1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة قيامة أليعازر من بين الأموات 8-4 2017

أيّها المسيحُ الطويل الأناة بما أنك حياة البشر وقيامتهم حضرت إلى قبر لعازر مُحققاً لنا جَوهَريْك وأنك أتيت من بتولٍ نقيةٍ إلهاً وإنساناً، لأنك أمَّا كإنسانٍ فسألتَ أينَ دُفِنَ، أمَّا كإلهٍ فأنهضتَ الميت ذا الأربعةِ أيامٍ بإشارةٍ إلهية. هذا ما يصدحُ بهِ مُرنِمُ الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها الزوار الأتقياء،

يا لَهُ من عجبٍ باهرٍ، قد تمّ اليومَ في هذا الموضعِ والمكان المقدس حيث وقفت قدمي ربنا يسوع المسيح والتقى ههنا بمرثَا ومريم أُختي لعازر صديقهُ. إنّ هذا العجب العظيم الذي يتعلّقُ بإقامة البار، صديق المسيح، لعازر ذو الأربعة أيام من بين الأموات. والذي نُعيّد لهذه الذكرى بابتهاجٍ وهذا لأنّ قيامة لعازر قد أصبحت مقدمةً خلاصية لنا، أي سابقَ إنذارٍ لقيامة المسيح العامة، ولإعادة ولادتنا كما يؤكّد على ذلك مرنم الكنيسة:” أيها المسيح الإله، لمّا أقمت لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حقّقت القيامة العامّة. لذلك، ونحن كالأطفال، نحمل علامات الغلبة والظفر، صارخين نحوك، يا غالب الموت، أوصنّا في الأعالي، مباركٌ الآتي باسم الرب.”

فمن خلال حضور المسيح مع تلاميذهِ في بيت عنيا، حيث أقامَ من بين الأموات لعازر المدفون في القبر منذ أربعة أيام، برهن المسيح بأنه هو القيامة والحياة كما يشهد بذلك الإنجيلي يوحنا قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. ” (يوحنا 11: 25-26)

وعلاوةً على ذلك فقد أثبتَ ربنا يسوع المسيح بأنّه هو حقاً إلهٌ تامٌ وإنسانٌ تامٌ. وبكلامٍ آخر فقد برهن المسيح وأكّد على الاتحاد الأقنومي بين طبيعَتَيْهِ الإلهية والإنسانية وجوهَرَيْهِ، وبرهن على أنّ جسد كلمة الله البشريّ الذي أخذه من العذراء مريم في الروح القدس، فقد ألّه المسيح الجبلة والعجنة البشرية (أي جسده) وخلصها من الموت والفساد أي الخطيئة.

فمن حدث إقامة لعازر من بين الأموات قد أصبح معروفاً بأنّ ابن الله هو المسيح الإله. وبما أنه أقام (لعازر) فإن قيامة الموتى ستحدثُ حتماً. لهذا فإن مرتل الكنيسة يقول: إن المسيح الذي هو الحق وفرح الكل والنور والحياة وقيامة العالم اعتلن للذين على الأرض بصلاحهِ وصار رسماً للقيامة مانحاً الكل صفحاً إلهياً.

إن فرح القيامة هذا الذي أظهرها ربنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى العالم، نحن نتذوقها مسبقاً اليوم وذلك من خلال حضورنا في مدينة بيت عنيا حيث مدينة لعازر وأختَيْه مرثا ومريم لهذا فإن مرتل الكنيسة يكرزُ قائلاً: اليوم بيت عنيا تسبق منذرة بقيامة المسيح المعطي الحياة مرتكضة بنهوض لعازر.

لهذا فإن المسيح المانح الحياة قد أعلن وأنبأ مسبقاً بحدث القيامة العامة وذلك عند إقامته لعازر.

لقد ذكرت بيت عنيا خبر مجيء ملك المجد إلى آوروشليم عندما أنبأ القديس النبي زكريا قائلاً: اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ. (زكريا 9 :9)

وبالطبع إن الروح القدس، روح إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح هو الذي حرّك وجعل أطفال آوروشليم يهتفون صارخين:” أوصنّا في الأعالي، مباركٌ الآتي باسم الرب.”

فهلمّوا إذن يا إخوتي الأحبة لِنُعِدَّ أنفسنا نحن أيضاً كأطفالٍ أنقياء عديمي الغش ونحمل سعف النخل ونهتف قائلين: مبارك الآتي باسم الرب آوصنا في الأعالي. ومع المرتل نهتف قائلين: بتضرعات لعازر ومرثا ومريم أن يجعلنا مستحقين لنشاهد صليبك وآلامك يا رب ونعاين قيامتك من بين الأموات يا محب البشر وحدك.

آمين

فصحٌ مجيد