1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى السنوية الحادية عشر لجلوسه على العرش البطريركيّ الأوروشليمي

سعادة قنصل اليونان العام السيد خريستوس سوفيَنوبولوس الجزيل الاحترام

أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحترمين،

أيها المؤمنون، الزوار الحسنو العبادة، الحضور الكريم كلٌ باسمهِ مع حفظِ الألقاب،


مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ
(2 كور 1: 3). الذي دعانا اليوم إلى كنيسة القيامة المجيدة مع أخوية القبر المقدس الأجلاء لكي نرسل الشكر والتمجيد في الذكرى السنوية الحادية عشر لاعتلاء العرش الأسقفي والبطريركي للقديس الشهيد يعقوب أخي الرب أول رؤساء أساقفة على كنيسة آوروشليم.
إن الذكرى السنوية لهذا العيد يُشكلُ عملَ حياةٍ للكنيسة الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ (أفسس 1: 23). فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ جَسَدٌ وَاحِدٌ (1كور10: 17). بحسب القديس بولس الرسول.

وهذا يدُّل بأنَّ عيد اليوم لا يخص أو يتعلق بِشخصنا فقط ولكن بالأخص وقبل كل شيء يتعلق بالمؤسسة المقدسة للرتبة الأسقفية والبطريركية والتي تشكل الضمان لمسؤولية خلافة الكنيسة الرسولية من جهة ومن جهة أخرى المسؤولية الليتورجية أي الإفخاريستية والاهتمام الرعوي الذي يقع على كاهل الأسقف اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ (يوحنا 6 :27).
إن تجديد الذكرى الحادية عشر لخدمة العرش البطريركي في مقر أم جميع الكنائس مِنْ صِهْيَوْنَ، كَمَالِ الْجَمَالِ، اللهُ أَشْرَقَ. (مزمو49: 2). يُشكل عمل لا يعود لاستحقاقنا بَلْ للهِ الَّذِي يَرْحَمُ (رومية 9: 16). ومِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ كَمَا رُحِمْنَا لاَ نَفْشَلُ (2كور 4: 1).  لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا(أفسس 2: 10).
وأقول هذا لأنه بمسرة ومشيئة الله لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ (أفسس 1: 6) قد أخذت أخوية القبر المقدس على عاتقها المبادرة مع باقي الطوائف المسيحية الأخرى “الفرنسيسكان والأرمن” من أجل تثبيت وترميم قبة قبر ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القابل للحياة.
إن حدث تثبيت وتمكين القبر المقدس له أهميةً خاصة، ليس فقط من أجل القبر الفائق القداسة ولكن أيضاً من أجل حالة المسيحيين في الشرق الأوسط المُمتَحن بأنواع التجارب الصعبة من حرب شنيعةٍ وقتال أخوةٍ من جهة ومن جهة أخرى تهجير الآلاف من الإخوة البشر الأبرياء من أوطانهم.
إن قبر ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الفارغ والقابل للحياة، يُشكل علامةَ ارتباطٍ وميناءَ رجاءٍ لكل الملتجئين إليه وهذا لأنه بحسب القديس بطرس الرسول مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ (1 بطرس 1: 3، 5). 
إنَّ هذه الذكرى السنوية الحادية عشر للجلوس على العرش البطريركي لا تدعونا للافتخار بإنجازاتنا بل للافتخار بالمسيح فَلِي افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا للهِ (رومية  17:15). أَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا (2كور 1 : 12). فَإِذاً حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ (غلاطية 6 : 10).فَمَاذَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ (فيلبي 1 : 18). 
إنَّ الدعوة لهذه الرسالة المقدسة أي قيادة دفة الكنيسة المقدسة، يشاركني فيها إخوتي القديسين الآباء الأجلاء في أخوية القبر المقدس من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان، نقودها معاً وسويةً كما يقول القديس أغناطيوس المتوشح بالله :(بذهنٍ راسخ نحاول جاهدينَ أن نعملَ ما يرضي الله وذلك لأن الأسقف هو على مثال المسيح والكهنة والشمامسة على مثال الرسل الذين ائتمنهم المسيح على هذه الخدمة، المسيح الذي هو قبل الدهور مع الآب والذي ظهر لنا في الأزمنة الأخيرة). 
ونقول الحقيقة مع القديس الحكيم بولس الرسول هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ (1 كور 4 :1) وفي أيامنا هذه أيضاً يقول القديس بولس الرسول بأن قوة الشر والاثم تعمل لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ (2تسالونيكي 2 :7).              
ونرجو من إلهنا إله الصبر والتعزية أن يكونَ اهتمامنا واحداً وأن نكونَ متفقي الآراء بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ (رومية 15 : 5). بشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتضرعات أبينا القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس لكي نسيرَ بحسب الدعوة التي انتُخِبنا لأجلها فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. (أفسس 4 : 1 ) أي أن يؤهلنا الله لخدمة مُقدسات وشواهد إيماننا وللرعاية الأبوية برعيتنا التقية. 
ختاماً أتوجهُ بالشكر لكل الذين حضروا وشاركوا معنا الصلاة مُكرمينَ هذا اليوم راجياً لهم من الله العلي القدير كل بركةٍ وقوةٍ واستنارةٍ وصبرٍ ونعمةِ من القبر المُقدس لتكن معهم ومعكم جميعاً وأشكر بحفاوةٍ جميع من تكلَّم هذا اليوم وأخص بالذكر كيريوس أرسترخس رئيس أساقفة قسطنطيني الذي تكلم نيابةً عن أخوية القبر المقدس وأعضاء المجمع المقدس المكرمين.