1

الإحتفال بعيد النبي أليشع في البطريركية

 

إحتفلت البطريركية الاولاشليمية يوم الخميس 27 حزيران 2019 حسب التقليد البطريركي بعيد النبي اليشع في الدير المقام في أريحا المسمى على اسمه, وهناك كما يذكر العهد القديم في منطقة اريحا بدأ النبي اليشع بعمله كنبي خلفاً لمعلمه النبي العظيم ايليا.

اليشع النبي
اسم عبراني معناه “الله خلاص”. وهو خليفة إيليا في العمل النبوي في المملكة الشمالية. وكان أليشع ابن شافاط ومن سبط يساكر. وقد أقام في آبل محولة في وادي الأردن. وكان ينتسب إلى أسرة ثرية، لأن حقل أبيه كان يستلزم أثني عشر زوجًا من الثيران لحرثه. وقد وجده إيليا يحرث فدعاه للعمل النبوي إذ طرح رداءه عليه (1 ملو 19: 16 و19-21) وعندما ذهب إيليا إلى ما وراء الأردن ليُنقل إلى السماء ذهب أليشع رداء إيليا وضرب بالرداء مياه الأردن فانفلق الأردن وانشطر وعبر اليشع إلى الجانب الغربي من النهر (2 ملو 2: 1-18).

ويسجل لنا العهد القديم معجزات قام بها اليشع أكثر من أي نبي آخر. وقد أظهرت بعض هذه المعجزات كما أظهرت معجزات إيليا أن الرب هو الإله الواحد الحقيقي. وقد ساعد بعض هذه المعجزات شعبه ضد أعدائه. وكانت بعض هذه المعجزات أعمال رحمة ورأفة وشفقة شبيهة بالمعجزات التي قام بها المسيح، وكانت هذه أعظم بكثير مما قام به اليشع. ولقد أبرأ اليشع المياه في نبع عند أريحا بوضع ملح فيه (2 ملو 2: 19-22) وقد نطق بلعنة الرب على الأحداث الذين سخروا منه كنبي (2 ملو 2: 23-25) ولقد أنبأ بنجاح الحملة على موآب (2 ملو 3: 11-27) وقد زاد زيت الأرملة على يديه (2 ملو 4: 1-7) وبصلاته عادت الحياة إلى ابن المرأة الشونمية (2 ملو 4: 8-37) وذكر ترياقا للسم الذي تناوله بعض الأنبياء في الطعام (2 ملو 4: 38-41) وأطعم مئة رجل بعشرين رغيف شعير وبعض السويق (2 ملو 4: 42-44) وأخبر نعمان أن يغتسل في الأردن فيبرأ من برصه (2 ملو 5: 1-19) وقد أنبأ بأن جيحزي سيصير أبرص بسبب طمعه وشهوته (2 ملو 5: 20-27) وجعل حديد الفأس الحديد الفأس الذي سقط في الماء، يطفو إلى السطح (2 ملو 6: 1-7) وأنبأ ملك إسرائيل بتحركات الجيوش الآرامية (2 ملو 6: 8-12) وقد أنبأ في وقت حصار السامرة وتفشي الجوع فيها بأن الحصار سيرفع عنها وأن الطعام سيكون متوفرًا (2 ملو ص 7) وقد أنبأ بنهدد ملك آرام أنه سيموت قريبًا (2 ملو 8: 7-15).

بهذه المناسبة اقيم قداس احتفالي بطريركي في كنيسة الدير ترأسه غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه بالخدمة أصحاب السيادة المطارنة أريسترخوس السكرتير العام للبطريركية ورئيس أساقفة قسطنطيني, يواكيم متروبوليت إلينوبوليس, الأرشمندريت خريسوستوموس رئيس دير القديس جيراسيموس في أريحا, الأرشمندريت إغناطيوس آباء وشمامسة من أخوية القبر المقدس, قدس الأب يوسف الهودلي وعدد من أبناء الرعية الاورثوذكسية في اريحا والمنطقة وعدد من الزوار من الخارج.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي أليشع

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

افرح يا أليشع لأنك برهنت بوضوحٍ وأنت تحيا في الجسد على سيرتك المعادلة للملائكة على الأرض، فلذلك نمتدحك فقد حفظت عيون نفسك من الأرضيات أيها النبي مُحدقاً في مجد الروح فقط فاستحققت بذلك أن ترى المستقبليات هذا ما يتفوهُ بهِ مُرنمُ الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

أيها الزوار الأتقياء،

  إن نعمة النبي أليشع قد دعتنا اليوم إلى هذا المكان والموضع المقدس في مدينة أريحا التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس حيث “شفى مياه المدينة بالملح” لكي بفرحٍ وابتهاجٍ نُعيّد ذكراهُ المقدسة في هذا الدير الذي يحمل اسمه.

     يقول داؤود النبي عَجيْبٌ هوَ الله فيْ قِدّيْسيهِ (مزمور 67: 36) وذلك حقٌ لأن النبي أليشع يتميز بين الأنبياء القديسين، لأن الله قد صنع العجائب العظيمة الباهرة بيد نبيّه المختار الذي مَسحه النبي إيليا ومنحه هذه الرتبة النبوية بأمر من الله، فصار بذلك خليفةً عِوضاً عنهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لإيليا: «اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِك وَامْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ. (3ملوك 19: 16).

      وكما هو معروفٌ أن النبي إيليا قد وجد أليشع يحرث حقله في الوادِ في محيط نهر الأردن ودعاهُ لكي يتبعه ملقياً إليه بردائه فَتَرَكَ الْبَقَرَ وَرَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا وَقَالَ: «دَعْنِي أُقَبِّلْ أَبِي وَأُمِّي وَأَسِيرَ وَرَاءَكَ». فَقَالَ لَهُ: «اذْهَبْ رَاجِعًا، لأَنِّي مَاذَا فَعَلْتُ (3ملوك 19: 20-21).

     إن هذا يُثبت أن أليشع قد وُجد ليس فقط خليفةً عوضاً عن النبي إيليا بل أيضاً أداةً لسر الإعلان الإلهي أي إناءً مستنيراً لقوة الروح القدس.

     ويذكر القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس عن مواهب الروح القدس، إذ قد وضع موهبة النبوءة مباشرةً بعد الرسل فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلًا رُسُلًا، ثَانِيًا أَنْبِيَاءَ (1كور 12: 28) ويوصي القديس بولس الرسول قائلاً: اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ، وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، وَبِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. (1كور 14: 1) وفي موضع آخر يقول: فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ (أفسس 2: 19-20)

     إن أقوال القديس بولس الرسول الملهمة من الله تُثبت بوضوح بأنه كما أن الرسل هم أواني مقدسةً لنعمة الإنجيل كذلك الأمر فإن الأنبياء هم الأدوات الملهمة من الله للناموس الموسوي، فهم جميعاً يشكلون حجارة الأساس بينما المسيح هو حجر الزاوية الذي يستند عليه بناء الكنيسة كلّه وبكلام آخر إن كنيسة المسيح هي تلك التي تجمع بانسجامٍ وبدون انفصال العهدين القديم والجديد. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. (متى 5: 18).

     إن كنيسة المسيح تُكرم بوقارٍ وإجلال ذكرى الأنبياء القديسين ولا سيما القديس النبي أليشع وذلك لأنهم جميعاً ينتمون إلى الجسد السماوي لرَعِيَّةٌ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، (أفسس 2: 19) ولنسمع بماذا يصف مرنم الكنيسة النبي أليشع إذ يقول: لقد طهّرت عقلك من ملاذّ الجسد يا أليشع الكليُّ الحكمة. فاقتبلت أنوار الروح القدس. فاستنرت كلُّك. ووهبت منها للأعقاب ومن ثم حللت في النور الذي لا يغرب تبتهل على الدوام من أجلنا نحن ممتدحيك.

    لهذا نحن مدعوون من النبي أليشع أيها الإخوة الأحبة إلى النور الذي لا يغرب الذي هو اتحادنا السري بالله في السماويات لكي نحلّ ونسكن في الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ. (لوقا 16: 9).

     إن كنيسة المسيح التي على الأرض هي المظلة التي فيها وبها نحصل على تطهير نفوسنا وأجسادنا من البرص الروحي أي الخطيئة. ونقول هذا لأن النبي أليشع الذي نُعيّد له اليوم قد استطاع مع آخرين بأن يُطهّر عقله ويشفيه من البرص بحسب شهادة ربنا يسوع المسيح له إذ يقول: وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ. (لوقا 4: 27).

     وفي رسالة القديس يعقوب أخو الرب الجامعة فإنه يعرض لنا الأنبياء كمثال لكي نقتدي بهم خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. (يعقوب 5: 10).

     إن أليشع النبي هو مثالٌ لنا في احتمال المشقات وطول الأناة وأيضاً شفيعٌ لله من أجل المُمتحنين بالأمراض الصعبة والتجارب والمظلومين والمضطهدين، فالقديس أليشع النبي هو لنا كوكب المسكونة.

     ختاماً نتضرع إلى القديس النبي أليشع ومع المرنم نهتف ونقول: إنك لا تفارق عرش الجلال أبداً أيها النبي كاروز المسيح. ومع ذلك فأنت تحضر دائماً عند كلّ واحدٍ من المصابين بالأمراض. وفيما تخدم في العلاء تبارك كلَّ المسكونة. ممجداً في كل مكانٍ. فاستمدّ الغفران لنفوسنا

بعد صلاة الخدمة اقيم الزياح والدورة حول الدير وبعدها استضاف رئيس الدير ألارشمندريت فيلومينوس غبطة البطريرك والآباء والحضور في قاعة الدير على مأدبة غذاء.

مكتب السكرتارية العام

http://www.youtube.com/watch?v=hSaDMqOx7nc