1

مُعايدة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رفع الصليب الكريم المحيي 27-9-2016

إنّ شجرة الحياة الحقيقية المغروسة في موضع الجلجلة والتي بها خلّصَنا الملك الأزلي أي المسيح ترتفع اليوم في وسط الأرض وتقدس كافة أقطار الأرض. ويتجدد هيكل كنيسة القيامة فتبتهِجُ الملائكة مسرورةً في السماء ويفرَحُ البشر على الأرض هاتفين مثل داود وقائلين: “ارفعوا الرب إلهنا واسجدوا لموطئ قدميه لأنه قدوسٌ هو. المانح العالم الرحمة العظمى”. هذا ما يقوله مرنم الكنيسة.

سعادة قنصل اليونان العام المحترم،

أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحبوبون،

أيها الزوار الحسنو العبادة،

تَحتفلُ كنيستنا المقدسة اليوم بعيدِ رفعِ الصليب الكريم المحيي في العالم كلهِ. إنّ كنيسة آوروشليم المقدسة تُوقِرُ باحترام وإجلال هذه الذكرى العطِرة لهذا العيد العظيم وذلك لسببين، فمن جهةٍ في هذا المكان والموضع المقدس قد تم إيجاد خشبة الصليب المباركة ومن جهةٍ أخرى قمنا بخدمة القداس الإلهيّ في كنيسة قيامة مخلصنا المسيح.

فالقديس بولس الرسول الذي سَمِعَ الأقوال والأفعال الإلهية التي لا توصف قد افتخر فقط بصليب المسيح إذ يقول وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ (غلاطية 14:6)

ويُفسرُ القديس يوحنا الذهبي أقوال القديس بولس الرسول هذه ويقول: ما هو افتخار الصليب؟ إنّ المسيح قد أخذ شكلَ عبدٍ وقد عانى واحتمل لأجلي ما احتمله، أنا العبد ناكر المعروف وبالرغم من كل هذا فقد أحبني وأَسلَمَ ذاته ليُصلَب من أجلي.

حقا أيها الإخوة الأحبة إنّ صليب المسيح هو إشارة وعلامة محبة الله للبشر التي لا يُسبَرُ غورها، عدا عن ذلك فإن الصليب الكريم يُبشرُ ويُعلنُ بظفرٍ نورَ حقيقةِ المسيح على غش الشيطان وكذبه، وانتصار العدل والبِر الإلهي على أعمال الظلمة.

وقد تم هذا في موضع الجمجمة أي الجلجلة حيث (نُصبت خشبة الحياة) وسفك دم المسيح الذي تحرر به جنس البشر، فقد تأسس في العالم ما يحمل اسم حقيقة المسيح الجديدة أي كنيستنا المقدسة والتي منها تنبع الحياة الجديدة، والقوة والفرح ورجاء أعضاءها المؤمنين والذين يلجئون إليها.

ولقد أصبح واضحاً ما يَحصُلُ في واقع عالمنا المُعاصر حيث تُقاتِلُ بشراسةٍ وعنفٍ قوة التعصب والجهل والظلم كلمة الصليب التي قال عنها القديس بولس الرسول: فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ (1كو1: 18)

فها قد صرنا اليوم مشاركين في قوة الصليب الكريم لذلك نهتفُ بشكرٍ قائلين: يا رب يا من ارتفع على الصليب وبهِ قد رفعنا معه إلى فرح السماء امنح لهذا الشرق المُعَذَب الأمان والسلام ولعالمك أجمع.

آمين

كل عام وأنتم بخير