1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيدِ شفيعهِ القديس الشهيد ثيوفيلوس الذي مع شهداء سبسطية الأربعين.22-3-2017

لقد أهملتم الجنديَّة العالميَّة بتاتاً. والتصقتم بالسيّد الذي في السماوات. يا مجاهدي الربَ المغبوطين الأربعين. فإنَّكم جُزتم في النار والماء. فنلتم المجدَ ووفرة الأكاليل من السماءِ عن استحقاقٍ. هذا ما يهتِفُ بهِ مُرنمُ الكنيسة.

سعادة القنصل العام لدولة اليونان السيد خريستوس سوفْيَنُوبُولُوس المحترم،

أيها الآباء والأخوة الأجلاء،

الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

هَلُمَّ نُرَنِّمُ لِلرَّبِّ، نَهْتِفُ لِصَخْرَةِ خَلاَصِنَا وإلهنا يسوع المسيح (مز 94: 1) الذي أهلنا للاشتراك في أسرارهِ السماويةِ الطاهرة الغيرَ المائتة، وذلك عند إقامتنا للذبيحة غير الدموية في هيكل كنيسة القيامة إكراماً لذكرى القديسين الشهداء الأربعين والذي من بينهم القديس الشهيد ثيوفيلوس المحامي والمدافع عني.

لقد تميَّزَ هؤلاء الشهداء باعترافهم بفمٍ واحدٍ وقلبٍ واحدٍ بالمسيح المصلوب والناهض من بين الأموات. مُجاهرينَ بإيمانهم أمام مضطهديهم أي الوثنيين الذين لم يستطيعوا أن يثنوهم عن إيمانهم، فحُكِمَ عليهم أنّ يتجرَّدوا من ثيابهم ويُتركوا في العراءِ ليلاً في صَقِيعِ الشتاء القاسي داخلَ البُحيرة التي كانت تقع على مشارف مدينة سبسطية حيث استشهدوا من أجل إيمانهم بالرب يسوع المسيح، كما يقول مرنم الكنيسة:” لقد احتسب الشهداء الشُجعان البُحيرَة فردوسا ً. والبرد حراً أيها المسيح الإله. فلم يرتاعوا ولا تزعزعت أفكارهم من وعيد الحكَّام المَرَدة. ولا جُبنوا مُحجمين بإزاء صدمات العذابات. بل اتَّخذوا الصليب سلاحاً إلهياً. فتأيَّدوا به وهزموا العدوَّ. فنالوا أكاليل النعمة.

تُكرِمُ كنيستنا الأرثوذكسيّة المقدسة وتمتدحُ ذكرى هؤلاء الشهداء في زمنِ الصوم الأربعينيّ المبارك وذلكَ لأنّ هؤلاء الشهداء قد اجتازوا في النار والماء ودخلوا

ملكوت السماوات وتمّ فيهم بالفعل حقاً ما هتف فيه داود في المزامير نبوياً إذ قال:” دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ، ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الرّاحة” (مزمور 65: 12)

إنّ المبشرين وأصدقاء انجيل المحبة والسلام ونور الحقيقة المُحيْية، الذين هم من الرسل القديسين وجميع المؤمنين بالمسيح من الشهداء والمعلمين والأبرار المتوشحين بالله ورعاة الكنائس، صاروا مشاركين ومساهمين في هذه الخبرة.

إنّ حقارتنا تحملُ اسم الشهيدِ ثيوفيلوس والذي شارك مع جوق القديسين الشهداء الأربعين شهداء محبة المسيح، لهذا فقد رفعنا المجد والشكر للثالوث القدوس المتساوي في الجوهر المحيي الغير المنقسم في هذه الذكرى الروحية الموقرة، ليس فقط لإعادة ولادتنا في المسيح بل أيضاً للدعوة المقدسة لهذه المؤسسة والمنصب الروحيّ، والتي هي من جهةٍ الجلوس على عرش كنيسة آوروشليم المقدسة ومن جهةٍ أخرى رئيساً لطغمة رهبان أخوية القبر المقدس الأجلاء.

وبين إخوتي المُكَرمينَ والموقرينَ رؤساء الكهنة والكهنة والشمامسة والرهبان أعضاء أخوية القبر المقدس الأجلاء الجزيلي الاحترام وأيضاً الأخوة الكهنة من الكنائس الأرثوذكسية الأخرى ،وكافةِ أبنائنا المسيحيين الأتقياء والزوار الكِرام الذين شرفوني وكرّموني بحضورهم اليوم ،الأمر الذي يدعوني للشعوُر بمسؤوليةٍ عظيمةٍ أكبر تجاهكم وتجاه محبتكم لي كما يوصي القديس بولس الرسول قائلاً: “أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا” (عبر13: 17)

ويعلَّم القديس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: “إنّ إكرامَ الشهداء هو الاقتداءُ بهم” وهذا يعني أننا نستطيعُ إكرام ذكرى شهداء المسيح القديسين نحنُ المُعيديين والمُقيمين تذكارهم المقدس وذلك بإيماننا الثابت والاقتداء بفضائلهِم وسيرتهِم في المسيح.

إنّ دماءَ شهداء المسيح الأربعين، والذي من بينهم القديس الشهيد ثيوفيلوس، يدعوننا جميعُنا اليوم لليقظة وذلك لئلا ينطفئ ويخبو نور شهادة أبناء نور المسيح كما يطلب القديس بولس الرسول صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ.اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ.لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ (1تسالونيكي 5: 17-19).

ونقول هذا لأن ظُلمةَ الطغاة ومضطهديّ المسيح يظهرونَ مجدداً في عصرنا الحالي بأشكال رهيبة شيطانية تُرهق وترعب البشرية قاطبةً.

ختاماً نتضرع إلى الشهداء القديسين الأربعين بما لهم من الدالة لدى الله لكي بتضرعاتهم وشفاعات سيدتنا الفائقة البركة والدة الإله الدائمة البتولية مريم، نشهدُ في هذا العالم شهادة المحبة والسلام والبر لمخلصنا المسيح حتى يؤهلنا أن نعاين قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح المجيدة.