1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في مدينة الزبابدة 2-7-2017

وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (يهو 1: 20-21) هذا ما يوصينا بهِ عبد يسوع المسيح القديس الرسول يهوذا وأخَ القديس الرسول يعقوب أخي الرب.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

إن رسول الرب العظيم يهوذا الذي استحق رؤية الله قد جمعنا اليوم في مدينتكم الزبابدة لكي نشكر ربنا وإلهنا على خيراتهِ وإحساناته لأبنائنا ولرعيتنا المسيحية المحبوبة.

حقاً إن أقوال القديس يهوذا الرسول _ليس الإسخريوطي بالطبع_في رسالتهِ الجامعة هي اقوالٌ ملهمةٍ من الله، أي مضيئة بالروح القدس، وهذا لأن القديس يهوذا قد استحق معاينة أي رؤية جمال الله كما يقول المرنم: إن رسول الرب العظيم يهوذا الذي استحق رؤية الله، لمحبِة الله له. فرأى الله وعاين عظمتهِ وجماله

وقد نجح الرسول يهوذا في هذا لأنهُ سمعَ وعمل بما أوصى بهِ ربنا يسوع المسيح عندما قال بأنهم مغبوطون أولئك الذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها: “طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها”(لوقا 11: 28)

وعدا عن هذا فإن يَهُوذَا الإلهيّ، عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَخو يَعْقُوبَ أخي الرب قد كان شاهدَ عيانٍ وسامعٍ لكرازة وتعليم إنجيل ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، لهذا فقد أصبح معلماً للإيمان الأرثوذكسي القويم بالرب كما يقول مرنم الكنيسة: لقد أشرقت لنا من أصلٍ شريف يا أخا الرب الإله ومعاينهُ. وكاروز المسيح الكليَّ الحكمة يهوذا الرسول. بازغاً مثل غصنٍ قد انبتهُ الله. فغذَّيت العالم كلُّهُ بثمار أقوالك ولتلقُّنك النعمة علَّمت بالإيمان القويم بالربّ يسوع.

ولنسمع أيها الأحبة هذا الكاروز العظيم قائلاً:” أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ (يهو 1: 3)

وبتوضيح أكثر، إني قد رأيت ما يجري من الخطر من المعلمين الكذبة، وقد رأيت أني مضطرٌ أن أكتب إليكم وذلك لكي أحثُكم أن تبقوا ثابتين في الإيمان بربنا يسوع المسيح وكنيسته المقدسة هذا الإيمان الذي سُلِّمَ مرة لجميع المسيحيين.

إن رسول المسيح يهوذا يوصينا أن نبقى راسخين غير متزعزعين في إيماننا بالمسيح وذلك لأن الإيمان بحسب القديس الحكيم بولس هو الترس، أي درع حمايتنا من سهام الشيطان حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ (أفسس 6: 16).

وأما بحسب القديس يوحنا اللاهوتي والإنجيلي فإن الإيمان بيسوع المسيح ابن الله هو النور الذي يَمْحَقُ الضلال في العالم وهو قدرة الروح وقداسة الحياة التي تغلب خبث وبشاعة هذا العالم.

وهناك حدث لا يمكن إنكاره أيها الإخوة الأحبة وهو أن إيماننا بيسوع المسيح ابن الله وابن العذراء مريم والدة الإله يُحاربُ من قوى ظلمة هذا الدهر الحاضر الخدّاع. لهذا فنحن مدعوون مِن مَن نُعيّد له اليوم أي القديس الرسول يهوذا، بأن نبني أنفسنا على أساسات إيماننا المقدس وذلك من خلال الصلاة والتي تصيرُ بإرشاد الروح القدس، روح المسيح، هذا الروح الذي يُثَبت مؤسسة كنيستنا المقدسة ويجعلها تحيا وتستمر وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. (يهوذا 1: 20-21)

وأيضاً من خلال الإيمان هذا بربنا يسوع المسيح فإن رهطَ الأنبياء والرسل وجميع القديسين يشكلِّون بحسب القديس بولس سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ (عبرانيين 12: 1) الذين استشهدوا من أجل الإيمان الحقيقي الَّذِينَ بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، (عبرانيين 11: 33-34).

إنّ الإيمان أيها الأحبة لهُ مفاعيل وينتجُ ثماراً، وذلك من خلال الصلاة كما يقول القديس يعقوب أخو الرب اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. (يعقوب5: 16) وبكلام آخر إنّ طِلبة أي صلاة البار المؤمن، عضو الكنيسة لها قوةٌ عظيمة وتفعلُ بقوةٍ.

لهذا فإن القديس بولس الرسول الإلهي يوصي قائلاً: أن نواظب على الصلاة بدون كلل أو تعبٍ أو ملل وأن نسهر في الصلاة مع الشكر المتواصل لله:” وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ” (كولوسي 4: 2) ويفسرُ أبينا القديس ثيوفيلكتوس أقوال القديس بولس الرسول هذه إذ يقول:” إنَّ صلاتنا تكون حقيقيةً عندما نشكر الله على كلِ شيءٍ ولأجلِ كل شيءٍ، فَإن أصابنا مكروهٌ، أو مصائب أو أحزان، فلنقل حسنٌ هو ما أصابنا لأنّ هذا من إحسانات الله علينا”.

ونحن” شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ. (أفسس 5: 20) الذي أهلنا الله للشركة في جسد الرب ودمه بشفاعات الرسول القديس يهوذا ومع المرنم نهتف قائلين: لقد أصبحت شعاعاً للشمس التي بزغت من العذراء يا يهوذا المُلهَم من الله. فأنرتَ قلوب الحسني العبادة. وطردت الظلام المُحيق بالخليقة. فتضرَّع الآن طالباً منح نفوسنا السلام وعظيم الرحمة.

آمين