1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جاورجيوس الخوزيبي في دير خوزيبا21-1-2018

لقد ظهر النور الحقيقي. فهو يمنح الاستنارة للجميع. وقد اعتمد معنا المسيح الفائق على كل طهارةٍ. ودسَّ التقديس في الماء. فجعلهُ مطهراً للنفوس. فالأمر الظاهر أرضيٌ. ولكنُّ مفهومهُ يعلو على السماوات. فإنه بالاغتسال يتمُّ الخلاص. وبالماء نفوز بالروح القدس. وبالتغطيس يتمُّ لنا الارتقاءُ إلى الله. فعجيبةٌ أعمالك يا ربُّ فالمجد لك. هذا ما يرنم به مرنم الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار الأتقياء لدير خوزيبا

لقد صار مشاركاً ومساهماً في النور الحقيقي الذي ظهر وجمعنا اليوم في ذكرى احتفال عيده البهيج ألا وهو أبينا البار جاورجيوس الخوزيفي والذي شُيّد على اسمه هذا الدير المقدس الذي يُذيع بعظائم الله كما يقول صاحب المزمور اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ. (مز 71: 17)

وحقاً إلى الآن يُذاع بعظائم الله وعجائبه في هذا الدير المقدس الذي يفيض من رفات القديسين النساك والشهداء والرهبان والآباء الأبرار المحفوظة والباقية عبر الدهور فيه. الذين نسكوا في كهوف ومغاور نهر كراث. وأيضاً العديد من العجائب من جسد القديس الكامل وغير البالي لأبينا البار يوحنا الخوزيفي الجديد العجائبي.

إن الآباء الرهبان الذين تنسكوا في هذا الدير قد ظهروا أبناءً لنور كنيستنا المقدسة التي هي جسد المسيح السري كما يقول صاحب المزمور أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ عَلَى خَائِفِيهِ، وَعَدْلُهُ عَلَى بَنِي الْبَنِينَ، لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَذَاكِرِي وَصَايَاهُ لِيَعْمَلُوهَا. (مز 103: 17-18)

إن القديس جاورجيوس الخوزيفي الذي نكرم تذكاره المقدس اليوم قد عاش بعد مئة عام بعد القديس يوحنا أسقف قيصرية فلسطين الذي عاش واستقر في هذا الدير.

لقد عاش القديس جاورجيوس أيام هجوم الفرس، وقد أخذ على عاتقه تجميع وتوحيد الرهبان والنساك المشتتين من جهة، وإعادة إعمار الحياة الرهبانية في دير خوزيفا من جهة أخرى.

وكما يقول القديس يوحنا الخوزيفي الجديد في رسالته: إن علو وسمو فضائل القديس جاورجيوس الخوزيفي والعجائب التي تحصل وحصلت بفضل صلواته المقدسة قد جعلت هذا الدير من أكثر أديرة فلسطين شهرة والتي بعد رقاده أخذ هذا الدير اسم دير القديس جاورجيوس الخوزيفي لأنه هو حامي هذا الدير، وقبره أصبح مزاراً وأكثر الأماكن إكراماً في الدير.

ويؤكد مرتل الكنيسة بوضوح على سمو فضائل القديس جاورجيوس الخوزيفي إذ يقول: لا بُعد الطريق ولا وعورة الأماكن استطاعا أن يُضعفا حرارة عزمك على السفر نحو الله أيها البارُّ. ولما صرت إلى هناك. وسررت بالأماكن التي وطئتها قدما إلهنا. لم تتهاون اصالةً بأن تبلغ بواسطة النسك والمشاقّ إلى صهيون السماوية.

إن حرارة العزم على السفر نحو الله قد رافقت أبينا البار جاورجيوس في الأماكن التي وطئتها قدما إلهنا الذي وُلد في مغارة بيت لحم كلمة الله المتجسد من دماء النقية الطاهرة والدة الله الدائمة البتولية مريم. وفي منطقة نهر الأردن حيث كان يكرز القديس السابق يوحنا المعمدان بالتوبة معمداً بالماء (لوقا 3:3) اعتمد الرب يسوع المسيح منه في الأردن كما يقول الإنجيلي مرقس وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. (مرقس 1: 9) وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. (متى 3: 16-17) بحسب شهادة الإنجيلي.

إن شهادة الرسل والإنجيليين كانت في فكر ونظر وسمع أقوال القديس بولس الرسول وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. (تيطس 3: 4-6)

لقد خرج أبينا البار جاورجيوس إلى خوزيفا هذا المكان والموقع الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس، ولقد أوضحه وجعلهُ جرناً طبيعياً وروحياً حيث يتم التذوق فيه مسبقاً من خلال غُسل المعمودية بحميم إعادة الولادة أي القيامة، فحميم إعادة الولادة هي الميلاد الثاني بحسب ايكومينيوس.

وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ (تيطس 2: 11) التي ظللت أبينا البار جاورجيوس مع القديسين الذين نسكوا معه في المسيح، فتلك النعمة ليست هي إلا الروح القدس الذي نزل بهيئة حمامة على ابن الله الحبيب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في مجاري نهر الأردن.

إن نعمة الله الخلاصية التي صار مشاركاً فيها ومساهماً بها أبينا البار جاورجيوس الخوزيفي تدعونا أن نكون مشاركين نحن أيضاً فيها وأن نكون مقتدين بالقديس جاورجيوس الخوزيفي الذي نعيّد له اليوم ومع المرنم نهتف قائلين:

أيها العظيم جاورجيوس لقد استوطنت في الأرض كغير متجسم، وأنت الآن مع جوق الملائكة غير المتجسمين تنشد معهم التسبيح المثلث للذي أبدعك وإياهم متقبلاً النور الإلهي.