1

غبطة البطريرك يترأس خدمة القداس الالهي في كنيسة الرعية الروسية

ترأس صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يوم السبت الموافق 8 حزيران 2019 خدمة القداس الإلهي في كنيسة القدّيس نيقولاوس في المجيدل قضاء الناصرة التابعة للجالية الروسية، هذه الكنيسة المقدسة بُنيت على زمن المثلث الرحمات البطريرك الأورشليمي ذميانوس سنة 1911 وكانت في خدمة الرعية الاورثوذكسية في بلدة المجيدل حتى عام 1948 حين هاجر أهلها بسبب حرب النكبة, ولسنوات طويلة كانت هذه الكنيسة مهجوره حتى إستطاع المثلث الرحمات البطريرك ذيوذوروس إعادتها وإصلاحها, ومنذ ذلك الحين تخدم الكنيسة الرعية الروسية الأورثوذكسية التي تتبع لمسؤولية البطريركية الأورشليمية.

في هذا اليوم وهو الأحد السابع بعد الفصح المجيد تقيم كنيستنا الأورثوذكسية تذكار آباء المجمع المسكوني الأول الذي إنعقد في نيقية عام 325 ميلادي بدعوة من الأمبراطور قسطنطين الكبير, وسبب إنعقاد هذا المجمع هو لتثبيت الأيمان الأورثوذكسي ومحاربة بدعة أريوس الذي تنكر ألوهية السيد المسيح, وفي هذا المجمع كُتب قانون الأيمان “أومن بإله واحد..” ونص القانون على أن السيد المسيح هو الكلمة المتجسد الأقنوم الثاني المساوي للآب في الجوهر.

 كان في استقبال الوفد البطريركي راعي الكنيسة الأب سيرافيم وابناء الرعية من الجالية الروسية وعدد من رعايا شمال البلاد، وشارك غبطته في الخدمة أصحاب السيادة متروبوليت الناصرة وسائر الجليل كيريوس كيرياكوس، الوكيل البطريركي في بيت لحم كيريوس ثيوفيلكتوس رئيس أساقفة نهر الأردن، ورئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريستارخوس السكرتير العام للبطريركية، الرئيس الروحي لدير قانا الجليل الأرشمندريت خريسوستوموس, الرئيس الرحي لدير القديس خرالامبوس في القدس الأرشمندريت كاليستوس وعدد من كهنة مطرانية الناصرة وكهنة من الجالية الروسية والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. وقد تمت قراءة الإنجيل المقدس في اللغة اليونانية، الروسية والعربية. وفي نهاية القدّاس قدم غبطة البطريرك صليب مرصّع وايقونة القدّيس سيرافيم لراعي الكنيسة في المجديل الأب سيرافيم.

 

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدّسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في المجيدل 

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

في ذلك الزمان تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا، إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُوَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. (يوحنا 17: 1-3)

أيها الإخوة المحبوبون في الرب

 أيها المسيحيون الأتقياء،

     إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم كافة في كنيسة القديس نيقولاوس في مدينتكم المجيدل لكي بشكرٍ ومجدٍ نُعيد معكم مع رعيتنا الناطقة باللغة الروسية والذين هم جزءٌ وأعضاء من جسد كنيسة آوروشليم المقدسة في هذه الذكرى السنوية المقدسة للآباء المتوشحين بالله المجتمعين في نيقية في المجمع المسكوني الأول في سنة 325 م.

     إن كنيستنا الآوروشليمية المقدسة تُكرم بشكلٍ خاص الآباء الثلاثمائة وثمانية عشر ( 318) وذلك لأنهم قد ظهروا ليس فقط أدوات أصيلة للروح القدس بل أيضاً لأنهم معلمين حقيقين للمسكونة ورعاةٌ سامعين لما يوصينا به القديس الرسول بولس اِحْتَرِزُوا إِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ.لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. (أعمال 20: 28-29).

     إن “الذئاب الخاطفة” ليسوا هم إلا زعماء الهرطقات المعروفة كالآريوسية والنسطورية وأصحاب المشيئة الواحدة وآخرين عديدين والذي سبق القديس بولس الرسول وأنبأ عن تعليمهم المنحرف إذ قال: وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. (أعمال 20: 30).

     إن آباء الكنيسة المتوشحين بالله هم آولئك الذين حافظوا على الوديعة أي حقيقة الإنجيل كما تسلّموه من الرسل القديسين يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ، وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ. (1تيم 6: 20)

     إنّ حقيقة الإنجيل تخص الحياة الأبدية وما هي الحياة الأبدية؟ هي معرفة الإله الحقيقي أي ابن الله ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح كما قال هو عن نفسه في إنجيل يوحنا وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. (يوحنا 17: 3).

     ويشرح المسيح عبارة “الحياة الأبدية” ويحدد ما هي الحياة الأبدية وما هي الوسيلة التي نستطيع بها الحصول على الحياة الأبدية. ويفسر القديس كيرللس الإسكندري أقوال الرب هذه: إن قوة المعرفة الحقيقية بالله هي التي تحدد إيماننا وهذا الإيمان هو الأم الذي يلد الحياة الأبدية. المعرفة هي الحياة والتي تكتمل بالألم من قوة السر وتحقق البركة السرية والتي بها نصبح متآلفين مع الإله الحي الصانع الحياة.

     وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة إن معرفة الإله الحقيقي تعني أنه علينا أن نعرف الله الآب وابنه المسيح معرفةً شخصيةً كما نعرف نحن الأشخاص المقربين لدينا الذين نخالطهم. إن هذه المعرفة الشخصية قد حصل عليها الرسل القديسين الذين هم تلاميذ وأصدقاء المسيح والذين كانوا سامعين لوصيته إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ (يوحنا 14: 15). فإن وديعة معرفة الإله الحقيقي تُكرز بها وتذيعها عبر العصور كنيسة آوروشليم المقدسة لجميع الناس “مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ (متى 16: 25).

     وكما بِالإِيمَانِ نُوحٌ ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ. (عب 11: 7). هكذا فإن المسيح قد صنع كنيسته لخلاصنا على دماء صليبه المحيي الذي أُهرق من أجلنا على الجلجلة الرهيبة. لهذا فإن كنيسة آوروشليم ليس لها حدود على المستوى الوطني أو القومي. بل أن الحدود (الوطنية)لكنيسة آوروشليم هي مكان تجسد وتأنس كلمة الله أي ولادة المسيح من دماء الطاهرة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم في مدينة بيت لحم، ومعموديتهِ في مجاري نهر الأردن وصلبه في موقع الجمجمة أي الجلجلة وقيامته الثلاثية الأيام من بين الأموات في آوروشليم.

     إن كنيسة آوروشليم المقدسة قد تأسست من ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الينبوع الذي لا ينضب أي مكان وموقع العنصرة المقدس العظيم الذي حلَّ فيه الروح القدس على هيئة ألسن نارية على الرسل الذين حيث كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، (أعمال2: 1-2). وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. (أعمال 2: 5). كما يقول القديس الإنجيلي الرسول لوقا.

     إن هذه الحقيقة حيث كان كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ. والتي هي وجود المسيحيين الأرثوذكسيين تخدمها بعبادةٍ ورعايةٍ لأبنائها المؤمنين كنيسة آوروشليم والتي تُشكل أساساً صنفاً واحداً الذي هو في الحقيقة إخوتنا أصحاب الإيمان الواحد معنا مُثبتين في نفس الزيتونة كما يقول القديس بولس الرسول (رومية 11: 24).

     نحن اليوم أيها الإخوة الأحبة قد أتينا كراعٍ قانوني لحظيرة خرافنا لكي نعلن عن وحدة إيماننا وشركة الروح القدس.

     فلهذا السبب إن كنيسة آوروشليم المقدسة هي كنيسة آلام الصليب والقيامة والعنصرة، ولهذا السبب فإن كنيسة آوروشليم تٌدعى بحقٍ أم جميع الكنائس. إذ أن القديس يعقوب أخو الرب قد كان بشكلٍ عام هو أول رؤساء أساقفة للكنيسة.

     ختاماً نتضرع اليوم إلى من نُكرمهم القديسين آبائنا المتوشحين بالله ال 318 الجتمعين في المجمع المسكوني الأول وبتوسلات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم لكي يتشفعوا إلى المسيح الإله من أجل خلاص نفوسنا ومع القديس بولس الرسول نقول: وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. (أعمال 20: 32). والآن أرغب أيها الإخوة أن أضعكم بين يدي الله ولكلمته ولنعمته التي أعلنها لنا وهي القادرة أن تحفظكم من أي ضلال وأي انحراف وأستودعكم بين يدي الله القادر أن يُكمل بنائكم وأن يُعطيكم ميراثً مع جميع القديسين الذين أخذوا القداسة من المسيح.

آمين

مكتب السكرتارية العام