أكثر نقول: بما أنّه قد قمنا مع المسيح بالمعمودية علينا أن نطلب العلويات أي السماويات حيث المسيح جالس عن يمين الآب.

أيها الأحباء:
إنّ رسالة فرح قيامة المسيح التي بشرننا بها النسوة حاملات الطيب مع يوسف ونيقوديموس هي إجابةٌ لمعاصرينا الذين يعيشون في هذا العالم في: “وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، (فيلبي 2: 15) لهذا فإنّ القديس بولس رسول الأمم يحُثُنا أن نكونَ ثابتين في الإيمان وغير متزعزعين لكي كما يقول:” تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ. (فيلبي 2: 15)
اليوم يوم القيامة فسبيلنا أن نتلألأ بالموسم ونصافح بعضنا بعضاً ولنقل يا إخوة ونصفح لمبغضينا عن كل شيءٍ في القيامة ولنهتف هكذا قائلين: المسيح قام من بين الأموات دائساً الموت بموته والذين في القبور وهبهم الحياة.
المسيح قام