1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ القابل الإله 16-2-2018

لما رأى أشعياء على سبيل الرمز الإله على عرش عال يحتف به ملائكة المجد هتف قائلاً: ويحي أنا التعيس فإني سبقت فرأيت الإله متجسداً وهو سيد السلام والنور الذي لا يغرب.

أي عندما رأى اشعياء الله يجلس رمزياً على عرشٍ عالٍ وتحتف حوله الملائكة بمجدٍ صرخ هاتفاً: ويحي أنا الشقي لأني سبق فرأيت الإله المزمع أن يتجسد الذي هو الرب سيد السلام والنور الذي لا يغرب. هذا ما يقوله القديس كوزماس أسقف مايوما مرتل الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون بالمسيح

أيها المسيحيون والزوار الأتقياء

إن نعمة الروح القدس المنيرة قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس حيث قبر الشيخ سمعان القابل الإله في ضاحية آوروشليم التي هي “القطمون” لكي بشكرٍ نُسبح ونرتل للشيخ القابل الإله ومعه حنة النبية العفيفة اللذين رأيا كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح طفلاً متجسداً.

إذ أن اشعياء النبي قد سبق فرأى على سبيل الرمز كلمة الله متجسداً من والدة الإله العذراء مريم الفائقة البركة. وقد أكد الشيخ البار التقي سمعان على تجسد الإله عندما اقتبل الطفل يسوع في أحضانه عند دخوله إلى هيكل سليمان مباركاً الله وقائلاً: الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ (لوقا 2: 25-32)

إن الإله المتجسد بحسب اشعياء النبي هو الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ. (اشعياء 6: 5) و”خَلاصُ الله”(لوقا 2: 30) بحسب الشيخ سمعان، الذي ليس هو إلا المسيح سيد السلام والنور الذي لا يغرب. لهذا فإن القديس كوزماس يقول بأن ربنا وإلهنا يسوع المسيح هو سيد السلام والنور الذي لايغرب.

وبحسب القديس الحكيم بولس الرسول أن الله يسكن في النور الذي لا يستطيع أحد أن يقترب إليه إذ أنه سَاكِنٌ فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ. (1تيموثاوس 6: 16). وبحسب الإنجيلي يوحنا اللاهوتي بأن الله هو نورٌ يُشعُ قداسةً وحقٌ ولا يوجد بداخله أي جهل أو خطيئة أو ظلام “إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ.” (1يوحنا 1: 5) وبحسب النبي اشعياء إن أوامر الله للإنسان هي نور على الأرض من الليل تبتكر روحي إليك يا الله لأن أوامرك نورٌ على الأرض (اشعياء 26: 9).

إن النور الذي لا يُدنى منه أيها الإخوة الأحبة هو الروح القدس الذي نزل بهيئة ألسن نارية وحل على الرسل في يوم الخمسين (أي يوم العنصرة المقدس) وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (أعمال 2: 3-4).

إن الروح القدس هو الذي ينير ويقدس كل إنسانٍ آتٍ إلى العالم وَاسْتَنَارَتِ الأَرْضُ مِنْ بَهَاء الله. كما يقول يوحنا الإنجيلي (رؤيا 18 :1)

إن الروح القدس المنبثق من الآب الذي هو مع الآب والابن مسجودٌ له وممجد الناطق بالأنبياء، أي أن الروح القدس هو الذي نطق بالبار سمعان الشيخ وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. (لوقا 2: 25-26) لهذا فإن المرتل يقول:” لقد هتف سمعان فَرحاً يقول لجميع المضنوكين بأنهُ قد جاء الفرح وفداء شعب الله قد شوهد حقاً كطفلٍ في هيكلهِ فهتف أطلقني إلى الحياة الأخرى.

ويقول اشعياء عن الطفل الذي يدخل إلى هيكله. لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا. (اشعياء 9: 5) ويفسر القديس أمفيلوخيوس أسقف إيقونية إذ يقول: “قد وُلِدَ ولاسيما أعطي، لكي نراهُ ولاسيما ندركهُ.

إن هذا الطفل هو الذي وُلِدَ في مغارة في بيت لحم من دماء الطاهرة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وحُمِلَ في أحضان البار سمعان منظورٌ ومدركٌ الذي يشاء أن الكل يرثون الخلاص والحياة الأبدية، وهذا يتم من خلال مشاركتنا أيها الإخوة الأحبة في سر الشكر الإلهي أي الذبيحة الإلهية غير الدموية مع ذبيحة التسبيح التي نقدمها لله الآب عبر ابنه يسوع المسيح، كما يُعلّم القديس بولس الرسول فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ للهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ. (عبرانيين 13: 15). وبحسب النبي داؤود ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ. (مزمور 49: 23)

وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة في التقوى الواضحة والتسبيح مع الإيمان الحقيقي هو الطريق المثالي للخلاص لهذا فإن أب الكنيسة القديس ثيوذوريتوس يعلق قائلاً: ليس فقط ضرورياً أن نسبح الله مرتلين بل يجب أيضاً ان نسير ونحيا بنظامٍ وبترتيب.

إن خلاص الله أي المسيح الذي الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ (عبرانيين 9: 14) هو الذي سيجعلنا مستحقين أن نعبد الله الحي كما يقول القديس بولس الرسول.

فها أيها الإخوة الأحبة وقتٌ مقبول وزمان توبة فالمبدع الكل يُخلي ذاته والأزلي يأخذ بدايةً والكلمة يتجسد والجابل يُجبل والغير الموسوع يوسع متجسداً في أحشاء والدة الإله لأجل خلاصنا.

فلنتضرع إلى البار الصديق سمعان القابل الإله نحن المعيدين اليوم لتذكاره المقدس مع القديسة حنة النبية لكي بشفاعاتهم يؤهلنا الله نحن أيضاً لكي نرى خلاص الله ابن العذراء مريم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي له المجد والعزة إلى مدى الدهور آمين.