1

تذكار القديسين جوارجيوس ويوحنا الخوزيفيين في دير الخوزيفا

احتفلت بطريركية الروم الاورثوذكسية بعد يومين من عيد الظهور الالهي يوم الإثنين الموافق 21 كانون الثاني 2019, بعيد دير الخوزيفي تذكاراً واكراماَ لبانيَي الدير القديسين جوارجيوس ويوحنا الخوزافيتي.
يقع هذا الدير غربي مدينة اريحا في الوادي الذي يسمى وادي قلط, وسكن النساك والرهبان هذا الوادي منذ القرن الثالث الميلادي، فقد سكنوا في البداية في الكهوف ثم في كوات صغيرة في الصخر، لكنهم بدؤوا في بناء الأديرة في القرنين الخامس والسادس، ودير القديس جوارجيوس هو الوحيد الذي نجا من التدمير خلال فترة الغزو الفارسي سنة 614 بعد الميلاد، وبعد ذلك دُمر هذا الدير وقتل العديد من الرهبان والنساك في داخله، ويعرض فيه العديد من الجماجم للرهبان القتلى.

القديس يوحنا أتى الى هذا الوادي للتنسك من اسقفية قيصاريا في فلسطين في القرن الخامس ميلادي, اما القديس جوارجيوس فقد أتى من جزيرة قبرص في القرن السابع ميلادي.

غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث ترأس خدمة صلاة الغروب وخدمة القداس الالهي في الدير يشاركه رهبان الدير وآباء من أخوية القبر المقدس,  ومن كنائس اورثوذكسية أخرى,  وحضر ايضاً عدد من المصلين المحليين وزوار من الخارج. .

وقد القى غبطة البطريرك كلمة روحية بهذه المناسبة:

 

يقول الرب اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ (متى 11: 30)
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها الزوار الأتقياء

نمجد ابن الله الوحيد الذي هو بغير أبٍ من جهةِ أمّهِ وبغير أمٍّ من جهة أبيه، فإننا في عيد الميلاد رأيناك طفلاً وأما في عيد الأمس، عيد الظهور الإلهي، فرأيناك كاملاً يا إلهنا الذي بزغ ظاهراً من الكامل كاملاً. وأما اليوم فنراه هنا في دير خوزيفا ومحيط نهر الأردن. اليوم نراه عجيبٌ في قديسيه وأبراره ولا سيما يوحنا ويوحنا الجديد مع جوارجيوس (الذين يُنَجّون ويُعتقون من الظلمة ويُشرقون بنور المعرفة الإلهية ويبتهجون مع القوات السماوية لكل أولئك الذين يُسبحون الله ويُمجدونه).

نمجد الله الواحد المثلث الأقانيم الذي دعانا اليوم جميعنا إلى هذا الاجتماع الشكري لكي نُكرّم مُعيّدين أبينا البار جوارجيوس العظيم في النساك في برية الأردن ووادي قُراث، فهو من إحدى قُرى جزيرة قبرص وقد أتى ههنا في هذه الأراضي المقدسة حيث دوت كرازة التوبة للقديس السابق يوحنا المعمدان الذي كَانَ يَكْرِزُ قَائِلًا: يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. (مرقس 1: 7-8)

لقد استنار أبينا البار جاورجيوس من الروح الإلهي فأتى إلى هذه البرية وحلَّ فيها مُقتفياً آثار رجال قديسين كالقديس إيليا النبي من جهةٍ وعاملاً بأقوال الرب من جهةٍ أخرى اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ (متى 11: 30) إذ يهتف المرنم قائلاً: لقد إلتحفت بالعشق الإلهيّ أيها المغبوط جوارجيوس وارتحلت إلى مساكن صهيون حيث أنت هناك على الدوام فإنك قمعتَ جسدك حتى الموت أيها الحكيم فإنك لم تتهاون أصالةً بأن تبلغ بواسطة النسك والمشاق إلى صهيون السماوية.

إن الكنيسة تُكرم ذكرى قديسيها بوقارٍ وإجلال وذلك لأن الأنبياء وقديسي الناموس قد سبقوا وأخبروا البشرية مُتنبئين بملكوت السماوات كما كان يُكرز سابق الرب يوحنا المعمدان في برية اليهودية قَائِلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ (متى 3: 2)
والقديس بولس الرسول يقول أنتم الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (غلاطية 3: 27) 
فالمسيح الذين نحن مدعوون أن نلبسه ليس هو إلا آدم الجديد الذي بزغ ظاهراً من أبِ النور الإلهي الذي شهدَ لهُ نزول الروح القدس بهيئة حمامةٍ في مجاري نهر الأردن عند اعتماده من يوحنا.

إن المسيح آدم الجديد الذي سُمِعَ له الصوت وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. (مرقس 1: 11) قد لبسه القديس جاورجيوس النور الذي لا يَعروه مساءٌ. ونقول هذا لأن المسيح هو النور الحقيقي أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ (يوحنا 8: 12) وأما القديس الحكيم بولس فيقول وَالْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ (أفسس 4: 24) وهذا يعني أن القديس بولس يطلب منا أن نلبس الإنسان الجديد الذي هو الخليقة الجديدة المُكوّن بحسب إرادة الله لكي نتزين بالبر مُكرسين أنفسنا بالقداسة أمام الله أي بالفضائل التي هي ثمر الحقيقة الإنجيلية.

حقاً أيها الإخوة الأحبة إن نير ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح هيّنٌ وحمله خفيفٌ أي بكلام آخر إن نير المسيح أي طاعة المسيح وتعاليمه هي بلسمٌ لطيفٌ نافعٌ جداً لذلك الذي يحمله. وحمل الواجبات والمتطلبات التي يطلبها منّا المسيح هي خفيفة. وهذا حقاً ما أوضحه أبينا البار جاورجيوس الخوزيفي الذي نُعيّد له اليوم والذي صار نموذجاً ومثالاً يُقتدى به للأبرار والقديسين ولكل الذين لمعوا بالنسك ههنا كالقديس يوحنا الخوزيفي والقديس يوحنا الخوزيفي الجديد الذي من رومانيا.

ختاماً نتضرع إلى مخلصنا المسيح الذي خلع عنا ثوب الموت الذي لآدم القديم بولادته من القديسة العذراء والدة الإله الذي حلّ وتجسد في بطنها الكلمة المتجسد. لكي بشفاعات القديس أبينا البار جاورجيوس الخوزيفي مع الأبرار الذين نسكوا في خوزيفا أن نحظى بالاستنارة الإلهية استنارة الذي ظهر في نهر الأردن نحن مكرميهم عن إيمان. 
آمين

بعد خدمة القداس في الليل أعد الرئيس الروحي الأرشمندريت قسطنطين ورهبان الدير مادبة طعام على شرف غبطة البطريرك والآباء والزوار.

بعد إكرام هذين القديسين, يقوم هذا الدير المقدس دائماً بتكريم النساك الخمسة الأوائل الذين تنسكوا وعاشوا حياة الرهبنة والتقشف في هذا الدير في القرن الرابع ميلادي وهم: بروموس, ايلياس, ليان,غانيوس وزينوناس, والقديس يوحنا الروماني الخوزريفي الجديد الذي أعلن المجمع المقدس للكنيسة الأورشليمية قداسته حديثاً.

مكتب السكرتارية العام