1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ديمتريوس الفائض الطيب في مدينة نابلس 8-11-2016

لقد قدم المسيح الإله نفسك بريئةً من العيب الى المنازل الفائقة سمواً على العالم يا ديمتريوس الحكيم الشهيد الكلي الوقار. فإنك قمت مناضلاً عن الثالوث. فجاهدت في الميدان بشجاعةِ ثابتاً مثل الألماسة الصلبة. ولما طُعن جنبك الطاهر على حذو ما طُعن الذي شُبح على الخشبة لأجل خلاص العالم بأسره نلت موهبة العجائب. فأصبحت تمنح الناس الأشفية بسخاءٍ. ومن ثم فنحن في تعييدنا اليوم لرقادك نقوم بحقٍ بتمجيد الرب الذي مجَّدك. هذا ما يقولهُ المُرنم للقديس ديمتريوس.

أيها الأخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الأتقياء،

لقد جمعتنا اليوم ذكرى عيد رقاد المعظم في الشهداء ديمتريوس العجائبي والمفيض الطيب في هذه الكنيسة التي تحمل اسمهِ في مدينتكم المباركة نابلس السامرية، لكي نشهد مع القديس ديمتريوس أننا مع المسيح منذ الابتداء.

لقد تُليَ على مسامعنا فصل الإنجيل الشريف الذي يقول الرب فيه:”وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي .وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ. (يو 15 :26 – 27).

إن هذه الشهادة “لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ” تُذيعها بقوةٍ كنيسة المسيح المقدسة التي يقودها ويحفظها ويستمر فيها، المعزي روح الحقِّ الذي هو روح إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.

لقد صار القديس ديمتريوس مشاركاً في الروح القدس، روح المسيح، ومتمثلاً ومقتدياً في الآم المسيح الواهب الحياة، الذي اقتبل منه القدرة على صنع العجائب واستنارة التعليم الإنجيلي والكرازة بهِ وشفاء الأمراض كما يقول المرنم:”يا لهُ من عجبٍ باهر. إن ديمتريوس يتلألأ في الأقطار دائماً بشُهُب بأجلى نورٍ من الشمس. مستضيئاً بالنور الذي لا يقبهُ مساءٌ.وطرباً بعذوبة النور الذي لا يغيب، الذي بإشراق أشعَّتهُ انقشعت الغيوم البربرية. وشُفِيْت الأمراض. وغُلِبت الشياطينُ مقهورة.

نعم أيها الأخوة الأحبة إنَّ الابتهاج قد أشرق اليوم على المسكونةِ قاطبةً بتذكار الشهيد ديمتريوس وهذا لإنهُ قد أصبحَ برجاً لحسن العبادة راسخاً مؤَسَّساً على صخرةِ الإيمان. لا ينصدعُ بالتجارب ولا يتزعزع بالخطوب والأهوال لهذا فهو يتقبل الأناشيد من البشر والملائكة تكّللهُ بالمدائح.

تفتخر في المسيح ليس فقط مدينة تسالونيكي مسقط رأس القديس ديمتريوس بل المسكونةَ كلها لهذا القديس العظيم، شهيدُ الإيمان في المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات والذي خلص جنسنا البشريّ من ديانة الأوثان أي عبوديّة الشيطان واستبدادهِ.

وكمُعلم وكارزاً بالإيمان المسيحي انتصر القديس ديمتريوس وبشجاعةٍ لا تقهر على كذب الكفر أي على عبادة الأوثان وضلال الشياطين كما يقول مرنم الكنيسة: “لما

رآك كلمة الله العليّ مُنتصراً على نفاق الكفر كلَّلك بالمجد يا ديمتريوس. فيما ترتّل قائلاً المجد لقدرتك يارب.

وفي عصرنا الحالي وأيامنا هذه أيها الأخوة الأحبة فإن الكفر وضلال الشيطان يظهرون بأشكالٍ وطرقٍ جديدةٍ حديثة نذكر منها على سبيل المثال اللغات المضللة لصفحات ومواقع التواصل الاجتماعية الإلكترونية والذين يروجون من خلالها عن الدين المُوحّد لجميع الناس وعن الواحدية (بانثيزموس) “التي تقول بأن الله موجود في الكون المادي وهو جزء منه وخالقه وطاقته. وتعتبر الله مماثل للكون كله”

لهذا فإن القديس بولس الرسول يكرزُ مثبتاً المسيحيين إذ يقول “جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟ (2 كو 13 : 5 )

فإن أردنا أيها الأخوة الأحبة أن نعرف الطريقة التي نستطيعُ بها أنّ نمتحنُ ونجرب أنفسنا هل نحنُ حقاً في الإيمان وأن المسيح في داخلنا أم لا؟ فها إليكم الطريقة التي نستطيع بها أن نعرف هذا، و ذلك عن طريق علاقتنا مع الكنيسة ومع حياة الكنيسة الليتورجيا أي حضور القداس الإلهي وأسرار الكنيسة. إن الألفة مع الكنيسة ومع تقليدها هو ألفةٌ وعِشرةٌ مع المسيح الذي هو رأس الكنيسة وجسدها، فمن خلال الاشتراك في حياة الكنيسة نتعرف اولاً عن الكلمة الإلهية أي إنجيل محبة المسيح، وثانياً: نتعرف على أصدقاء المسيح الذي هم القديسين الأبرار والشهداء والذي منهم من نعيّد له اليوم القديس العظيم في الشهداء ديمتريوس الذي صبغ الكنيسة بحمرة دماءهِ كما يقول مرنم الكنيسة: إن الإله الذي منحك عزةً لا تُقهر قد دبجَ الكنيسة

بحمرة سواقي دمائك يا ديمتريوس. هو يحفظ مدينتك منيعةً لا تنصدع فإنك أنت عضدها.

ختاماً بشفاعات سيدتنا والدة الإله وتضرعات القديس ديمتريوس وجميع القديسين والقديس نسطر الشهيد ان يُنقذونا من الأخطار والشدائد قائلين: يا قديس الله صلي من أجلنا لكي ينقذنا من الأعداء المنظورين وغير المنظورين حتى نشهد للمسيح إلهنا ومخلصنا

آمين