1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد التجلي

إحتفلت البطريركية الاورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الاراضي المقدسة يوم الأحد 19 آب 2018 بعيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على جبل طابور.
” و بعد هذا الكلام بنحو ثمانية ايام اخذ بطرس و يوحنا و يعقوب و صعد الى جبل ليصلي و فيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة و لباسه مبيضا لامعا و اذا رجلان يتكلمان معه و هما موسى و ايليا اللذان ظهرا بمجد و تكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم و اما بطرس و اللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما استيقظوا راوا مجده و الرجلين الواقفين معه و فيما هما يفارقانه قال بطرس ليسوع يا معلم جيد ان نكون ههنا فلنصنع ثلاثة مظال لك واحدة و لموسى واحدة و لايليا واحدة و هو لا يعلم ما يقول و فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحاب و صار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا و لما كان الصوت وجد يسوع وحده و اما هم فسكتوا ولم يخبروا احدا في تلك الايام بشيء مما ابصروه”. (لوقا الاصحاح9 28-36).

الاحتفال في جبل طابور

اقيمت صلاة السحر وخدمة القداس الالهي (في منتصف الليل) بعد صلاة السهرانية في باحة دير التجلي في جبل طابور, حيث نُصبت المائدة المقدسة على منصة كما تُجرى العادة, وترأس خدمة القداس الالهي غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث شاركه بالخدمة اصحاب السيادة المطارنة كيريوس اريسترخوس رئيس أساقفة قسطنطيني السكرتير العام للبطريركية, كيريوس ميثوذيوس رئيس أساقفة جبل طابور, كيريوس يواكيم متروبوليت الينوبوليس, كهنة الطائفة الاورثوذكسية من قرى ومدن الناصرة والجليل وعدد من آباء أخوية القبر المقدس, كهنة الكنائس الاورثوذكسية الشقيقة من رومانيا, روسيا, اليونان واوكرانيا. وقاد خورس الترتيل بالعربية قدس الارشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في مدينة عكا. وحضر عدد كبير من المصلين كما في كل عام من جميع قرى ومدن الجليل ومنطقة الناصرة بالاضافة الى زوار من روسيا, اليونان, رومانيا اوكرانيا وقبرص.

والقى غبطة البطريرك كلمة للمؤمنين بمناسبة هذا العيد:

لقد أخذ المسيح بطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبلٍ عالٍ على انفرادٍ. وتجلّى قدّامهم. فأشرق وجههُ كالشمس. وصارت ثيابهُ بيضاءَ كالنور. وظهر موسى وإيليا يتكلّمان معهُ. وظلّلتهم سحابةٌ منيرةٌ. وإذا صوتٌ من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي بهِ سُررت. فلهُ اسمعوا. هذا ما يتفوهُ بهِ مرنمُ الكنيسة

 أيّها الإخوة الأحباء،

أيّها الزّوار الأتقياء الحسني العبادة،

إن ّ اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ (مز 103 :2) ربنا ومخلصنا يسوع المسيح قد جمعنا اليوم من كافة أقطار الأرض على جبل ثابور المقدس، لكي نحتفل في حدث تجليهِ البهيّ الخلاصيّ ونصبحُ مساهمين ومشاركين في نورِ ثابور.

نورٌ هو الله الآب، نورٌ هو الابنُ وكلمة الله، نورٌ هو الروح القدس الذي يُنير الخليقة كلها كما يقول المرتل. إن هذا النور الأزلي هو الذي أشرقَ وأضاء من وجه المسيح عند تجلّيه على هذا الجبل المقدس كما يشهدُ بذلك الإنجيلي متى، أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَوَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (متى 17: 1-2)

 ويُجيب القديس يوحنا الذهبي الفم على سؤال: ماذا يعني التجلي؟ وماذا يعني بأن يسوع المسيح قد تَجلّى؟ فيقول بأن يسوع المسيح لم يُظهر كلَّ ألوهتهِ ومجدهِ بل قوةً صغيرةً منها بقدر ما كان يستطيع التلاميذ الموجودين رؤيتها.

ويستند القديس غريغوريوس بالاماس على تعليم الآباء المتوشحين بالله إذ يقول بأن الجميع يستطيعون أن يتذوقوا فرح نور التجلي وذلك لأن نور تجلي مخلصنا يسوع المسيح هو مقدمة ضياء ونور الحياة المستقبلية للمختارين في ملكوت السماوات كما يقول الرب لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ (متى 22: 14)

يقول القديس غريغوريوس بالاماس إن هذا النور قد رآه منتخبي تلاميذ المسيح كما نسمع في تراتيل هذا العيد الإلهي فقد رأوا على جبل ثابور بهاء جمال العنصر الإلهي الذي يفوق النور لمعاناً وبهاءً. رأوا الجمال الإلهي الذي يفوق كل عقلٍ وكل فكرٍ الذي بمعونته يستطيع الإنسان أن يصير إلهاً وأن يخاطبه وجهاً لوجه. رأوا ملكوت الله الأبدي والدهري الذي لن يكون بعده أيَ مملكةٍ ولا يستطيع أي عقل بشري أن يستوعب هذا النور ويُدركه بفكره، وذلك لأنه نورٌ سماويٌ نقيٌ أزليٌ بهيٌ دهريٌ يُنشئُ عدم فساد مُؤلهٌ الذين يستحقون التأله. رأوا النعمة الواحدة التي للآب والابن والروح القدس. قد عاينوها بأعينهم الجسدية بطريقة تفوق الطبيعة.

إن نور ثابور أيها الإخوة الأحبة يستطيع أن يُدركه المؤمن التقي من خلال التواضع والمحبة الكاملة للمسيح. عدا عن هذا فإن جميع قديسي كنيستنا قد صاروا مشاركين في هذه الخبرة وقد أدركها ووصل لها القديسون والأبرار وشهداء الكنيسة الذين قدموا ذواتهم لأجل محبة المسيح والأبرار عبر الصلاة المستمرة وتطهير ذواتهم على الدوام، فالقديس يوحنا الدمشقي يقول: بأن الهدوء هو أم الصلاة فالصلاة هي ظهور المجد الإلهي فعندما نحفظ حواسنا ونكون في خلوة مع الله (وتتوطدُ علاقتنا  بالله) فنتطهر ونتحرر من غوغاء واضطراب العالم ونعود لأنفسنا عندها سندرك بوضوح بأن ملكوت الله في داخلنا، فالمسيح هو الحياة، وهذه الحياة موجودة في أعماق كلّ إنسان منّا،وذلك لأن ملكوت السماوات التي هي مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ (لوقا 17: 21)   كما قال الرب وما علينا إلّا الغوص لاكتشاف الحياة الأبديّة، والملكوت الذي يدعونا الله إليه.

 إن هذا الحدث العجيب والُمستَغرَبْ الذي صار يوم تجلي مخلصنا يسوع المسيح يختص بسر التدبير الإلهي والذي قمتهُ هي آلام صليب ربنا وقيامته من بين الأموات ولنسمع ماذا يرنم مرتل الكنيسة قائلاً:” لمّا تجلّيت قبل صلبك يا رب، شابه الجبل سماءً، وانبسطت السحابة كمظلّة، وشُهد لك من لدن الآب. وكان حاضراً بطرس مع يعقوب ويوحنا، بما أنّهم يكونون معك في حين تسليمك. حتى إذا شاهدوا عجائبك لا يجزعوا من آلامك. فأهّلنا أن نسجد لها بسلامٍ لأجل رحمتك العظمى.

وبكلام آخر إن الهدف الثاني من ظهور المجد الإلهي أي قوة ربنا هي إظهار بهاء وضياء حالة ما بعد القيامة. وهذا ما يؤكد عليه القديس بطرس الرسول في رسالته الثانية الجامعة إذ يقول: إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُلأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ».وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. (1 بطرس 1: 16-18)

ومن خلال شهادة القديس بطرس الرسول الشخصية الصادقة يدعونا جميعاً اليوم نحن مكرمي تذكار حدث التجلي الإلهي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح أن نصبح وارثين لنور مجد ثابور الذي لا يُسبر غوره لأَنَّ إِرَادَةُ اللهِ هِيَ قَدَاسَتُكُمْ. (1 تسالونيك 4: 3). وذلك من خلال تغيّر كامل في الذهنية والاهتمامات والتصرّفات وعدم إدانة الآخرين والسعيّ الدائم إلى التوبة من خلال جهادٍ حقيقيّ مقرونٌ بالصلاة والصوم من دون كللٍ أو ملل.

وختاماً مع المرنم نهتف ونقول لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. وبِنُورِكَ نُعاينُ نُورًا. (مزم 35: 10) فأهلنا لاستنارتك أيها المسيح إلهنا بشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وتضرعات الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا.  وبتوسلات الأنبياء المجيدين موسى المعاين الله وإيليا الراكب المركبة النارية واجعلنا مستحقين لمعاينة نورك الأزليّ.

آمين

خلال القداس الالهي اشترك المصلون في سر المناولة المقدس لغفران الخطايا والشركة مع المسيح المخلص, وقام غبطة البطريرك بقراءة صلاة العنب حسب الطقس المتبع لهذا العيد.
في الصباح  ترأس سيادة رئيس أساقفة بيلا فيلونيموس خدمة القداس الالهي بمشاركة كهنة ورعايا الطائفة العربية الاورثوذكسية في الجليل  ومن أخوية القبر المقدس.

في الجسمانية

ترأس خدمة صلاة العيد سيادة رئيس أساقفة سبسطية كيريوس ثيوذوسيوس يشاركة عدد من كهنة ورهبان أخوية القبر المقدس بحضور عدد من المصلين والزوار .

في رام الله

اقيمت خدمة القداس الالهي في دير التجلي حيث تراس الخدمة سيادة رئيس أساقفة جرش كيريوس ثيوفانس بحضور أبناء الرعية الاورثوذكسية في رام الله, واشترك المصلون بسر المناولة المقدس وبصلاة العنب حسب العادة. وإستضاف رئيس الدير الأرشمندريت غلاكتيون سيادة المطران والمصلين على مائدة طعام.

مكتب السكرتارية العام