1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الثاني من الفصح “أحد القديس الرسول توما” في مدينة كفركنا 15-4-2018

يقول زعيم ناظمي التسابيح القديس يوحنا الدمشقي: استنيري استنيري يا أورشليم الجديدة لأن مجد الرب قد أشرق عليك افرحي الآن وتهللي يا صهيون وأنت يا والدة الإله النقية اطربي لقيامة ولدك.

أيها الإخوة المسيحيون المحبوبون

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء

لقد أشرق مجد قيامة ابن العذراء مريم والدة الإله، ربنا يسوع المسيح النور الذي لا يعروهُ مساءٌ، نور القيامة، الذي جمعنا اليوم في هذا المكان المقدس في قانا الجليل لكي بمجدٍ وشكرٍ نهتف لخلاص هذا العالم ولفصح عدم الفساد كما يقول المرتل: لما اضطجعت بالجسد نائما كمائت، يا من هو الرب والملك، أبطلت الموت معطلاً، وفي اليوم الثالث قمت منبعثاً، وأقمت آدم من البلى منهضاً، يا فصح عدم الفساد وخلاص العالم.

لقد سمع القديس يوحنا الدمشقي أقوال اشعياء النبي: اسْتَنِيرِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. (اشعياء 60: 1) فدعا كنيسة المسيح، التي هي آوروشليم الجديدة أن تُنار بنور مجد المسيح القائم.

هذا المجد عينه قد أظهره يسوع بحضوره عرس صديقه سمعان حيث صنع هنا في هذا المكان أولى عجائبه ألا وهي تحويل الماء إلى خمر كما يشهد القديس يوحنا الإنجيلي هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يو 2: 11)

إن مجد القيامة هذا قد أظهره المسيح لتلاميذه ولاسيما للرسول توما الذي قال: إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ (يو 20: 25) فكرز الرسول توما مذيعاً بهذا المجد لجميع الأمم عندما رأى يدي يسوع ووضع يديه في جنب المسيح وصرخ قائلاً: رَبِّي وَإِلهِي

(يو 20: 27-28).

إن مجد الرب الذي أشرق على آوروشليم التي هي الكنيسة، ليس هو إلا من الإله المتأنس مخلصنا يسوع المسيح الذي هو رأس جسد الكنيسة السري والذي نحن أعضاء هذا الجسد ففي داخل كنيسة الإله القائم مخلصنا يسوع المسيح نتذوق نحن مسبقاً أو بالأجدر علينا أن نقول بأننا نحيا بداية عيشة أخرى دهرية كما يقول بوضوح القديس يوحنا الدمشقي: إننا معيدون لإماتة الموت ولهدم الجحيم ولباكورة عيشة أخرى أبدية متهللين ومسبحين من هو علة هذه الخيرات أعني به إله آبائنا تبارك وتمجد وحده.

إن سبب عظمة هذا العيد الفصحي السري والجديد أيها الإخوة الأحبة بحسب القديس يوحنا الدمشقي يعود بأن ليلة القيامة الخلاصية المشعشعة تعرف بأنها سابقة الأنباء بنهار القيامة المضيء الذي فيه أشرق للكل من القبر جسمانياً النور المنزه من الزمان. فبحسب النبي اشعياء إن المسيح هو “النور العظيم” الذي أشرق نوراً على الْجَالِسُينَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ (اش 9: 2) فالمسيح هو النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. (يو 1: 9)

لهذا فإن القديس بطرس الرسول يحث المسيحيين قائلاً: أنتم جنسٌ مختارٌ وأصل وجذر كهنوتكم ملوكيّ، أنتم جنسٌ مقدسٌ مكرسٌ ومقدم لله وشعب خاص لكي تكونوا ملكية خاصة لله وإذ لكم كل هذه المواهب والميزات الخاصة حتى تُذيعوا وتخبروا بمثالكم الصالح عن كمال وفضائل الذي دعاكم من الظلمة والضلال والخطيئة إلى حياته الروحية ونوره العجيب. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. (1 بطرس 2: 9)

وبكلام آخرٍ إنّ مهمة وواجب أعضاء الكنيسة المؤمنين الواعيين هي أن يبشروا ويخبروا إخوتهم من الناس عن كلمات وأقوال حياة المسيح القائم كما يعلمنا ويحثنا الرسل في سفر الأعمال اذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هذِهِ الْحَيَاةِ (أع 5: 20) وإِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ (أع 3: 26)

إنّ المسيحيينَ بشكلٍ عام وأعضاءُ الكنيسةِ بشكلٍ خاص واجبُ عليهم أنّ يعتبروا أنفسهم خداماً لإنجيل المحبة والمصالحة والحرية والبر والسلام بحسب أقوال مخلصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات. لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ (مر 10: 45)

إن كنيسة آوروشليم المقدسة التي هي أم الكنائس المؤسسة على دماء المسيح الخلاصية التي خرجت من جنبه الطاهر قد أصبحت قبل كل شيء خادمةً لنور القيامة أي لحقيقة المسيح إذ يقول الرب وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ (يو 3: 19-21)

وباحتفالنا اليوم بالفصح العظيم المقدس الذي يقدس جميع المؤمنين ويحيي نصر وظفر موت المسيح على موت الفساد والخطيئة، لهذا فبفرح وحبور نهتف مع المرتل قائلين: إننا معيدون لإماتة الموت ولهدم الجحيم ولباكورة عيشة أخرى أبدية متهللين ومسبحين من هو علة هذه الخيرات أعني به إله آبائنا تبارك وتمجد وحده.

المسيح قام….حقاً قام