1

غبطة البطريرك يترأس خدمة القداس الالهي في بلدة الرينة

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الالهي بمناسبة احد المخلع الموافق ٢٠١٩/٥/١٩ وهو الاحد الثالث بعد الفصح المجيد في بلدة الرينة قضاء الناصرة.

كان في استقبال غبطة البطريرك سيادة المطران كيرياكوس متروبوليت الناصرة، فرقة الكشاف الاورثوذكسي وراعي الكنيسة الاورثوذكسية في الرينة الاب سمعان بحالي وأبناء الرعية، وبعد الاستقبال توجه صاحب الغبطة الى كنيسة القديس جوارجيوس للبدء في خدمة القداس.

شارك غبطة البطريرك في الخدمة سيادة متروبوليت الناصرة كيرياكوس، سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني اريسترخوس، قدس الاب سمعان راعي الكنيسة، كهنة مطرانية الناصرة والمتقدم في الشمامسة الاب ماركوس. وحضر أبناء الرعية في بلدة الرينة خدمة القداس الالهي.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في مدينة الرينة

كلمة البطريرك تعريب :”قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

كانَ إنسانٌ طريحاً في الأسقامِ عند البركةِ الغنميّة فلمّا شاهدكَ يا ربُ هتف َليس لي إنسانٌ حتى إذا تحركَ الماء يُلقيني فيه فللحين ترأفتَ عليه يا مخلص وقلتَ له لأجلكَ صرتُ إنساناً ولأجلكَ اشتملتُ جسداً وتقول لي ليس لي إنسانٌ! احمل سريرك وامشي. هذا ما يصدَحُ بهِ مُرنِمُ الكنيسة0

أيها الإخوة المحبوبون بالمسيح،

أيها المسيحيون الأتقياء،

 إنّ المسيحَ الناهضُ من بين الأموات الذي هو باكورةُ الراقدين وبكرُ الخليقةِ ومبدِعُها قد جمعنا اليوم في هذه الكنيسة المقدسة، لكي نُعيّدَ معكم في هذا اليوم الفصحي في مدينتكم الرينة ممجدينَ بشكرٍ وتسبيحٍ محبةُ المسيح للبشرِ التي لا توصف. الذي شفى الإنسان المخلع عند بركة باب الغنم في آوروشليم كما يشهدُ بذلك القديس الإنجيليّ إذ يقول:”وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الغنم بِرْكَةٌ.وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟ أَجَابَهُ الْمَرِيضُ: يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: “قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ“. (يو5: 1-15)

     ويفسر القديس كيرلس الإسكندري أقوال الرب “قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ.  أن الرب قد أمر المخلع بطريقةٍ إلهية، تتجاوز القدرات البشرية وهذا يُظْهِرُ بشكلٍ واضحٍ سلطان الرب. إذ أن الرب لم يُصلي لكي يُشفى المُخلّعُ من مَرضهِ وحتى لا يعتقد الآخرون الذين يراقبونهُ أنه مجردُ أحدُ الأنبياء القديسين، فقد شفاهُ فقط بكلمةٍ لكي يُري الجمعَ قوةَ سلطانهِ.

     وبكلامٍ آخر، إنّ يسوع من خلال عملهِ عجيبةُ شفاءِ المُخلع قد أظهرَ مجدهُ الإلهيّ من جهةٍ، ومن الجهة أخرى أثبتَ وأوضح بأنه ابن الله وكلمتهِ وأنهُ مخُلِصُ جِنسِ البشر أي طبيب نفوسنا وأجسادنا، وأيضاً لكي يُظْهِرَ:”أَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ.(لوقا 4: 32). إنّ سلطانَ يسوع هذا قد تحقق مِنهُ الشعبُ الذي دُهِشَ عندما كان المسيحُ يأمرُ الأرواح النجسة بأنّ تخرجَ من الناس الذين كانت بهم الشياطين كما يقول لوقا الإنجيلي:” فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: مَا هذِهِ الْكَلِمَةُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ” (لوقا 4: 36).

      إنّ هذا السلطان الإلهيّ قد أثبتهُ المسيح بالأكثر بقيامته الثلاثية الأيام من بين الأموات كما يقول مرنم الكنيسة بفرحٍ وابتهاجٍ:”لِتفرَحِ السَّماويّات، وتبتهِجِ الأرضيَّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عزًا بساعِدِهِ. ووَطِئَ الموتَ بالموت، وصارَ بكرَ الأموات. وأنقذَنا من جوْفِ الجحيم، ومنحَ العالمَ عظيمَ الرَّحمة.

      وبوضوحٍ أكثر أيها الإخوة الأحبة، إنّ المسيحَ بقيامتهِ من بين الأموات قد صار غالباً لموت الفساد والخطيئة ومحرراً جنسنا البشري من جوف الجحيم وأشراكه لهذا، فإنّ مُرنمُ الكنيسة لا ينحصِرُ في سرد روايةِ أعجوبة شفاء المخلع فقط بل يتضرع أيضاً إلى طبيب نفوسنا مخلصنا المسيح من أجل شفاء نفوسنا المخلعة إذ يقول: يا رب انهض بعنايتك الإلهية نفسي المخلعة جداً بأنواع الخطايا والأعمال القبيحة كما أقمتَ المخلع قديماً حتى إذا تخلصتُ ناجياً أصرخ أيها المسيح المترائف المجد لعزَّتك.

إن الشلل أو الفالج والذي نعني به مرض النفس وشللها يعود سببه إلى الخطيئة والابتعاد عن ناموس الله وعن كنيسته التي هي المشفى.

      إن مرض النفس هذا هو نتيجةُ خُضوعِنا لمختلفِ أنواع أهواء النفس التي تُفسد وتؤذي النفس لهذا فإن يسوع يقول للمخلع: “هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ” (يوحنا 5: 14) وأما القديس بولس الإلهي يقول بأن شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ (1كور 15: 56)

إننا نستطيعُ أن نحصلَ على الشفاءِ من كُساح النفس فقط من النعمة الإلهية وبرحمة الله لاَ بِأَعْمَال فِي بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ ­ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، (تي 3: 5). لهذا نُدرك لماذا قال مرنم الكنيسة كناطقٍ عنا بلسانهِ مؤكداً تضرعنا الحار نحو الرب أن يُنهضنا بعنايته الإلهية كما أنهض المخلع قديماً، ويُقيمنا من مختلف أنواع الخطايا السمجة وأعمالنا القبيحة. لهذا فبما أنك يا رب مُتحننٌ جداً وقادر على كل شيء امنحنا الصحة النفسية أي خلاص نفوسنا.

        إنّ سؤالَ المسيح للمخلعِ الذي وردَ ذكرهُ في إنجيل اليوم:” أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟ (يوحنا 5: 6) هو سؤالٌ موجهٌ لكل واحدٍ منا، ولكن المخلع قد أجاب بصدق:” يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ” (يوحنا 5: 7) وقد قال المخلع هذا الكلام لأنه لم يُدرك بعدُ “مُخَلِصُ العالم” ولكن نحنُ أيها الإخوة الأحبة ما هو عذرنا وتبريرنا إن قلنا يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ؟؟ (يوحنا 5: 7).

      ونقول هذا لأنّ كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي تجسدَ من العذراء مريم هو إنسانٌ كاملٌ كثير الرحمة والتحنن ومُحبٌ للبشر، وكنيسته هي جسده السري وهي البِرْكَةُ الروحية الطبيعية والتي ماؤها، أي ماء الكنيسة، ليس هو إلا روح الله الآب القدوس، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. (تي 3: 6) وأما يوئيل النبي فيَقُولُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ “(ويعني بها تجسد وتأنس المسيح ابن الله”) أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ. (أع 2: 17-21) 

      وبكلامٍ آخر أيها الإخوة الأحبة، لدينا إنسانٌ وليس هو مجردُ إنسانٍ بل هو أيضاً الطبيبُ والشافي والقادرُ على شفاءِ جميع أمراضِ النفس والجسد كما يقول ويشهد القديس متى الإنجيلي بذلك:” وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. (متى 9: 35). وأيضاً فإن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات يوصينا قائلاً: اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْلأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ (متى 7: 7-8). آمين

المسيح قام …. حقاً قام

وعلى مائدة المحبة التي أعدها أبناء مجلس الرعية على شرف غبطة البطريرك والآباء ألقى صاحب الغبطة الكلمة التالية:

كلمة البطريرك تعريب:”قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 

الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. (1 بط 2 :24)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح.

     تصنع اليوم كنيستنا تذكار أعجوبة شفاء المخلع التي صنعها ربنا ومخلصنا يسوع المسيح عند البركة الغنميّة كما يذكر ذلك القديس الإنجيلي يوحنا اللاهوتي (يو 5: 1-15).

     إن أعجوبة شفاء المخلع التي صنعها المسيح مع عجائب أخرى كثيرة عملها خلال حياته الأرضية، تؤكد أنه هو “أي المسيح” الذي حمل خطايانا وآلامنا وأمراضنا وقدم جسده ذبيحة على الصليب. وقد صنع هذا لكي يحررنا من الخطايا ونعيش بالبر والعدل والفضيلة، الذي بجراحه نحن شُفينا كما يقول بطرس الرسول.

     لقد منح المسيح بقيامته المنيرة الشفاء لكل جنس البشر. إن كرازة وبشارة المسيح الذي تألم وقُبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث تخدمها عبر العصور كنيسة الروم الأرثوذكس وذلك من خلال الحفاظ على المزارات والأماكن المقدسة من جهةٍ، والتي هي “المزارات والأماكن المقدسة” بمثابة الشاهد الحقيقي على إيماننا المسيحي ومن الجهة الأخرى رعاية أبناءنا المسيحيين الأتقياء في هذه الأرض المقدسة.

     إن هذه الوديعة المقدسة والتي نعني بها هذا الكنز الثمين والإلهي للتعاليم المسيحية الإنجيلية والذين نحن مدعوون أن نحافظ عليها كحدقة العين وبالأخص المسيحيون الذين يقطنون في هذه الأرض المقدسة وفي هذا الشرق الأوسط الشاسع، عاملين بوصية القديس بولس الرسول عندما أوصى تلميذه تيموثاوس قائلاً: اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا. (2تيم 1: 14) ويكملُ القديس بولس الرسول حاثاً تلميذه، وبالطبع يحثنا نحن معه أيضاً، ألا نتشبه بأولئك الذين تركوا كنيستهم وارتدوا عنها: أَنْتَ تَعْلَمُ هذَا أَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ فِي أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّي، الَّذِينَ مِنْهُمْ فِيجَلُّسُ وَهَرْمُوجَانِسُ. (2تيم 1: 15)

     فنحن أيها الإخوة الأحبة الذين شُفينا بجلدة إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح (1 بط 2 :24)، وبالمعمودية أصبحنا شركاء في موته، أي موت المسيح، الذي داس وانتصر على موت الخطيئة والفساد. لهذا فنحن مدعوون مجدداً أن نسمع قول ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي يقول للمخلع: هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ” (يوحنا 5: 14).

     وبكلام آخر نحن مدعوون ألا نقتدي ونتمثل ب فِيجَلُّسُ وَهَرْمُوجَانِسُ.

المسيح قام … حقاً قام

مكتب السكرتارية العام