1

الإحتفال بعيد الروح القدس يوم إثنين العنصرة في كنيسة البعثة الروحية الروسية في المدينة المقدسة أورشليم

 

اقيم في كنيسة الثالوث القدوس التابعة للكنيسة الروسية في المدينة المقدسة اورشليم (القدس الغربية) قداس الهي بمناسبة عيد الروح القدس في يوم اثنين العنصرة 17 حزيران 2019 ترأسه غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه في الخدمة أصحاب السيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس، رئيس أساقفة سبسطية كيريوس ثيوذوسيوس، متروبوليت الينوبوليس كيريوس يواكيم, رئيس البعثة الروحية الروسية MISSIA الارشمندريت اليكساندوس آباء وشمامسة من أخوية القبر المقدس, وكهنة وراهبات الكنيسة الروسية.

كما وحضر خدمة القداس الالهي عدد كبير من المصلين الروس القاطنين في القدس ومن الخارج حيث شاركوا بسر المناولة المقدس خلال القداس الالهي, ورتلت راهبات الكنيسة الروسية الألحان الكنسية.

خلال القداس الالهي القى غبطة البطريرك كلمةً بهذه المناسبة تحدث فيها عن مواهب الروح القدس الرب المحيي التي تُعطى للمؤمنين, وهنأ بكلمته المؤمنين بهذه المناسبة:

 

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الايكونومومس يوسف الهودلي

أَيُّها المؤمِنون، لِنُعَيِّد بِابتِهاجٍ العيدَ الأَخيرَ، الذي هوَ آخِرُ العيدِ، لأَنَّ هَذا هوَ الخَمسيني، غايةُ الوَعدِ المُفترَضِ وَإنجازُهُ، لأَنَّ فيهِ، انحَدَرَت نارُ المُعَزّي عَلى الأَرضِ، كَهَيئَةِ أَلسُنٍ، وَأَنارَت التَّلاميذَ، وَأَوضَحَتهُم مُسارّينَ الأُمورِ السَّماويَّة. نورُ المُعَزّي حَضَرَ، وَأَنارَ العالَم. هذا ما يتفوهُ بهِ مُرنِمُ الكنيسة.

حضرة مُمثَل صاحب الغبطة بطريرك موسكو وسائر روسيا في آوروشليم قدس الأب الأرشمنديت ألكسندروس الجزيل الاحترام،

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

     إن نعمة الروح القدس المُحيي قد جمعتنا اليوم كلنا في هذه الكنيسة التي تحمل اسم الثالوث القدوس والتي تخص الإرسالية الروحية للكنيسة الروسية الشقيقة في آوروشليم لكي نُمجد ونُعيّد سويةً العيد الأخير الذي هو آخر عيد الخمسين كما قال المرتل.

     إن عيد الخمسين يُدعى بالعيد الأخير وذلك لأنه يخص إعادة ولادتنا وتجددنا نحن البشر كما يُكرز بولس الرسول وَلكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ، خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. (تيطس 3: 4-6).

     إن انسكاب الروح القدس علينا ليس هو إلا إتمام الوعد المفترض وإنجازه الذي فيه انحدر الروح القدس على الرسل من ربنا يسوع المسيح في اليوم الخمسين وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ. (أعمال 1: 13-14). ويشهد القديس بطرس على هذا الحدث في سفر أعمال الرسل قائلاً فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ.وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ. (أعمال 2: 32-33).

     لقد سبق الأنبياء كيوئيل وحزقيال قد أنبأوا عن انسكاب الروح القدس، قائلين: “وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، (يوئيل 3: 1). وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ”. (حزقيال 36: 26).

     إن هذا الروح الجديد قد أُعطي لنا من المسيح رئيس الكهنة العظيم المقام على بيت الله أي كنيسة المؤمنين. فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ، لِنَتَقَدَّمْ مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ.لِنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ. (عبرانيين 10: 21-23)

     إن الخمسين المقدس هو الزمن الذي سُر فيه الآب وارتضى بمؤازرة الابن جاعلاً من الرسل أعضاءً في جسد المسيح القائم من بين الأموات. وأما نحن فقد لبسنا بالمعمودية قوة وفعل الروح القدس كما يكرز بولس الرسول لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (غلاطية 3: 27) وأيضاً فَإِنَّنَا، بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، قَدْ تَعَمَّدْنَا جَمِيعاً لِنَصِيرَ جَسَداً وَاحِداً، سَوَاءٌ كُنَّا يَهُوداً أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيداً أَمْ أَحْرَاراً، وَقَدْ سُقِينَا جَمِيعاً الرُّوحَ الْوَاحِدَ (1كو 12: 13).

     إن الكنيسة كانت في البداية روحية وقد ظهرت في اليوم الخمسين أنها جسد المسيح والرسل القديسين هم أعضاء جسد المسيح كما يقول المرنم: إن الروح القدس يرزق كل شيء، يفيض النبوَّة، يكمّل الكهنوت، وقد علَّم الحكمة للعديمي الكتابة وأظهر الصيادين متكلمين باللاهوت يَضُمّ كل شرائع الكنيسة.

     وبحسب إكلميندس الروماني إن الكنيسة قد ظهرت في جسد المسيح أي صارت جسد المسيح عند تجسد المسيح كلمة الله. ولأن تجسد كلمة الله وابنه قد صار بمؤازرة الروح القدس فكل ما يصيرُ في الكنيسة يصيرُ بفعل الروح القدس لهذا فإن عيد العنصرة يرتبط بظهور الكنيسة في العالم.

     إن الروح القدس المعزي هو روح الحق والذي عنه قال المسيح لتلاميذه قبل آلامه إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ. (يوحنا 14: 15-17) ويُفسر القديس باسيليوس الكبير هذه الأقوال قائلاً: يميز الرب الفرق بين الأقانيم بكل وضوح فالابن هو الذي يطلب من الآب لكي يُرسل لنا المعزي والآب هو المُعطي (أي الذي يُطَلبُ منهُ) والمُعزي أي الروح القدس هو المُرسل.

     وبحسب القديس كيرلس الاسكندري، إن المعزي هو روح الحق أي روح الابن فإن هذا المعزي هو القوة ومعلمِّ ُالكنيسة والمحامي عنّا. ويؤكد أيضاً على هذا القديس كيرلس الأوروشليمي قائلاً:” إذ لدينا حليفٌ من الله ومحامٍ ومعلمٌ عظيمٌ للكنيسة ومدافعٌ عظيمٌ عنا. فالروح القدس يُدعى المعزي لأنه يتشفع ويتضرع ويُعزي ويُدرك ضعفاتنا وأوهاننا. 

     إن مرتل الكنيسة يؤكد بوضوحٍ على المعنى العميق للعيد الأخير أي العنصرة ولا سيما آخر العيد الذي هو اليوم عيد الروح القدس إذ يقول: إنَّ الأَلسُنَ تَبَلبَلَت قَديمًا بِسَبَبِ جَسارَةِ صانعي البُرجِ، أَمّا الآنَ فَإنَّ الأَلسُنَ قَد حُكِّمَت مِن أَجل رَأيِ مَعرِفَةِ الله. هُناكَ قَضى اللهُ بِالعُقوبَةِ عَلى المُلحِدينَ، وَهَهُنا، المَسيحُ، بِالرّوحِ، أَنارَ الصَّيّادين. في ذَلِكَ الحينِ اصطَنَعَ اختِلاقَ الأَصواتِ لِلانتِقامِ، والآنَ فَقَد تَجَدَّدَ اتِّفاقُ النَّغَماتِ، لِخَلاصِ نُفوسِنا.

     فلهذا السبب أتينا إلى سر الشكر الإلهي إلى ههنا، لكي من المدينة المقدسة آوروشليم نُعلن التجدد في المسيح لخلاص نفوسنا ووحدة إيماننا وشركة الروح القدس الذي أنار الرسل والذي به حصلنا على مجد المعرفة الإلهية معلنين هذا كلّهَ بين الكنائس الشقيقة أي بين الكنيسة التي تأسست على دماء ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وفي العلية قد دُشنت وكرست بالروح القدس أي كنيسة صهيون المقدسة وبين كنيسة روسيا الأرثوذكسية التي رُويت بدماء الشهداء الجدد لهذا فإننا نتضرع إلى القديسين الذين أُرسِل لهم المعزي لكي يسكن في قلوبنا ومع المرنم نهتف ونقول: أدركنا دائماً اقترب إلينا يا من هو في كل مكان، اقترب وكما كنتَ مع رسلك دائماً هكذا أَتْحد ذاتك مع المرتاحين إليك يا رؤوف لكيما إذا كنا مُتّحدين بك نُسبّح ونمجد روحك الكليَّ قدسه.    

مكتب السكرتارية العام