1

غبطة البطريرك يبارك اليوبيل الذهبي لكهنوت قدس الأب جوارجيوس عواد

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يوم الأحد الموافق 12 تموز 2019 خدمة القداس الالهي في كنيسة القديس جوارجيوس اللابس الظفر في بلدة جفنا, بمناسبة اليوبيل الذهبي أي مرور خمسين عاماً لكهنوت قدس الأب الأيكونوموس جوارجيوس عواد من بيت ساحور والذي خدم في السابق غزة, طولكرم ورافيدا السامرية.

شارك غبطة البطريرك في خدمة القداس الالهي الإحتفالي أصحاب السيادة كيريوس أريسترخوس رئيس أساقفة قسطنطيني, كيريوس أيسيخيوس متروبوليت كابيتاليس, قدس الأرشمندريت إغناطيوس الرئيس الروحي في بلدة الرعاة بيت ساحور وبيت جالا, والآباء الأجلاء, نجلي الأب جوارجيوس قدس الأرشمندريت بورفيريوس الذي يخدم في مطرانية ريثمنوس التابعة لكنيسة كريت, وقدس الأب خريستوس الذي يخدم  في فثيوذيتا التابعة للكنيسة اليونانية, قدس الأب عيسى مصلح الناطق الإعلامي للبطريركية باللغة العربية, قدس الأب جورج بنوره من بيت ساحور, قدس الأب بولس من بيت جالا. وحضر القداس عدد كبير من المصلين وممثلين عن حكومة السلطة الفلسطينية.

 كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث    

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

     يوصي الرب الإله بفم نبيهِ المؤمن موسى قائلاً: “سَّنَةُ الْخَمْسِينَ، يُوبِيلًا تَكُونُ لَكُمُ. لاَ تَزْرَعُوا وَلاَ تَحْصُدُوا زِرِّيعَهَا، وَلاَ تَقْطِفُوا ثمر كَرْمَكم غير المقضوب. إِنَّهَا يُوبِيلٌ. مُقَدَّسَةً تَكُونُ لَكُمْ. مِنَ الْحَقْلِ تَأْكُلُونَ غَلَّتَهَا

قدس الأب الإيكونوموس جورج عواد كاهن رعيتنا التقية في مدينة جفنا في كنيسة القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس اللابس الظفر،

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     نعمة وسلام لكم من الله أبينا وربنا يسوع المسيح الذي جمعنا اليوم في هذا الاجتماع الشكريّ الإلهي أي القداس الإلهي لكي نعيّد بقداسةٍ، لسنة اليوبيل لك التي هي السنة الخمسين (لاويين 25: 10) في خدمتك الكهنوتية في كنيستنا المقدسة كاهناً للمسيح أيها الأب جورج.

     إن النظرة الكتابية لسنة اليوبيل لا تخص فقط إتمام الخمسين سنة بحسب أوامر الناموس الموسوي أي العهد القديم، بل هي تخص التكريس وتقديس هذه السنة بحسب أوامر ربنا يسوع المسيح في العهد الجديد.

     قد سُمّيت بسنة اليوبيل وذلك لأنه في هذه السنة كان يُعلنُ العِتقَ من الديون من جهةٍ، ومن الجهةِ الأخرى حرية الناس من عبوديتهم، أي أنها كانت سنةً مكرسةً ومخصصةً للرب لهذا فهي دُعِيَت مقدسةً.

     إن هذه السنة المقدسة والتي كانت تُعلن بالبوق لإعلان العتق وحرية البشر من لعنة الناموس قد صارت من ربنا ومخلصنا يسوع المسيح المصلوب كما يُكرز بولس الرسول اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ. (غلاطية 3: 13)

     وبكلامٍ آخر إنّ عهد النعمة في المسيح يسوع هو فقط الذي يُشكل حريتنا من الناموس ومن قوّة الخطيئة والموت. كما يُكرز بولس الرسول لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. (رومية 8: 2)

     إنّ الحريّة في المسيح نتذوقها داخل الكنيسة والتي هي تشكل جسد المسيح والمسيح الذي هو رأس الكنيسة كما يقول بولس الرسول وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. (كولوسي 1: 18) ويُفسر هذه الأقوال أبينا البار القديس ثيوفيلكتوس إذ يقول: لم يقل القديس بولس الرسول بأن المسيح هو ملئ الكنيسة بل هو جسد الكنيسة وذلك لكي يُثبت بدقةٍ مخالطتهِ للبشر وبأنّه قد صار جسداً مساوياً لنا في الجوهر.

     عدا عن هذا فإن الكنيسة هي حقل الرب والعاملون الخادمون في هذا الحقل هم الكهنة الذين يُقربون الذبيحة غير الدموية حيث يُقدِمون بِهِ “أي في المسيح” فِي كُلِّ حِينٍ للهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ. (عب 13: 15)

     وأيضاً فإن خادم الرب يصنع طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَات للرب من أجل جميع البشر (1تيم 2: 1) وهو كما يقول القديس بولس الرسول الذي يَعْتَنِي بِكَنِيسَةِ اللهِ (1تيم 3: 5). لهذا فإن صاحب المزمور يهتف قائلاً: كَهَنَتُكَ يَلْبَسُونَ الْبِرَّ. (مزمور 131: 9) وأيضاً يقول الرب: كَهَنَة آوروشليم أي الكنيسة أُلْبِسُ خَلاَصًا. (مز 131: 16) وأظللها وأُحيطها بقوةٍ خلاصية وهذه القوة الخلاصية هي نعمة الروح القدس التي توضح وتُكّمِل الكهنوت.

     إن أقوال الرب فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 18) غير موجهةٌ فقط إلى رسله وتلاميذه بل أيضاً إلى خلفاءه الكهنة والأساقفة الذين يخدمون سر التدبير الإلهيّ أي سر تجسد كلمة الله مقدمين المجد والإكرام للرب في هيكله كما يقول المرنم قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ. اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ. (مز 28: 2)

أيها الحبيب قدس الأب جورج

     لقد اقتبلت درجة الكهنوت في عمر الشباب وأصبحت كاهناً في حقل الرب أي كنيسة المسيح فوُجِدت خادماً مستحقاً للكنيسة، لهذا فإن كنيستك الأم كنيسة آوروشليم تُحييك اليوم بأقوال الرب قائلةً: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. (متى 25: 21)

     ما هو الفرح الذي أنت مدعوٌ لكي تدخله؟ هو (أن تحوزَ على الكثير من الخيرات) بحسب زيغافينوس وهو (كل غبطةٍ) بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم. فهذا هو إذن إتمام دورة الخمسين سنة في خدمة العبادة والرعاية في الكنيسة لهذا فإن القديس بولس الرسول يقول لأَنَّ الَّذِينَ يُحسنون الخدمة، يَقْتَنُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَرَجَةً حَسَنَةً وَثِقَةً كَثِيرَةً فِي الإِيمَانِ الَّذِي بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. (1تيم 3: 13)

     إنّ هذا هو تماماً بكل جرأةٍ إيمان الآباء القديسين الأرثوذكسيين وتقليد الرسل القديسين الأطهار والوعاظ والكهنة والذين يخدمون حقيقة إنجيل محبة المسيح من جهةٍ ومن الجهةِ الأخرى تعزيز الإيمان والتعايش بين المؤمنين من الطوائف المسيحية والإسلامية الأخرى في مدن فلسطين كنابلس ورفيديا، بيت ساحور، غزة والآن جفنا.

     إن تقدمتك الكهنوتية في الكنيسة وخدمتك ورعايتك للشعب الفلسطيني المتألم يعلمهُ جيداً مجمعنا المقدس لبطريركية الروم الأرثوذكسية لهذا فقد تقرر منحك جائزة الشرف والكرامة لتميزك وتقليدك وسام طغمة حملة صليب القبر المقدس سامعين لأقوال الرسول القديس بولس أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلًا لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ (1تيم 5: 17)

     نعمة ربنا يسوع المسيح وبشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتضرعات من نعيد له اليوم القديس العظيم في الشهداء بروكوبيوس والقديس المعظم في الشهداء جوارجيوس اللابس الظفر ليكن معكم جميعاً.

آمين

بعد خدمة القداس قام غبطة البطريرك بتكريم قدس الأيكونوموس جوارجيوس عواد بصليب فرسان القبر المقدس, وصليب كهنوتيّ وأيقونة والدة الإله متمنياً له خدمة مباركة ودوام الصحة وأعوام عديدة.

والقى أيضاً رئيس لجان الكنيسة كلمة تهنئة لقدس الأب جوارجيوس.

ظهراً أعد قس الأب جوارجيوس مأدبة غذاء على شرف غبطى البطريرك الوفد المرافق له والآباء, وعلى مائدة المحبة ألقى غبطة البطريرك الكلمة التالية:

 

يعظ القديس بولس الرسول معلماً لأَنَّ مَنْ خَدَمَ الْمَسِيحَ فِي هذِهِ فَهُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللهِ، وَمُزَكُى عِنْدَ النَّاسِ. (رومية 14: 18)

قدس الأب الحبيب جورج

أيها الأصدقاء المحبوبون

     عندما شعر القديس بولس الرسول باقتراب نهاية خدمته الرسوليّة قال فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا. (2تيم 4: 6-8)

     إن هذا يعود ويخص للخدمة الكنسية ولحفلنا الكريم اليوم والذي نعيد فيه ليوبيل خدمتكم الكهنوتية.

أيها الأب جورج

     إن المؤسسة الكتابية “لليوبيل” والتي تكرمها الكنيسة بشكل خاص وذلك لسبب مثالي وفريد وهو أن تُذيع بحقيقة رسالة الكاهن/ الأب الروحي والتي هي عدم الاهتمام والالتصاق بالخيرات والملذات الأرضية (كالأكل والشرب) بل بالتبشير بإنجيل البر والسلام والفرح بالروح القدس.

     وبكلام آخر إن الأب الروحي عليه أن يُجسد فيه القيم الروحية والأخلاقية الذين يشكلون المبادئ الأساسية لنجاح ورفاهية المجتمع كله بشكل عام وللرعايا الدينية بشكل خاص. ونقول هذا لأن التعايش السلمي والوئام بين مختلف الأديان والطوائف المسيحية والإسلامية تعتمد على الرئاسة الروحية المحلية للرعية والذين نحن أيضاً نفتخر بها مصغيين لأقوال انجيل المسيح قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلًا لأَخِيهِ. (متى 22: 21).

     ختاماً أرغب أن أشكر جميع الحاضرين لهذا العيد وبالأخص أشكر بحفاوة سيادة رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس بواسطة ممثله الذي ينوب عنه وأتضرع إلى العلي القدير أن يمنح الرب الإله أبونا جورج موفور الصحة والعافية والعمر المديد وأن يظهر مرضياً المسيح الإله ومثمراً للبشرية ولبطريركية الروم الأرثوذكس، لسنين عديدة ومباركة يوبيل خدمتك الكهنوتية.

     ولا ننسى أيضاً أن نعبر عن تهانينا الحارة من أعماق قلوبنا لخوريته التي بالحقيقة كانت مؤازرة له طوال سنين خدمته الكهنوتية والرعوية في الكنيسة.

آمين

مكتب السكرتارية العام