1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الفصح المجيد 16-4-2017

ثيوفيلوسُ الثالثُ

برحمةِ اللهِ بطريركُ المدينةِ المقدسةِ آوروشليمَ وسائرِ أعمالِ فلسطينَ إلى أبناء الكنيسةِ أجمعينَ، نعمةِ ورحمةِ وسلامِ لكم من القبرِ المقدّسِ المانحِ الحياةِ قبرِ المسيحِ القائمِ منَ بين الأمواتِ.

افرحوا يا شعوب وابتهجوا لأن الملاك قد جلس على حجر القبر مبشراً إيانا وصارخاً نحونا المسيح قام من بين الأموات مخلص العالم وأوعب الكل نسيم شذاءِ القيامة الذكي فافرحوا إذاً يا شعوب وابتهجوا. استيخون اينوس القيامة اللحن الثاني

سحراً عميقاً في أحد السبوتِ، وفي أول الأسبوع، بعد صلب الرب يسوع ودفنه، ففي هذا السَحَر سبَقَتِ النسوة اللواتي كنّ مع مريم، من الذين كانوا يتبعون المسيح من الجليل، وقد كانوا شهوداً على صلب المسيحِ ودفنِه، وذهبن إلى القبر وفيما هنّ مُتَحيْراتٍ ومتسائلاتٍ من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟ لكي يستطعنّ أن يدهنّ بالطيوب جسدَ الرب يسوع المسيح المصلوب والمدفون.

وعندما وصلن القبر صرن شاهدات حقّ لذلك المشهد البهيّ الباهر العجائبي جداً. حيث وجدن الحجر مدحرجاً عن باب القبر، ورأين ملاكين داخل القبر القابل الحياة هاتفاً نحوهن: لِمَاذَا

تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ”(لو ا24 :6) “هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيه”ِ. (مرقس 16: 6) .

لقد كانت هذهِ البُشرى السارة والخبر المفرح لتتميمِ عملِ الله من أجل حريةِ الإنسان وخلاصهِ وافتدائهِ وإعادة ولادتهِ وتجديدهِ وقيامتهِ.

إنّ ابن الله الوحيد وكلمتهُ الذي أخذَ جسداً من الروح القدس ومن العذراء مريم قد سمًّر جسدَهُ طوعاً على الصليب وماتَ كإنسانٍ على الصليب ودُفِن كفانٍ وقام في اليوم الثالث من بين الأموات بقوة أبيه وبقدرته الإلهية. فلم يكن للموت سلطانٌ عليه. فيسوع المسيح الإله-المتأنس قد وطئَ الموتَ بموتهِ وحلَّ عقالات الجحيم محطماً أختام القبر تاركاً إياهُ فارغاً أمام مرأى الجميع شهادةً على قيامته.

فلم تكن الرؤية الملائكية والإعلان فقط ما أكد خبر القيامة، وإنما تمَّ تأكيدُ هذا الفرح العظيم ألا وهو قيامتهُ من بينِ الأموات بحضورهِ شخصياً بعد وقتٍ قصير. حيث ظهرَ بجسدهِ البهيّ والمصلوب حاملاً آثار المسامير. وتراءى بعد قيامته مرات عديدة؛ فقد قَابَلتهُ النسوة حاملات الطيب في بستان القبر وقال لهن: افْرَحْنَ. (متى 28: 9) وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، ظَهَرَ لِتَلاميْذِه، عندَما كَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ” وأيضاً ظهر لهم بعد ثمانية أيامٍ عندما كان توما مجتمعاً معهم (يوحنا 20: 19-29). وقد رافق لوقا وكلاوبا عندما كانا

منطلقين إلى عمواس “حيثُ أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا” (لوقا 24 : 30)

وعندما كان في وسط التلاميذ تحدَث معهم وحثّهم أن يَجسّوهُ لكي يتأكدوا أنّه إنسانٌ له لَحْمٌ وَعِظَامٌ، وطلب منهم طعاماً وأكل أمامهم “فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل”(لوقا 24: 36-44) وأَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ (اع 1: 3). وفي اليوم الأربعين من بعد قيامته صعد إلى السماء بمحدٍ على مرأى تلاميذهِ ومسمعهم وجلسَ عن يمينِ أبيهِ بطبيعتنا البشرية وألّهها.

وأرسلَ لنا معزياً آخر من الآب، روحُ الحقِ، روحهُ القدوس، الذي أنارَ قديسيهِ الرسل التلاميذ وأسس الكنيسة، التي هي جسدهُ المقدس. أسسها وعيّنها على الأرض لكي تستمرَ هي في عملهِ التقديسيّ والخلاصيّ، وأنّ تُظهِرَ ملكوتهُ القادم في العالم. وأنّ تُكرِز في إنجيلهِ إلى أقاصي الأرض، وأن تمنح غفران الخطايا بوساطة أولئك الذين أُعطي لهم منه هذا السلطان. وأن تعظ لجهالة العالم كي يعرفوا شخص المسيح ويوقنوا بأنه “هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ” (يوحنا 14: 4).

وأن تمارس عمل محبة البشر للمحتاجين واللاجئين والمهمشين والمشردين مقتدين بذلك بالذي لم يكن لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ (متى 8 :20). وبقوة كلمته “خذوا كلوا واشربوا من هذا كلكم ” وباستدعاء الروح القدس يصيرُ جسده الطاهر ودمه الكريم لمغفرة الخطايا والحياة الأبدية.

ولهذا نَضعُ أمام عنف الحرب والمظاهر الجديدة غير المعقولة لأعمال الإرهاب والقتل والتدمير

قول الرب للحب والمصالحة “يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ”. (لوقا 23: 34) وأيضاً وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ (متى 5: 44). فالقيامة ترياقٌ ودواءٌ في المحن والتجارب والأحزان وسلام يسوع المسيح الحقيقي القائم من بين الأموات.

إن كنيسة آوروشليم، صهيون المقدسة، قد ورثت عن مؤسسها خدمة الرب وعمله الخلاصي في هذه الأراضي، حيث ظهر فيها في الجسد، وفي قبرهِ المانح الحياة، والتي أُنعم على قبتهِ المقدسة بالترميم مؤخراً، تتمنى لجميع المسيحيين في كل بقاع الأرض ولرعاياها والذين يُكرمونها من الزوار الأتقياء أن يصبروا إلى المنتهى وأن يثمروا بالصبر قوة ورجاء. كما ونتضرعُ إلى ربِ المجد أنّ يهبَ الجميع الصحة والازدهار والفرح في هذا الموسم الفصحيّ فنهتف معاً قائلين بفرحٍ لا يوصف: المسيح قام

في مدينة آوروشليم المقدسة فصح 2017

مع أدعيتنا وبركاتنا الأبوية

الداعي لكم بحرارةٍ من أعماق القلب

ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم