1

الإحتفال بعيد عيد رئيسيّ طغمات الملائكة العظيمين ميخائيل وجبرائيل وسائر القوات السماوية في مدينة يافا

إحتفلت كنيستنا الروم الارثوذكسية والبطريركية الاورشليمية يوم الأربعاء 21 تشرين ثاني 2018 بعيد جامع لرؤساء الاجناد ميخائيل وجبرائيل وسائر القوات العادمي الاجساد الشاروبيم والسارافيم, فاكراما لهؤلاء الخدام الالهيين حماتنا وحراسنا رأت الكنيسة الارثوذكسيه واجباً ان تقيم تذكارا احتفاليا في هذا اليوم نجتمع فيه للاحتفال والترتيل لهم قاطبة, وعلى الخصوص لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل اللذان ورد ذكر اسميهما في الكتب المقدسة.

بهذه المناسبة أقيمت خدمة القداس الالهي الأحتفالية في دير البطريركية في مدينة يافا في الكنيسة التي تحمل إسم رئيس الملائكة ميخائيل , وترأس صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الألهي بمشاركة أصحاب السيادة المطارنة كيريوس كيرياكوس متروبوليت الناصرة, كيريوس دماسكينوس رئيس أساقفة يافا والوكيل البطريركي في يافا, كيريوس أريسترخوس السكرتير العام للبطريركية رئيس أساقفة قسطنطيني, كيريوس يواكيم متروبوليت ألينوبوليس, ومن الكنيسة اليونانية متروبوليت كلامارياس يوستينيوس, آباء من أخوية القبر المقدس, كهنة الرعايا الأورثوذكسية, الشمامسة الأب ماركوس والأب إفلوغيوس. وحضر القداس عدد من الرهبان والراهبات والعديد من المؤمنين والزوار المحليين من مدينة يافا والمدن المجاورة ومن اليونان, روسيا ورومانيا, والسفير اليوناني في تل أبيب. كذلك حضر طلاب المدرسة الأورثوذكسية في يافا الذين قاموا بإلقاء كلمة معايدة عل صاحب الغبطة خلال القداس الإلهي. وُتلت صلاة القداس باللغات اليونانية, العربية, الروسية والرومانية.

خلال القداس الإلهي القى غبطة البطريرك كلمة روحية بهذه المناسبة: 

يُكرزُ القديس بولس الرسول في رسالتهِ إلى العبرانيين قائلاً: لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ» (عب 1: 13)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الأتقياء،

إن كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة تُكرم بوقارٍ وإجلالٍ اليوم هذا العيد المقدس الجامع لرؤساء الملائكة وسائر الطغمات السماوية غير المتجسدة أي ملائكة الله والذين هم بحسب شهادة الكتاب المقدس أرواحاً خادمةً لا يعملون من تلقاء أنفسهم بل يُرسلون من الله لخدمة أولئك المزمعون أن يرثوا الحياة الأبدية أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ (عب 1: 14)

إن الملائكة معروفون لدينا من ربنا ومخلصنا يسوع المسيح نفسهُ الذي هو أذاع وأكدّ وجودهم من جهةٍ ومن الجهة الأخرى من عَملهِم أي دورهم في الخدمة إذ يقول الرب:” لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي …وَبِكَلاَمِي فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ. (مر8 :38)

وفي أيام حياة الإله المتأنس مخلصنا يسوع المسيح على الأرض فقد كانت تظهر الملائكة لتخدم المسيح وتُمجده وتشهد له مثل الملاك جبرائيل الذي بشر العذراء مريم بولادة يسوع (لوقا 1: 26) “وملاك الرب” ظهر ليوسف (متى 1: 20) وللرعاة (لوقا 2: 8) وظهر بغتةً مع الملاك جمهورٌ من الجند السماويين يُسبحون الله ويُمجدونه لولادة المسيح (لوقا 2: 13-15). وآخرون كانوا يخدمونه في البرية بعد أن جُرّبَ ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ (متى 4: 11) وأيضاً قبل آلامه الطاهرة في جبل الزيتون ظهر لهُ ملاكٌ من السماء يقويهِوَظَهَرَ (للمسيح)مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ (لو 22: 43)

وأيضاً ملائكةً بشرن النسوة الحاملات الطيب بقيامة المسيح:” فإِذَا رَجُلاَنِ(ملائكة) وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ (لوقا 24: 4) وملاكان أخبرا التلاميذ عن مجيئه الثاني أثناء صعود المسيح إلى السماوات وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، وَقَالاَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ (أعمال 1: 10)

ويقول القديس بولس الرسول عن الملائكة أنهم يُقسمون إلى طغماتٍ ورتبٍ يُسَمون: الرئاسات، السلاطين، القوات، السيادات، العروش، الملائكة، رؤساء الملائكة (أف 1: 21/ 3: 10/6: 12) (كول 1: 16) (1تسالونيكي 4: 16) (يهوذا 1: 9).

وبحسب القديس ذيونيسيوس الأريوباغيتي فإن الملائكة ذوات الستة الأجنحة السيرافيم والشيروبيم كثيرو الأعين لهم مكانة خاصة إذ يُسبحون الله بدون توقف مرنمين التسبيح المثلث التقديس: قدوسٌ قدوسٌ قدوسٌ رب الصباؤوت السماء والأرض مملوئتان من مجدك أوصنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب أوصنا في الأعالي.

ويتميز بين الملائكة رئيسَا الأجنادِ السماوية: ميخائيل وجبرائيل. إذ يُعتبر الملاك ميخائيل المُميز والبارز بين قوات الملائكة العادمة الأجساد والحق أن أعمال رئيس الملائكة ميخائيل ظاهرةً في العهدين القديم والجديد ولاتحصى. وهذا لأن رئيس الملائكة ميخائيل كما يقول السنكسار هو بهيٌ بقداسته، وساميٌ بعلوهِ، ومهيبٌ برفعتهِ، ولكونه الخادم الأمين، والممتن للإله الضابط الكل، وحامي الجنس البشري فقد حظيَ بمنزلةٍ رفيعة فَحصَل من الله أن يكون رئيس صافَّات القوات العلوية والعقلية الغير الهيولية. فعندما عاين رئيس الملائكة ميخائيل، جحود الشيطان ومن ثم سقوطه مثل البرق من السماء، انعقد محفل الملائكة، فهتفَ بهم قائلاً: “فلنصنع” فسبحت الخليقة كلها الرب قائلةً:” فلننتبه فنحن جميعاً مخلوقاتٍ أبدعها الرب انظروا ما قد حل بأولئك الملائكة ” فقد كانوا أنواراً معنا، وأصبحوا الأن ظلاماً قاتمًا. لذلك دعي هذا المحفلُ بمحفل جامع للملائكة من أجل يقظتهم واتفاقهم ووحدتهم.

ولنسمع ماذا يقول مرتل الكنيسة: إن ميخائيل رئيس رُتَب القوات العلوية. وزعيم الصافّات الإلهية. الذي يُرافقنا كلّ يومٍ مؤازراً ويحفظ الجميع من كل تجارب ومِحَن الشيطان. قد دعانا اليوم إلى الاجتماع والاحتفال بموسمه. هلمُّوا إذن يا محبي الأعياد ويا محبي المسيح. لنكرم عيده هذا الحافل مقتطفين زهور الفضائل بعقول طاهرة وضمائر نقية مستقيمة. لأنه في مثوله على الدوام لدى الله وترنيمه بالتسبيحة الثلاثية التقديس يتشفع في خلاص نفوسنا.

إن كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة تُكرم بشكلٍ خاص ذكرى الطغمات الملائكية وذلك لأن القوات الملائكية يُشكلون الكنيسة السماوية غير المنظورة، وبتجسد ابن الله ربنا يسوع المسيح حَصَلَ جِنسُ البشرِ على النعمةِ والحق اللذين يُشكلان وحدة وروابط جنسنا البشري وخليقتنا المنظورة المخلوقة بالعالم الروحاني اللاّهيولي غير المنظور.

بكلامٍ آخر إن الملائكة القديسين بشكلٍ عام ومن نُعيد لهم اليوم رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل كأرواح خادمةً لله يخدمون كنيسة المسيح على الأرض، لهذا فإن مرتل الكنيسة يبتهل متضرعاً طالباً حماية ومساعدة الملائكة قائلاً:

أيٌّها المتَقَدِّمونَ على الجُندِ السماويِّين. نَتوسَّلُ إليكم نحنُ غيرَ الُمستحقِّين. حتى إنَّكم بطَلِباتِكم تكتَنِفونا. بِظلِّ أجنحَةِ مَجدِكُمُ اللاَّهيولي. حافظينَ إيَّانا نحنُ الجاثينَ والصارخينَ بغيرِ فتورٍ. أنقِذونا مِنَ الشدائِد. بما أنَّكم رُؤساءُ مَراتِبِ القُوَّاتِ العُلويَّة.

ويتميز رئيس الملائكة ميخائيل عن الطغمات الملائكية أنهُ كان معايناً لسقوط الملاك لوسيفوروس وزبانيته أي الشياطين وضخامة عدد الساقطين بسبب تشامخهم وغرورهم وكبريائهم فتدخلَ رئيس الملائكة ميخائيل وهتفَ بالملائكة الباقين: لنقف حسناً لنقف بخوفٍ لنصغ! وهكذا أوقف جحودهم وارتدادهم ووحّدَ مكانة الطغمات الملائكية.

ويذكر القديس الإنجيلي يوحنا في سفر الرؤيا بأنه نشبت حربٌ بين رئيس الأجناد ميخائيل وملائكته وبين التنين وملائكته الساقطين. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ. (رؤيا 12: 9)

إننا نحن المعيدون اليوم والمحتفلون بالعيد الجامع لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل ولسائر الطغمات السماوية العادمة الأجساد فهم يدعوننا جميعاً لكي نكون مشاركين في جسد المسيح السري أي كنيستهِ بيقظةٍ أو الأفضل أن نقول بانتباهٍ أي في اتفاقٍ ووحدة بشفاعة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتضرعات رئيس الملائكة ميخائيل لدى الله آمين.

بعد خدمة القداس الألهي أعد سيادة المطران دماسكينوس مأدبة غذاء على شرف غبطة البطريرك وأصحاب السيادة والآباء والحضور الكريم في قاعة الدير.

مكتب السكرتارية العام