1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رئيسيّ طغمات الملائكة العظيمين ميخائيل و جبرائيل و سائر القوات السماوية في مدينة يافا 21- 11 -2017.

يا زعيمَي الملائكة السماويين. والمتقدّمَيْن في ذوي كراسي المجد الإلهي الرفيعة الرهيبة. ورئيسَي الجنود العلوية ميخائيل وجبرائيل. خادمي الإله السيّد. استمدَّا لنا غفران الزلّات في شفاعتكما دائماً مع جميع العديمي الأجساد من أجل العالم. طالبَيْن أن نجد رحمةً ونعمةً في يوم الدينونة. هذا ما يُصّرِحُ به مرنم الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الأتقياء،

إن ربنا وإلهنا الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ أَرْوَاحَاً وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ. (عبرانيين 1: 7) قد جمعنا اليوم في هذه الكنيسة المقدسة التي تحمل اسم القوات السماوية العادمة الأجساد لكي نُتمم بشكرٍ ذكرى عيدهم الموقر ولا سيما العيد الجامع لرئيسيّ طغمات الملائكة العظيميْن ميخائيل وجبرائيل.

إنّ القوات السماوية العادمة الأجساد مقسمةٌ وموزعةٌ على تسعِ طغماتٍ في ثلاثِ ثلاثيّاتٍ من الرتب وهم الأولى: السيرافيم والشيروبيم والعروش. والثانية وهم: الأرباب والقوّات والسلطات. والثالثة وهم: والرئاسات ورؤساء الملائكة والملائكة.

إن الله نفسه هو صانع القوات السماوية من العدم إلى الوجود وقد كان هذا قبل العالم المنظور وجبل الإنسان بحسب شهادة القديس يوحنا الدمشقي إذ يقول: الله نفسه صانع الملائكة وبارئهم ومخرجهم من العدم إلى الوجود. وقد خلقهم على صورته الخاصة، طبيعة لا جسمية على مثال ريحٍ ما ونارٍ لا مادية، كما يقول داود الإلهي:” الصانع ملائكته أرواحاً وخدامه لهيب نار” (مزمور 103: 4)

وبتوضيح أكثر إن الله هو الذي جبل الملائكة وصمّم فيهم الخفة وسرعة النفوذ كالريح والحدّة في تلبية أوامره وخدمته وهو (أي الله) الذي جعل خدامهُ كلهيب نارٍ. وأما حالة القوات السماوية وشكلها فلا أحد يعرفها إلا ربنا وإلهنا خالقها. كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: ولسنا نعلم هل هم متساوون في الجوهر أم هم مختلفون بعضهم عن بعض. إن الله وحده الذي صنعهم يعلم هذا لأنه يعرف كل شيء.

أما الملائكة ورؤساء الملائكة اللذين زَعيمَيْهِما ميخائيل وجبرائيل يوصفون بأنهم أقوياء ومستعدين لتلبية وتنفيذ المشيئة الإلهية ولسرعة طبيعتهم يوجدون فوراً في كل مكان حيث تدعوهم إشارة من الله وهم يحافظون على قطاعات الأرض ويعتنون بالشعوب والأماكن على

حسب ما رتبه لهم الخالق وأن يُديرون شؤوننا ويُغيثوننا ويُدافعون عنا نحن البشر، وهم يتفوقون على البشر بحسب مشيئة الله وأوامره لأنهم يقيمون بكليّتهم في حضرة الله وهم يركضون دوماً لمساعدة من يدعوهم حتى ينقذوهم من حِيَلِ الشيطان وغِلّهِ

كما يقول المرنم: حيثما تظلّل نعمتك يا رئيس قوَّاد الملائكة ميخائيل المستحق المديح تُطرَد قوة الشياطين زاهقةً. لأن كوكب الصبح الساقط لا يطيق الثبات بإزاء نورك

إن رسالة الملائكة في خدمة الوصايا الإلهية ومشيئة الله التي لا يُسبر غورها هو واضح في تاريخ خلاصنا المقدس أي في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.

إن الطغمات الغير الهيولية والقوات العادمة الأجساد مع جميع قديسي كنيستنا يُشكلون جوق ومصاف الكنيسة السماوية كما يقول ويُعلم القديس بولس الرسول بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ (عبرانيين 12: 22-23) وبكلام آخر إن الملائكة يمجدون الله بدون توقفٍ، بتسبيح الظفر مترنمين وقائلين: قدوسٌ قدوسٌ قدوسٌ ربُّ الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك. أوصنا في الأعالي. مباركٌ الآتي باسم الرب. أوصنا في الأعالي

لهذا فإن الملائكة بما لهم من الدالة لدى الله فهم يحظون بالإكرام والتقدير من المؤمنين أعضاء الكنيسة. ومن الجدير بالذكر أن نقول بأن الملاك الحارس يرافق الإنسان منذ لحظة ولادته بالروح القدس من جرن المعمودية المقدس. وهم لا يبرحوا ولا يذهبوا من عندنا إلا إذا نحن ابتعدنا عنهم بسلوك وطريقة حياتنا غير المسيحية.

وعلينا أن نذكر بأن الملائكة يشاركون في الفرح الذي يصير في السماوات عند التوبة الحقيقية والصادقة للخاطئ. كما أكد هذا قول ربنا ومخلصنا يسوع المسيح هكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ. (لوقا15: 10)

لهذا فإن كنيستنا المقدسة من بين أدعية وأفاشين صلواتها المقدسة المختلفة، هناك الصلاة العامة والتي نبتهل من خلالها إلى ربنا قائلين:” وأحطنا بملائكتك القديسين حتى إذا كنا بمعسكرهم محفوظين ومُرْشَدين نصلُ إلى اتحادِ الإيمان وإلى معرفة مجدك الذي لا يُدنى منه”. وأيضاً هناك دعاء إلى (الملاك الحارس حياة الإنسان) الذي نطلب إليه أن يحفظ حياتنا من جميع حيل المعاند أي الشيطان.

وقد وردَ في إنجيل مرقس أن الملائكة هم الذين جاءوا لخدمة المسيح بعد انتصاره على الشيطان كما يشهد الإنجيلي بذلك وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ (مر 1: 13).

إن من نكرِمُهم اليوم زعيمي الجنود السماوية ميخائيل وجبرائيل مع سائر القوات والطغمات السماوية العادمة الأجساد المقدسة، يحثوننا على الانتعاش الروحي أي التوبة خصوصاً وأننا نقف على أبواب الاستعداد لعيد ميلاد المسيح العظيم.

ختاماً نبتهل إلى الله بتوسلات الملائكة القديسين ومع المرنم نهتف قائلين: حيثما تظلّل نعمتك يا رئيس قوَّاد الملائكة ميخائيل المستحق المديح تُطرَد قوة الشياطين زاهقةً. لأن كوكب الصبح الساقط لا يطيق الثبات بإزاء نورك. فلذلك نطلب إليك أن تخمد سهامهُ النارية الثائرة علينا. منقذاً إيانا من عثراته

كلّ عامٍ وَأنتم ِبخير