1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد القديس يوحنا الخوزيفي الجديد

إحتفلت البطريركية ألاورشليمية وأخوية القبر المقدس يوم الجمعة الموافق 10 آب 2018 بعيد رقاد القديس الجديد يوحنا الخوزيفي (وهو روماني ألاصل) الذي كان قد أعلن المجمع المقدس للكنيسة ألاورشليمية قداسته وإعلانه كقديس جديد في أخوية القبر المقدس والكنيسة ألاورثوذكسية سنة 2015. يُذكر أن جسد القديس يوحنا الخوزافي لم يطرأ عليه أي تغيير وما زال محفوظاً في الدير في قبر زجاجي ويأتي الكثير من الزوار للتبارك منه بعد إعلان قداسته.

بهذه المناسبة ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة صلاة السهرانية في الليل وبعدها خدمة القداس ألالهي في دير الخوزافي يشاركه السادة المطارنة كيريوس أريسترخوس السكرتير العام للبطريركية, كيريوس يواكيم متروبوليت إلينوبوليس, آباء من أخوية القبر المقدس ورهبان الدير وكهنة من اليونان, رومانيا, روسيا بالإضافة الى كهنة الطائفة العربية الأورثوذكسية, ورتل مرتلون من مطرانيات مختلفة من اليونان الألحان البيزنطية وحضر عدد من الزوار المصلين من البلاد وخارجها. خلال القداس إستقبل رئيس الدير الأرشمندريت قسطنطين غبطة البطريرك بكلمة ترحيبية, والقى غبطة البطريرك كلمة روحية بهذه المناسبة:

أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّفَلِذلِكَ سَيَنَالُونَ مُلْكَ الْكَرَامَةِ، وَتَاجَ الْجَمَالِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ يَسْتُرُهُمْ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِهِ يَقِيهِمْ. (حكمة سليمان 5: 16 -17)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها الزوار الأتقياء مُحبي هذا العيد،

إن الذكرى المقدسة لكوكب الله اللامع أبينا البار يوحنا الخوزيفي الجديد قد جعلتنا نلتئم اليوم ههنا لكي نقدِّمُ الشكر والتسبيح ممجّدين إلهنا وربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي مَجّدَ أبينا البار يوحنا حيثُ لسنواتٍ عديدةٍ كان يَكْهُنُ في هذا الهيكل الكليّ الوقار.

لقد أحبَّ أبينا البار يوحنا المسيح منذُ طفولتهِ من كل نفسهِ ومن كل ذهنهِ سامعاً لوصية ربنا يسوع المسيح في إنجيل متى الذي يقول تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ (متى 22: 37) فسلكَ طريق النسك الرهباني طريقُ البرِّ، الذي يقودُ لملكوت السماوات واختارَ موضعاً لنسكهِ وجهاداتهِ، صحراء الأردن والمغارات التي لم يسكنها أحد، التي بالقرب من نهر قُراث حيث يقع دير القديس جاورجيوس ويوحنا الخوزيفي، هذا الدير الذي فيهِ اقتبل النور الإلهي جوقٌ عظيمٌ من الأبرار والقديسين الذين لمعوا فيه بالنسك كما يقول المزمور:” النُورُ أَشرق لِلصِّدِّيقينِ، وَالفَرَحُ لمُسْتَقِيمِي الْقلُوب (مزمور96: 11) ويشرح القديس كيرلس الاسكندري هذه الأقوال: النور قد أشرقَ أي قد بزغَ أما في الإنسان الصالح والبار فإن النور الإلهي يُشرق على الدوام في قلبه وعقله.

 هذا هو النور الإلهي العقلي الذي أشرق في ذهن وقلب أبينا البار يوحنا لِذلِكَ نَالَ مُلْكَ الْكَرَامَةِ، وَتَاجَ الْجَمَالِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ (حكمة سليمان 5: 17) فهذا النور الإلهي والعقلي الذي أشرق ليس فقط في ذهنِ وقلب أبينا البار في حياته الأرضية بل أيضا في حياته في السماوات كما يشهد على هذه الحقيقة الصادقة جسده الكامل غير البالي الموضوع أمام ناظر أعيننا في هذا الناووس مُفيضاً لنا بنعمة الروح القدس.

 فها قد اتضحَ لنا لماذا يقول الحكيم سليمان: أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ (حكمة سليمان 5: 16)، والنبي داؤود يحث قائلاً: أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ (مز 54 :22) وأيضاً يؤكد هذا القديس بطرس قائلاً:” مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ “أيْ عَلَى الرَب”، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. (1بط 5 :7)

وبكلامٍ آخر أيها الإخوة الأحبة إن الصدّيق أو البار بحسب المسيح هو الذي يَصِلُ من خلال سيرتهِ الفاضلة ليكونَ على مثال الله. كما يقول القديس باسيليوس الكبير وإِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. (أفسس 4: 13) كما يقول القديس بولس.

إن الصدّيق أو البار هو ذلك الذي يستطيعُ الوصول إلى التألهِ أي الكمال في المسيح، ليس من خلال قوته الشخصية والذاتية بل من خلال إرادته الحرة بمعاضدة ومعونة النعمة الإلهية.

ويذكر القديس بولس الرسول عن الحياة الجديدة في المسيح فيعظ فينا قائلاً: الْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ. (أفسس 4: 24) فقد لبس أبينا البار يوحنا هذا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله.

إننا نحن المقيمون اليوم تذكار أبينا البار القديس يوحنا الخوزيفي مدعوّون أن نفتكر جيداً هل نحن مستحقون أن نُسَمى مسيحيين؟ وأن نفتكر أيضاً بإيماننا المسيحي الذي أُنشِا على العدل والتقوى وبر الحقيقة أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي (يوحنا 14: 6)

وبكلام آخر لا يكفي أن نخلع إنسان الخطيئة القديم بل علينا أن نلبس الإنسان الجديد الذي هو إنسان نعمة الروح القدس كما يوصي القديس بولس الرسول قائلاً قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ.لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ (أي الحفلات)، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ. (رومية 13: 12-14)

لقد طبق أبينا البار يوحنا أقوال القديس بولس الرسول الملهمة من الله بالأعمال والأفعال فأصبح نوراً منيراً لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ. (لوقا 1: 79) ليضيء على إنسان عصرنا الحالي عصر الفوضى والاضطراب فقد سبق وتنبأ أبينا البار يوحنا كاتباً ما يلي: إن الإنسان يقوم بإعداد برج بابل مجدداً على الأرض مريداً بذلك أن يُدمر إرادة الناموس الإلهي فقد تبلبلت الألسن واختلطت وسوف لن يتوانى أن تأتي ساعة الاشتباك والقتال.

ختاماً نتضرع إلى من يطربُ مع الملائكة في الأعالي أبينا البار يوحنا الخوزيفي الجديد الكوكب اللامع وصديق المسيح لكي يبتهل مع سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم من أجل خلاص نفوسنا من أجل أن يسود السلام في منطقتنا الممتحنة بأنواع التجارب.

آمين

بعد خدمة القداس أعد آباء الدير مأدبة طعام على شرف البطريرك والسادة المطارنة والآباء والمصلين.

 مكتب السكرتارية العام