1

الإحتفال بعيد هامتي الرسل بطرس وبولس في كفرناحوم

إحتفلت البطريركية الاورشليمية يوم الخميس 12 تموز 2018 بعيد القديسَين هامتي الرسل بطرس وبولس في الدير المسمى على اسمهما في كفرناحوم الواقعه على ضفاف بحيرة طبريا.

في هذا الدير بُنيت كنيسة رائعة من قبل المثلث الرحمات بطريرك القدس داميانوس عام 1931, ومنذ عام 1967 كانت الكنيسة والمنطقة المحيطة بها تحت رعاية المثلث الرحمات متروبوليت البتراء جيرمانوس الذي قام بأعمال الترميم والحفريات الأثرية في منطقة الدير بمساعدة الراهب المتوحد طيب الذكر فيليبوس، ومن بعده الراهب ثادوس، الراهبة طيبة الذكر إفدزكيا من أستراليا وطيبة الذكر الراهبة إفلوجيا.

على مدى السنوات ال 20 الماضية إهتم الراهب المتوحد إيرينارخوس برعاية الدير وبرسم الأيقونات البيزنطية على جدران الكنيسة وزراعة المنطقة المحيطة بها وما زال حتى اليوم.

بهذه المناسبة ترأس خدمة القداس الالهي غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة بالخدمة اصحاب السيادة المطارنة كيريوس يواكيم متروبوليت الينوبوليس, كيريوس اريسترخوس رئيس أساقفة قسطنطيني السكرتير العام للبطريركية, كيريوس مكاريوس رئيس أساقفة قطر, آباء من اخوية القير المقدس, كهنة الرعايا الاورثوذكسية العربية في الجليل, وعدد من المصلين المحليين ومن الخارج. وقام قدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في عكا بقيادة جوقة الجليل البيزنطية.

غبطة البطريرك القى كلمته الروحية بهذه المناسبة

 

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد هامتي الرسل بطرس وبولس في مدينة كفرناحوم 12-7-2018

أَشرقَ اليومَ للأَقطارِ موسمٌ بهيج. هو عيدُ الرسولَينِ الحكيمَينِ بطرسَ وبولس. هامتَي الرسلِ الموقَّرَين. ونحن نُعيِّدُ بالتسابيحِ والتَّرانيم. محتفِلينَ بهذا اليومِ المجيدِ وهاتفين: السلامُ عليكَ يا بطرسُ الرسولُ الصَّدِيقُ الصَّادِق. لمعلِّمِكَ المسيحِ إِلهِنا. إِفرحْ يا بولسُ المحبوبُ جدّاً. الكارزُ بالإِيمانِ ومعلِّمُ المسكونة. فيا أَيُّها الزَّوجُ المقدَّسُ المنتَخَب. بالدَّالَّةِ التي لكما. تشفَّعا إِلى المسيحِ الإِلهِ أَن يُخلِّصَ نفوسَنا. هذا ما يقولهُ ناظم تسابيح الكنيسة أفرام أسقف كارياس.

أيها الإخوة المحبوبون بالمسيح،

أيها الزوار المسيحيون الأتقياء،

إنّ مواطني آوروشليم العلوية بطرس صخرة الإيمان، وبولس خطيبُ كنيسة المسيح، زوجيّ الثالوث القدوس وأدوات الروح القدس. قد جَمَعانا اليوم في هذه الكنيسة وهذا الموضع والمكان المقدس في مدينة كفرناحوم لكي بشكرٍ ووقارٍ نعيُّد لذكرى هامتي الرسل المقدسة.

يتميزُ الرسولان بولس وبطرس عن باقي الرسل القديسين بأنهما استبانا من ربنا يسوع المسيح آنيةً مختارةً ومدبري أسرار الله ومعلمي المسكونة.

إن كتاباتهم ورسائلهم المقدسة الملهمةَ من الله يشكلّون ميراثاً ووديعةً لا يمكن دحضها أو إنكارها، فقد تُركِت لنا نحن البشر: من أجل (خلاص نفوسنا) الذي يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِالَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ ­ إِنْ كَانَ يَجِبُ ­ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. (1بط1: 6 -9) كما يعلّم بطرس الرسول.

وبكلامٍ آخر إنّنا نضمنُ ونتيقنُ من المجدِ العتيد، أي خلاصنا، وذلك من خلال أحزان وتجارب هذه الحياة الحاضرة، فلدينا معينٌ في التجارب والاحزان هو الروح القدس الذي يساعدنا ويشدِّدُنا كما يكرز القديس بولس الرسول قائلاً:” فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ.وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. (رو8 :22-23) وَكَذلِكَ الرُّوحُ(القدس) أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا. (رو8 :26).

أيها الأخوة الأحبة لقد أتى مخلصنا يسوع المسيح إلى العالم لا لكي يحُررنا من قيود الخطيئة أي من ظلام الضلال والجهل فقط، بل لكي يقود الإنسان إلى الحرية والحقيقة أيضاً. إذ أنّ الرب يؤكدُ قائلاً:” وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي) يو18 :37) (وهذا يعني أنَّ كلَّ مَنْ لديهِ رغبةً بأن يعرف الحقيقة ويسمعها بفهمٍ ويتقبلُ صوت تعاليمي ويتقيدُ ويلتزمُ بها سيصبحُ مواطناً في مملكتي الروحية).

فجميع الرسل القديسين بشكلٍ عام، وبطرس ومن ثمّ بولس بشكلٍ خاص قد سَمِعوا لصوت الرب وشَهِدوا للحقيقة. لهذا فإنّ ربنا يسوع المسيح خاطب بطرس قائلاً: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِوَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا . (متى 16: 17-19) وأما عن بولس فعندما دعاهُ قال عنهُ: إنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ” (أعمال 9: 15-16) فقد:“اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا. (2كو 12 :4) وقَالَ لِه الرب: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ”. (2كو 12 :9).

أيها الأحبة، إنّ السر الخلاصيّ، سر التدبير الالهيّ في المسيح، لا يمتدُ إلى داخل العالم فقط بل إلى الأبديةِ ومنتهى الدهر وذلك من خلال الكنيسة أيّ جسد المسيح السريّ ومن خلال الذين “سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ (الإلهية). (لو1 :2) لذلك فإنّ الرسل ومن ثم خلفائهم الرعاة الروحيين ومعلِّمي الكنيسة والفاعلين والعاملين في حقل الرب، هم شهود عيانٍ وخدّام الكلمة الإلهية والكرازة الإنجيلية. فهؤلاء هم الذين في الروح القدس يُكَمِلّونَ على الأرضِ وفي الناس عمل يسوع المسيح والرسل كما أوصاهم مخلصنا قائلاً: “اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا(مر 16 :15)

إنّ الكرازة بإنجيل المسيح يّخُص ويتعلّق بكمال إيماننا المسيحي الذي دافعهُ العظيم هو خلاص نفوسنا كما يكرِزُ القديس بولس الرسول قائلاً:” فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّاقَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. (رو11:13-12).

 لهذا فان هامة الرسل القديس بطرس الرسول يدعوا المؤمنين اليوم أن يكون يسوع المسيح رئيس حياتهم مِثالًا ونموذجاً لكي يقتدوا ويتمثلوا به، كما يؤكد الرسول بطرس على هذا في رسالته الأولى اذ يقول:”لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ (2بط 2 :21-22)

نتضرعُ إلى من نُكَرِمهم ونعيّدُ لهم اليوم زوجيّ المسيح المقدس بطرس وبولس لكي بتوسلاتهم وبشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم أن نحظى برحمة ورأّفَاتِ المسيح إلهنا ومخلصنا.

امين

 

بعد القداس استضاف رئيس الدير الاب ايرينارخوس الحضور في ساحة الدير الجميلة الواقعة على ضفاف البحيرة وأعد مأدبة غذاء على شرف غبطة البطريرك والسادة المطارنة والآباء والحضور الكريم.

 

مكتب السكرتارية العام