1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جاورجيوس الخوزيبي في دير خوزيبا21-1-2017

إلى القديسين والفضلاء الذين في أرضه قد ارتاح كل الارتياح. أما الذين يهرعون وراء معبودٍ آخر فقد كثرت همومهم. (مزمور 15: 3-4) لقد جعل ربنا قديسيه مستحقي التعجب الذين في فلسطين والذين أرضوه في كل مكان بالرغم من أن أحزانهم كانت كثيرة إلا أن الله قد نجاهم منها جميعها.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار الأتقياء لدير خوزيبا

إن المسيح الإله قد التحّفَ بمجاري الأردن. لا لاحتياجهِ إلى التطهر بها. بل ليدبر إعادة ولادتنا في ذاتهِ. إن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح هو الذي جمعنا اليوم في هذا المكان التاريخي المقدس، أي دير خوزيبا وذلك لكي نكرّم ببهاء ذكرى أبينا البار جاورجيوس الخوزيبي.

إن أبينا البار جاورجيوس والذي سُمي على اسم القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر والذي شابه بغيرةٍ ملتهبة ربنا يسوع المسيح الذي مات لأجلنا بالجسد، قد اهتم أن يُدفنَ مع المسيحِ وأن يُصلبَ معه من خلال اللاهوى فدَفَن أهواءه ووصل إلى أقصى درجات اللاهوى المغبوط وظهرَ ممتلئاً من نعمة الروح الكلي قدسه كما يقول كاتب سيرته.

وبكلام ٍآخر فقد ظهر أبينا القديس جاورجيوس شهيدِ النسك والجهاد الروحي كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم ” التدرب على التقوى هو شهادة “.

وبحسب القديس النبي داود كُلُّ سُبُلِ الرَّبِّ رَحْمَةٌ وَحَقٌّ لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَشَهَادَاتِهِ. (مزمور 24 : 10).

لقد وجد أبينا البار جاورجيوس الخوزيبي مكان تمارين وتدريب روحي ملائم في محيط نهر الأردن حيث كان يوحنا بن زخريا يكرز بمعمودية التوبة لغفران الخطايا.

كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي الْبَرِّيَّةِ، فَجَاءَ إِلَى جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ يَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. (لوقا 3 : 2-3) . من جهة ومن الجهة الأخرى” وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ”.(مرقس 1 :9)

ونقول هذا لأن دير خوزيبا الذي يقع في محيط نهر الأردن والذي بحلول الروح القدس فيه أي بمعمودية ربنا يسوع المسيح فيه أصبح مكانَ نسكٍ ورهبنةٍ للرهبان حيث اعتمدوا فيه بالمسيح ولبسوا المسيح.

كما يقول القديس بولس الرسول:” لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ”. (غلاطية 3 : 27). وفي مكانٍ آخر وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.(افسس 4: 24)

إن القديس بولس الرسول الذي آمن بالمسيح “إذ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ”. (أعمال 9 : 3) قد شمله وارتدى نور المسيح. وهذا النور هو المسيح، نور العالم «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». (يوحنا 8 : 12)يقول الرب. وفي موضع آخر يقول:” أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ”. (يوحنا 12: 46) “وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ”. (يوحنا 3: 21)

إن هذا النور الذي لا يُسبر غوره والذي أشرق وأضاء بهيئة حمامة عند معمودية يسوع المسيح من قبل النبي السابق يوحنا المعمدان في مجاري الأردن قد لبسه أبينا البار القديس جاورجيوس الذي دعانا اليوم مع من شاركه في الجهاد والنسك القديس يوحنا الخوزيبي والقديس يوحنا الخوزيبي الجديد لهذا الاجتماع الشكري أي القداس الإلهي لكي نمجد الله الواحد المثلث الأقانيم ونشكره لكي مع المرتل نسبح قائلين:” إنَّك فيما أنت النور الساطع الذاتيُّ الضياءِ الذي ينير البشر يا يسوعي. قد اعتمدت في مجاري الأردن تتلأْلأُ بجملتك ساطعاً. أيها النور المساوي في الجوهر لأبيه.

الذي تستنير بهِ الخليقة كلُّها فتهتف نحوك أيها المسيح قائلةً: مباركٌ أنت يا إلهنا الذي ظهر. المجد لك.

إن هذا النور الساطع الذاتي الضياء الذي أشرق أي نور الثالوث القدوس تُكرز وتبشر به كنيستنا المقدسة في العالم في شخص كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. إنّ هذا النور الساطع الذاتي الضياء يبشرون به بالقول والفعل، بالعمل والنظر أي الثاوريا، قديسو كنيستنا أي أصدقاء المسيح. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. (1 كورنثس 15 : 49) أي عدم الفساد والقيامة بالمسيح.

وبهذه الحقيقة تشهد بقايا القديسين غير البالية والمفيضة للطيب وبالأخص الموضوعة هنا أمام ناظر أعيننا، والتي هي أجساد القديسين تلاميذ الروح القدس لأبينا البار جاورجيوس وهم يوحنا الخوزيبي ويوحنا الخوزيبي الجديد الذي ينحدر من رومانيا وهذا يشهد بلا شك على ايماننا نحن المسيحيين بالسر الذي لا يوصف لتجسد كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح الذي وُلِد من دماء الطاهرة النقية والدة الإله الدائمة البتولية مريم في مغارة بيت لحم. واعتمد في مياه نهر الأردن من القديس النبي السابق يوحنا المعمدان.

هلمّوا إذاً أيها الإخوة الأحبة لكي نُطَهر عقولنا وحواسَّنا متضرعين إلى القديس جاورجيوس الخوزيبي قائلين: فأنرنا نحن مكرميك عن إيمانٍ مانحاً إيانا الاستنارة والعشق الإلهي.