1

الكلمة الترحيبية لصاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث على مأدبة المحبة بمناسبة عيد القديس إيليا التسبيّ 2-8-2017

أيها الأخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

الحضور الكريم كل ٌ باسمه مع حفظ الألقاب،

إنّها لمناسبة رائعة وعظيمة ألا وهي تكريم القديس النبي إيليا التسبيّ هذه المناسبة التي جمعتنا اليوم معاً لكيّ نُمجّد ونُكرِّم ربنا وإلهنا رافعين له ابتهالاتنا وتضرعاتنا ليمطر علينا رحمته وبركاته.

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ للقديس إيليا النبي مكانةً خاصة في التاريخ البشري وبالأخص في ضمير سكان الشرق الأوسط الديني وكافة أرجاء الأرض المقدسة.

نَزَلَ إيليا في بيت أرملةٍ عند صرفت صيدا وكان حلولهُ للبركة واليقين معاً. لأنّ طرق الربّ دائماً محيّرة. النصّ الكتابي يوحي بأنّ المرأة كانت في شيءٍ من الشك في أمر إيليا النبي، فكان أن مرضَ ابنها واشتدّ مرضُه حتى لم تبقَ فيهِ نسمة. إذ ذاك قالت لإيليا: “مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟ (3 مل 17: 18)”.

الله، دائماً، صانعٌ خيرٌ، ولكن قلّما يفهم الناس أنّه مفتقد أعزّته وأحبتهِ بالأوجاع. ولا حتى إيليا النبي فَهِمَ أيضاً، فقال: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، أَأَيْضًا إِلَى الأَرْمَلَةِ الَّتِي أَنَا نَازِلٌ عِنْدَهَا قَدْ أَسَأْتَ بِإِمَاتَتِكَ ابْنَهَا؟”(3 مل 17 :20)

لكن متى يفهم البشر؟؟فيأتينا الجواب: فقط في نهاية المطاف يفهمون. وحتى ذلك الحين أي، نهاية المطاف، عليهم الاعتصام بالصبر والرجاء.

إيليا، رغم عدم فهمهِ واتهامه الله زورا ًبالإساءة، لبث مؤمناً وصرخ وَقَالَ: «يَا رَبُّ إِلهِي، لِتَرْجعْ نَفْسُ هذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ” فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ (3 مل 17: 21 -22).

الله يسمع صوت المؤمن ولو شكّ لأنّه يعرف أنّ في الشكّ ضعفاً ولا يستطيع أن يفهم أيُّ بشرٍ طرق الله. فقط عليهم أن يتعلّموا أن الله يأتيهم جديداً وبطرقٍ مختلفةٍ كل حين. ودفع إيليا الولد لأمه فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لإِيلِيَّا: «هذَا الْوَقْتَ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَجُلُ اللهِ، وَأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ فِي فَمِكَ حَقٌّ” (3 مل 17: 24)

إيليا النبي تميّز بغيرةٍ ملتهبةٍ ومتقدة لأجل الله والعدالة الإلهية، فقد كان مُحامياً عن الحقيقة، ومقاتلاً جسوراً ضد الكذب والخِداع والنفاق ومدافعا عن المظلومين والضعفاء والأيتام والأرامل.

فها اليوم لدينا القديس إيليا النبي مثالاً ونموذجاً للإيمان الذي استطاع من خلال إيمانهِ مواجهة كل الصعوبات والتغلب عليها من أجل إحلال الحق والعدالة والحب والسلام.
كل عام وأنتم بألف خير.