1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى المائة والسبعون للبعثة الروسية في آوروشليم 22-10-2017

فينبغي لنا أن نقبل أمثال هؤلاء الإخوة القادمين إلى أم الكنائس أي آوروشليم لنكون معاونين لهم في شهادة الحق لإلهنا يسوع المسيح. (3 يو 1: 8 )

قدس الأب الأرشمندريت ألكسندروس رئيس الكنيسة الروسية الروحي في آوروشليم،

حضرات الآباء الكهنة في المسيح المشتركون معنا في هذه الخدمة من المطارنة والإخوة الكهنة والشمامسة من إخوتنا من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية مندوبين عن أخينا المحبوب جداً قداسة بطريرك موسكو كيريوس كيريوس كيرلس.

“هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا”. (مزمور 1: 132) وعن خباء يعقوب يقول: “لأنه هناك أمر الرب بالبركة حياة إلى الأبد”. (مزمور 3: 132)

حقاً لقد قبلت هذه البركة التي وعدنا الرب بها كنيسة آوروشليم المقدسة مع رعيتها المسيحية ولا سيما طغمة أخوية القبر المقدس الحارسة الامينة والعاملة على الدوام في خدمة الأماكن المقدسة التي تشكل الشهادة الصادقة الحية والملموسة على كرازة وتعليم الإنجيل الخلاصي لمخلصنا يسوع المسيح كمكان صلبه وقيامته.

وقد صاروا مشاركين ومساهمين لهذه البركة إخوتنا من نفس كنيستنا وذلك عند رؤيتهم ومشاهدتهم للأماكن والمزارات المقدسة من المطارنة والكهنة ولا سيما أيضاً الزوار الأتقياء القادمين من كافة أقطار وبقاع العالم إلى ههنا.

وإن كنيسة آوروشليم المقدسة تدرك جيداً ما يقدمهُ (الزائرون الأتقياء) من مساندةٍ أخلاقية ومادية والتي كانت لنا عوناً في حلّ الأزمات في الأوقات والمراحل الصعبة خلال مسيرة كنيستنا في الدفاع عن الأماكن والمزارات المقدسة. لهذا فإن كنيسة آوروشليم لم ولن تتوقف أبداً مصليةً وذاكرةً على الدوام المحسنين والمشتركين من روسيا.

وهنا نستطيع أن نقول بأن كنيسة آوروشليم قد ساهمت بالمثل بواجبها على عهد بطاركة آوروشليم العظام ثيوفانس الثالث وبايسيوس في مواجهة الأزمة التاريخية لكنيسة روسيا ما بين القرنين (16-17) وذلك في حماية وإنقاذ النظام الرسولي الهرمي مما كان يهددها من اختراع التركيب الشاذ لتوحيد الكنيسة الأرثوذكسية مع الغرب والمعروف ب unia.

إن علاقة ورابطة المحبة الأخوية في المسيح بين كنيستي روسيا وآوروشليم مبنيةً ومؤسسةً على تعليم القديس بولس الرسول اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ. (غلاطية 6: 2) لهذا فإن ناموس المسيح ليس هو إلا المحبة، إذ يقول الرب:”وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (يوحنا 13: 34).

لهذا فإننا نُظْهِرُ اليوم ناموس محبة المسيح وذلك بالاحتفال بطريركياً بهذا القداس الإلهي ومشاركتكم معنا من المطارنة والكهنة والمبعوث الرئيس الروحي لبطريركية موسكو وسائر روسيا في آوروشليم في كنيسة الثالوث القدوس، وذلك في الذكرى المائة والسبعون على تأسيسها.

وكم من مرةٍ لم يتبع أُناسُ الكنيسة ناموس المسيح وانتهكوه، فعندها تتمزق قوانين الرسل ويتبدد البيذاليون (كتاب قوانين الكنيسة المقدسة) إذ أن هذه القوانين تشرحُ حقوق الكنائس الروحية وقد كُتِبت بإلهام وإنارة الروح القدس في المجامع المسكونية السبعة، وإذا لم نطبقها فإن وحدة الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية ستنحل وتتبدد وستتولد الانشقاقات وتفقد حينئذٍ الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية قوتها ويتجزأ جسد المسيح.

لهذا فإن كنيسة آوروشليم تعلم ناموس المسيح وتبقى أمينةً على التقاليد الشريفة الرسولية وعلى شهادتها الرسولية أي آلام المسيح وقيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في المدينة المقدسة آوروشليم حيث مكان بهاءجَلاَلِ قدسك (مز 5: 144) وإشراق بهاء جَمَالِه. (مز 2: 49)

إن بهاء وروعة الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، بتواضعٍ تفرغُ ذاتها مضحيةً في خدمتها الروحية في جميع أقاصي المسكونة ضمن نطاق حدودها الشرعية. لاَ فِي قَانُونِ غَيْرِنَا. (2كور 10: 16) حسب القديس بولس الرسول.

لهذا فإن ذكرى هذا العيد السنوي للبعثة الروحية الروسية (دخوفنيا ميسيا) والتي تم استضافتها أولاً في دير رؤساء الملائكة في بطريركيتنا، يحثنا أن ننظُرُ إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ ونتَمَثَّلُ بِإِيمَانِهِمْ. (عب13: 7). وأيضاً في عمل الإرسالية والبعثة الرسولية الروسية ونشاطها في الأرض المقدسة بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام ويدعونا أيضاً أن نعمل سويةً بروح المحبة والأخوة لكي تكون أعمالنا المستقبلية كما يقول الرسول القديس بولس: تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ. (رو 8 : 28 )

وهذا لكي نتجنب إعادة الوقوع في أخطاء وعثرات الماضي من جهة ولخدمةٍ أتم للزوار الأتقياء والمؤمنين الباقين في هذه الأرض المقدسة ومنطقة الشرق الأوسط الذي فيه يحيا فيهِ المسيحيون الممتحنون بأنواع التجارب الصعبة من جهةٍ أخرى. ونقول هذا لأن كنيسة آوروشليم مؤسسةٌ على الدماء الخلاصية والفدائية لربنا يسوع المسيح وهي شاهدة على قيامته من بين الأموات لذلك فهي الشاهد الأمين ليس فقط للأرثوذكسية في المسكونة قاطبةً، بل وهي الضمان للحضور المسيحي في الأرض المقدسة أيضاً.

وختاماً فلنسمع ما يتفوه به هامة الرسل القديس بطرس الذي يحثنا قائلاً لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا. لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ. (2بطرس 1: 10-11)