1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بأحد السامرية

إحتفلت البطريركية الاورشليمية يوم الاحد 6 أيار 2018 بالاحد الرابع بعد الفصح المجيد المعروف بأحد السامرية, وهو تذكار المرأة السامرية التي تحدثت مع الرب يسوع المسيح عند بئر يعقوب وآمنت بأنه المسيح المخلص وبشرت باسمه في كل السامرة حينها آمن بالمسيح كثير من السامريين. حسب السنكسار الكنسي اي سِيَر القديسين اسم هذه المرأه هو فوتيني اي المستنيرة.

بهذه المناسبة اقيم قداس الهي احتفالي ترأسه غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في كنيسة القديسة فوتيني في دير بئر يعقوب في مدينة نابلس وهو الموضع الذي به قابل السيد المسيح المرأة السامرية.

إستقبل غبطة البطريرك مع الوفد المرافق له من السادة المطارنة والآباء رئيس الدير قدس الارشمندريت يوستينيوس, محافظ ورئيس بلدية نابلس وعدد كبير من المصلين المحليين من مدينة نابلس والخارج.

شارك غبطته في القداس الاحتفالي السادة المطارنة , كيريوس كيرياكوس متروبوليت الناصرة, كيريوس اريسترخوس سكرتير البطريركية العام رئيس اساقفة قسطنطيني, سيادة المطران ايلاريون من الكنيسة الروسية, رؤساء الأديرة وآباء من أخوية القبر المقدس, وكهنة الطائفة الاورثوذكسية العربية في مدينة نابلس والقضاء, ورُتلت الصلاة باللغتين العربية واليونانية في اجواء احتفالية .

غبطة البطريرك القى عظة روحية عن معنى هذا الاحد بالنسبة للكنيسة والمؤمنين:

إن الرب المتحنن لمّا وافى إلى البئر فسأَلتهُ السامرية قائلة هبني ماءَ الإيمان يا معطي الحياة فأتناول المعمودية للبهجة والنجاة يا رب المجد لك. هذا ما يقوله مرتل الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

إن ربنا يسوع المسيح مخلص نفوسنا الذي صادف المرأة السامرية ههنا عند بئر رئيس الآباء يعقوب. قد جمعنا اليوم بقوة الروح القدس في هذا الموضع والمكان المقدس لكي نعّيد للمرأة السامرية التي أضحت شريكة في شهادة دم المسيح.

عندما قابل مخلصنا المسيح المرأة السامرية عند بئر رئيس الآباء يعقوب، سألت المخلص أن يعطيها “ماء الإيمان” بحسب شهادة القديس يوحنا الإنجيلي، أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِي”(يوحنا 4: 13-15).

إن ماء الإيمان هذا يُعطى لنا من المسيح وهو نعمة الروح القدس أي قوته الفاعلة التي هي النعمة الإلهية والتي في كثير من المرات هي قويةٌ وسريعة كمياه الأنهار القوية، إذ يقول الرب الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ” (يوحنا 4: 14)

ويفسر زيغافينوس أقوال الرب هذه بأنها” تمنح حياة ابدية” والقديس كيرلس الإسكندري يقول: لها القدرة أن تحيي وتحافظ على النفس لكي تحيا إلى الأبد”

حقا ًأيها الإخوة إنّ، الروح القدس، روح المسيح هو الذي يمنح الحياة الأبدية ويحافظ ويغذي الحياة الأبدية لهذا فإن الرب يقول للمرأة السامرية: أنتم السامريون تسجدون لمن لا تعرفونه وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». (يو 4: 23-24).

وبإسهاب أكثر، أي ستأتي سريعاً ساعة وأستطيع أن أقول إن الساعة قد أتت وهي الآن حيث الساجدون الحقيقيون لله سيسجدون ويعبدون الآب بقوتهم الروحية المُستَنَارة من الله وسيعبدونه ليس عبادة حرفية جامدة وبظلالٍ ولكن عبادةً حقيقية مُلهَمةً مأخوذةً من المعرفة

الحقيقية الكاملة، وذلك لأن الله الآب يطلب مثل هؤلاء الساجدين الحقيقيين لكي يعبدوه. لأن الله روحٌ لهذا فهو غير محصور في مكان لهذا فإن الذين يعبدونه عليهم أن يسجدوا حقاً بقواهم الروحية الداخلية مع تكريس كامل للقلب والذهن لله ومعرفة حقيقية كاملة لله وكيف يجب عبادته.

من اجل معرفة الله الحقيقية قد أتت المرأة السامرية لكي تسمع أقوال يسوع عندما أكد لها قائلا : «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ». (يوحنا 4: 26) أي المسيّا الذي يُقال له المسيح” (يوحنا 4: 25)

فإن هذه المعرفة الحقيقية لله هي التي أظهرت الأنبياء والرسل وجميع الشهداء والأبرار والقديسين ،ومن نُعيّد له اليوم أيضاً القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر هؤلاء جميعهم مجدوا اسم الله وربنا ومخلصنا يسوع المسيح.

إن معرفة الله الحقيقية هي التي أشرقت في ذهن وقلب رؤساء الآباء إبراهيم واسحق ويعقوب ،الذين رأوا نوراً عظيماً أي الروح القدس روح المسيح كما يقول مرتل الكنيسة: يا رب لقد ظهرتَ للجالسين في الظلام بما أنك لم تزل نوراً لا يغيب وحياة الكل فلهذا إذ أبصرك محفل الصديقين ارتكض مسروراً وصرخ قد أتيت لتخلص الكل من العقالات فلنسبح لعزّتك.

إن النور الذي لا يغيب وحياة الكل ليس هو إلا من ماء الحياة أي الروح الإلهي لمخلصنا المسيح كما يقول بوضوح الإنجيلي يوحنا :إنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ .(يوحنا 7: 37-38)

وأيضاً يقول القديس الحكيم بولس الرسول الذي يسمي الروح القدس بماءٍ حيٍ قائلاً :لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا. (1كور 12: 13)

وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة إن أقوال الرب: لكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. (يوحنا 4: 14) لا يتوجه للمرأة السامرية فقط بل لجميع الذين يؤمنون والذين لا يؤمنون.

ونقول هذا لأن الذي يشرب من ماء الحياة هذا الذي يمنحه مخلصنا المسيح يُؤَمِنُ ويُنْقِذُ نَفْسَهُ عبر نعمة الروح القدس والبركات الأبدية ويلبي رغبات نفسه النبيلة وينقذ عطش وظمأ نفسهِ ويخلصها من الموت الروحي.

إن ظاهرة هذا الموت الروحي هو صفة يتميزُ بها عصرنا الحالي وهذا يُلاحظ في الناس المتدينين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص الذين هم مسيحيين بالاسم فقط وليس بالجوهر.

إن كنيسة المسيح هي نبعُ العبادة الحية هي نبع عطية الله ونعمة الروح القدس، فالمسيح هو مأكل ومشرب جميع نفوس الناس العطشانين، الذي هو بحسب الحكيم بولس روح المسيح. بأننا جَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا ( 1كور 12: 13)

فهلّموا أيها الإخوة لنذهب نحن أيضاً إلى ماء حياة إلهنا ومخلصنا المسيح بشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم والقديس فيلومينوس الشهيد الجديد في الكهنة ومع المرتل لنهتف قائلين: إن السامرية هتفت نحو المسيح الكلمة أنت هو ماء الحياة فاسقني إذاً كل حين أنا الظامئة إلى نعمتك الإلهية أيها الرب يسوع لئلا أنضبط أيضاً بغليل الجهل بل أنذر مخبرة بعظائمك.

المسيح قام…حقاً قام

بعد القداس أُقيمت الدورة التقليدية حول الكنيسة وبعدها استضاف رئيس الدير الاب يوستينيوس غبطة البطريرك مع باقي الاساقفة والكهنة والحضور في قاعة الدير على مأدبة غذاء.

httpv://youtu.be/uvnKKZkaOuY

ngg_shortcode_0_placeholder

مكتب السكرتاريةالعام – بطريركية الروم الأرثوذكسية