1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى السنوية الثانية عشر لجلوسه على العرش البطريركيّ الأوروشليمي 22-11-2017

سعادة قنصل اليونان العام السيد خريستوس سوفيَنوبولوس الجزيل الاحترام

أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحترمين،

أيها المؤمنون، الزوار الحسني العبادة، الحضور الكريم كلٌ باسمهِ مع حفظِ الألقاب،

مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ (اف 1: 3). وجعلني أن أكون على العرش البطريركي لكنيسة آوروشليم المقدسة خلفاً للقديس يعقوب أخي الرب أول رؤساء أساقفة آوروشليم.

قد أتممنا اليوم الذكرى السنوية الثانية عشر في الخدمة المقدسة منذ اعتلاء العرش الأسقفي والبطريركي للقديس شهيد كنيسة آوروشليم المقدسة.

فذهبنا إلى كنيسة القيامة المجيدة برفقة أخوية القبر المقدس الأجلاء لكي نرسل الشكر والتمجيد للإله الواحد المثلث الأقانيم لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ. (فيلبي 2: 13) حسب بولس الرسول

إن ذكرى عيد اليوم لا يخص أو يتعلق بِشخصنا فقط ولكن بالأخص وقبل كل شيء يتعلق بالمؤسسة المقدسة للرتبة الأسقفية الروحية الكنسيّة لأنّ “السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ، بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ (أفسس 3: 9-10)

إن مسؤوليتنا الرئاسية والرعوية إلى الآن في أم الكنائس يهدف مؤكداً لنفس ما كان يصبو ويهدِفُ إليه أسلافنا الذين استلموا هذه الأمانة الرسولية لإيماننا الأرثوذكسي المقدس الطاهر الخالي من الشوائب كما أوصنا القديس بولس رسول الأمم اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا. (2تيم 1: 14) وأيضاً إلى الحفاظ على

الخدمة الليتورجية للمزارات والأماكن المقدسة وامتيازات وحقوق جنسنا الرومي الأرثوذكسي الملوكيّ.

ولنسمع قول القديس اشعياء النبي الذي يقول مِنْ أَجْلِ صِهْيَوْنَ لاَ أَسْكُتُ، وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ لاَ أَهْدَأُ، حَتَّى يَخْرُجَ بِرُّهَا كَضِيَاءٍ وَخَلاَصُهَا كَمِصْبَاحٍ يَتَّقِدُ. (اشعياء 62: 1)

لقد نظمنا محافل دولية من أجل الحفاظ على نظام الثقافات والديانات والقوميات المتعددة لنسيج شعب هذه الأرض المقدسة آوروشليم أي اليهودية والمسيحية والإسلامية المهددة من قبل منظمات متطرفة وحركات وجماعات استيطانية.

لأن هذا هو ما نفعله في رسالتنا الأخلاقية والبطريركية لأنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا فِي السَّلاَمِ. لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ. (1كور 14: 33) كما يقول بولس الرسول وذلك لأن مدينة آوروشليم المقدسة هي الرمز والشعار الأبدي العالمي المنظور لدماء البر والعدل الإلهيّ للأنبياء ولا سيما ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ (1بطرس 3: 18)

إن هذه الذكرى السنوية الموقرة للجلوس على العرش تدعونا لا للافتخار بأعمالنا بل للافْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. (رومية15: 17) لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا (2كور 1: 12) وأيضاً إن هذه الذكرى تدعونا إلى اليقظة والانتباه لما نراه من حالة الفوضى والاضطراب في العالم بشكل عام وفي منطقتنا والشرق الأوسط بشكل خاص كما يوصينا بولس الرسول: اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا. لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ. (1كور 16: 13-14)

إنَّ الدعوة لهذه الرسالة المقدسة أي قيادة دفة الكنيسة المقدسة، يشاركني فيها إخوتي القديسين الآباء الأجلاء في أخوية القبر المقدس من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان، نقودها معاً وسويةً كما يقول القديس أغناطيوس المتوشح بالله :(بذهنٍ راسخ نحاول جاهدينَ أن نعملَ ما يرضي الله وذلك لأن الأسقف هو على مثال المسيح والكهنة والشمامسة على مثال الرسل الذين ائتمنهم المسيح على هذه الخدمة، المسيح الذي هو قبل الدهور مع الآب والذي ظهر لنا في الأزمنة الأخيرة).

وإني أود أن أقول الحقيقة مع القديس بولس الرسول إِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ

أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. (أفسس 6: 12) إن هذه الحقيقة تشهد عليها وبشدة تاريخ كنيسة آوروشليم المقدسة أي بطريركية الروم الأرثوذكس لما تعانيه من الصدمات بسبب لجج الكذب وبحور الإشاعات الباطلة والمضللة التي يطلقونها عليها.

ختاماً نتضرع إلى إلهنا أبي الأنوار أن يسدد خطانا للعمل بوصاياه بشفاعات والدة الإله سيدتنا والدة الإله مريم وبتضرعات وتوسلات القديس نكتاريوس أسقف المدن الخمس ونعمة قبر ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القابل للحياة لتمنحنا القوة في خدمة المزارات والأماكن المقدسة والتي تشكل الشهادة الصادقة على إيماننا ولا سيما العناية الرعوية لأبنائنا المسيحيين الأتقياء راجياً من الله لكل الذين شاركونا في هذه الصلاة بحضورهم أن يمنحهم قوة من العلاء ونعمة من القبر المقدس وصبراً وكل بركة روحية وأشكر بحرارة لكل الذين ألقوا كلماتهم.