1

الإحتفال بأحد السجود للصليب الكريم في البطريركية

احتفلت الكنيسة الاورثوذكسية والبطريركية الاورشليمية يوم الاحد 31 آذار 2019 بأحد السجود للصليب الكريم المحيي لتقوية النفوس في مسيرة الصوم الاربعيني المقدس وهو الاحد الثالث من الصوم.

صلاة الغروب
 توجه غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث الى كنيسة القيامة من دار البطريركية مع موكب آباء اخوية القبر المقدس, وعند الوصول الى الكنيسة تم السجود في موضع انزال الجسد المقدس ثم توجه غبطته للسجود في القبر المقدس ورُتلت ترتيلة الصليب “خلص يا رب شعبك”. بعدها توجه غبطته مع السادة الاساقفة والآباء الى داخل كنيسة الكاثوليكون (تسمى ايضاً كنيسة نصف الدنيا) مقابل القبر المقدس لِتَرأُس خدمة صلاة الغروب وصلاة تقديس الخبز.

صلاة العيد
يوم الاحد الثالث من الصوم وهو عيد السجود للصليب المحيي, توجه غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث مع أساقفة وكهنة اخوية القبر المقدس الى كنيسة القيامة من دار البطريركية للبدء بصلاة العيد.
وبعد السجود في موضع انزال الجسد المقدس وتلاوة الطلبات حسب الطقس الكنسي توجه غبطته الى الكنيسة مع الاساقفة والكهنة لارتداء اللباس الكهنوتي, ثم توجهوا داخل القبر المقدس للبدء بخدمة القداس الالهي كما هي العادة حسب بروتوكول البطريركية.
شارك غبطته بالخدمة سيادة متروبوليت كابيتاليوس كيريوس ايسيخيوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة اللد كيريوس ذيميتريوس, سيادة رئيس أساقفة طابور ميثوذيوس, سيادة رئيس أساقفة جرش ثيوفانس, سيادة متروبوليت إلينوبوليس كيريوس يواكيم, سيادة رئيس أساقفة أنثيدون نيكتاريوس, سيادة متروبوليت فرنسا عمانوئيل وسيادة متروبوليت اندريانوبوليس أمفيلوخيوس من البطريركية المسكونية, وعدد كبير من آباء وشمامسة اخوية القبر المقدس وآباء من كنائس اورثوذكسية اخرى.
كما وحضر القداس الالهي حشد من المصليين المحليين وحجاج من اليونان, روسيا ورومانيا, والقنصل اليوناني العام في القدس السيد خريستوس سفيانوبولوس.

بعد خدمة القداس الالهي تمت دورة الصليب حول القبر المقدس ثلاث مرات, وكما هي العادة حسب الطقوس في البطريركية يحمل البطريرك والاساقفة الصليب الذي يحوي بداخله قطعة من خشبة الصليب الحقيقي الذي صلب عليه الفادي المخلص الرب يسوع المسيح, ويضعونه على رؤوسهم أثناء الدورة.
بعد أنتهاء الصلاة قُرعت ألاجراس وتوجه الموكب البطريركي الى دار البطريركية للضيافة وتقبّل التهاني.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد السجود للصليب الكريم المحيي 

   إن العدوَّ في الفردوس قديماً عرَّى آدم بواسطة العود وجلب الموت لأجل المذاقة، وأما عود الصليب فانغرس على الأرض آتياً للبشر بلباس الحياة واستوعب العالم بأسره كل فرح فلنشاهده أيها الشعوب مسجوداً له ونصرخ لله بإيمان ونغمات مؤتلفة أن بيته مملوءٌ مجداً. هذا ما يقوله مرتل الكنيسة

سعادة القنصل العام لدولة اليونان السيد خريستوس سوفْيَنُوبُولُوس المحترم،

أيها الآباء الإخوة الأجلاء،

الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

إنّ اليوم أيها الإخوة الأحبة يوم السجود للصليب الكريم، فقمنا بالذهاب إلى مكان الجلجثة أي موضع الجمجمة حيث احتمل من أجلنا ربنا يسوع المسيح آلام صليبه الرهيبة وأيضاً قام من بين الأموات. فباحتفال شكري وتمجيد إلهي أصبحنا اليوم مشاركين في فرح قوة عود الحياة أي الصليب.

يقول الرب:” مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. (مرقس 8: 34) فمن أراد أن يتبعني ويسير ورائي كتلميذ عليه أن يقطع كل ما له علاقة بالخطايا التي تفسد النفس، وأن يأخذ موقفاً حازماً وقراراً ثابتاً وأن يتحمل لأجلي ليس فقط التجارب والأحزان بل أيضاً موت الصليب عندها فليأتي هذا التلميذ ورائي متمثلاً ومقتدياً بي.

يطلب المسيح من الذي يتبعونه أن يٌنكروا ذواتهم، فولادة المسيح وموته وحياته قد كانت أفعال مستمرة لإفراغ الذات وإنكار الذات كما يكرز القديس بولس الرسول لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاس. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. (فيليبي2: 7-8)

وبكلام آخر إن صليب المسيح ليس هو مجرد علامة فقط بل هي أيضاً تجسد حقيقي لإفراغ وإنكار الذات الذي هو التواضع الأقصى. إن كرازة الصليب هي أساس الرجاء ونبع القوة الخلاصية لجميع الذين يؤمنون بالمسيح المصلوب القائم من بين الأموات. لهذا فإن القديس بولس الرسول يقول فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ (1كور 1: 18). لهذا فإن إيماننا لا ينبغي أن يستند على كلمة البشر الخيالية المبتكرة بل على قوة الله التي لا تتزعزع وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ. (1كور2: 4) فهذا هو السبب الذي لأجله قام آباء الكنيسة القديسين الملهمين من الله وحددوا بأن يكون الأحد الثالث أي في منتصف الصوم الأربعيني الكبير يوم السجود للصليب الكريم.

 يوصي القديس بولس الرسول قائلاً:” فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ (أفسس6: 14) إذ أن درع البر ليس هو إلا صليب ربنا ومخلصنا يسوع الكريم المحيي، أي صليب بر المسيح إلهنا قد تبعه وسار وراءه جميع شهداء محبة المسيح وكل القديسين.

إن صليب المسيح الكريم المحيي أو بالأحرى سر الصليب الذي لا يُسبر غوره، نحن مدعوون أن نتعمق فيه كجنودٍ صالحين للمسيح ونعرفه، لذلك فنحن مدعوون أن تكون لنا كلمة الصليب كفكرٍ وطريق حياة وذلك لكي تقود خطواتنا إلى نور الحقيقة والحياة الأبدية في ملكوت السماوات.

فالصليب هو نهوض الساقطين وسندُ الواقفين وعكّاز الضعفاء وعصا الرعاة وإرشاد المرتدّين وكمال الفائزين. وهو خلاصٌ للنفس والجسد وتنقيةٌ من كل الشرور ومجلبةٌ لكل الخيرات وإزالةُ الخطيئة ونبت القيامة وعودُ الحياة الأبدية. وعليه يجب السجود لعلامة المسيح لأنه حيثما تكون العلامة يكون هو نفسه أيضاً. فأهلنا لنسجد للمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات.

آمين

مكتب السكرتارية العام