1

الإحتفال بتذكار أعادة رفات القديس سابا الى ديره

 

احتفلت البطريركية الاورشليمية  يوم السبت  تشرين أول 2019 بتذكار أعادة رفات القديس سابا الى الدير المسمى على اسمه في صحراء يهوذا قرب منطقة البحر الميت.
وضعت البطريركية الاورشليمية هذا العيد في تاريخ 26 اكتوبر غربي اي 13 شرقي من عام 1965 تذكاراً لاعادة ذخائر القديس سابا المتقدس التي أُخذت الى فينيسيا من قِبل الصليبيين وأرجعت من الكنيسة الكاثوليكية الى البطريركية الاورشليمية. وقد رافق الذخائر المقدسة آنذاك المثلث الرحمات متروبوليت قيصارية باسيليوس, المثلث الرحمات متروبوليت البتراء جيرمانوس, وسيادة متروبوليت الناصرة حالياً كيريوس كيرياكوس. ودخلت الدخائر بموكب رسمي من بوابة داود في المدينة المقدسة اورشليم وإستقبلها المثلث الرحمات البطريرك فينيذكتوس وعُرضت أمام الجمع للتبارك في كنيسة القيامة.

أُقيمت صلاة السهرانية في دير القديس مار سابا وترأس الخدمة غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة اصحاب السيادة المطارنة كيريوس اريسترخوس السكرتير العام للبطريركية, كيريوس يواكيم متروبوليت إلينوبوليس, رئيس الدير الارشمندريت افذوكيموس ورؤساء الاديرة المقدسة المختلفة وآباء أخوية القبر المقدس, ورتل المرنم الاول السيد قسطنطين سبيروبولوس الصلاة باللغة اليونانية مع رهبان دير القديس سابا وقدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في عكا الصلاة باللغة العربية, وحضر مصلون محلييون من مناطق بيت لحم وبيت جالا وايضاً من اليونان ,روسيا ورومانيا. والقى غبطة البطريرك وعظته الروحية بهذه المناسبة.

بعد الإنتهاء من خدمة القداس الالهي وقبل مغادرته الدير توجه غبطة البطريرك لدير القديس ثيوذوسيوس للسجود والتبارك.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة نقل رفات القديس سابا المتقدس 26-10-2109

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

     يكرز القديس بولس الرسول قائلاً: فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَوَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ. (رومية 12: 1-2)

 أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

     لقد أصبح مستوطن مملكة السماء سابا المتقدس الذي قد جمعنا اليوم في هذه اللافرا المقدسة لكي نعيّد سوية لنقل رفاته المقدسة أي جسده المفيض للطيب من مدينة البندقية الإيطالية.

     إن إقامة تذكار نقل جسد أبينا البار سابا يشكل عملاً مرضياً لله من جهةٍ، وإحساناً من ربنا وإلهنا الحي يسوع المسيح صائراً لنا نحن الجالسين في الموت والفساد من جهةٍ أخرى.

      لقد كان أبينا سابا سامعاً لتوسلات القديس بولس الرسول، فقدم جسده ذبيحةً مقدسة حية مرضيّة لله، مقدماً لله عبادته العقلية أي العبادة الروحية فهو عندما يقدم الإنسان العبادة العقلية لله فلا يوجدُ عندهُ شيء جسدي أو أرضي أو أي شيء ملموس، كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم وهذا ما يؤكده كاتب سيرته كيرلس السكيتوبوليتس قائلاً: إن سابا كان مختاراً من الله قبل ولادته. وقد تمّ فيهِ قول النبي ارميا: قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقد احتقر سابا كل أمور العالم وسلم ذاته إلى الدير حيث تعلّم طريقة الحياة الرهبانية بدقة وفي وقت قصير تعلّم المزامير وكل نظام الدير. وكان لديه الشوق المضطرم في داخله من أجل حياة التقوى، أي الحياة في المسيح فقاده الرب من مدينته موتالاسكا في كبادوكية إلى الأرض التي وطئتمها قدما إلهنا، إلى فلسطين. حيث تعلّم الحياة الرهبانية وخضع لآباء البرية العظماء أمثال القديس ثيوذوسيوس رئيس الأديار والقديس افثيميوس الكبير والذي اقتدى بهم البار سابا فيما بعد.

       لقد كانت وصية القديس بولس الرسول” لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية 12: 2) ملازمة لذهن مستوطن البرية سابا، فاحتقر كل مطربات وأشكال هذا العالم وكل الأمور الوقتية كالمجد والغنى وكل ما هو زائل وفاسد. فكان غيوراً لعمل مشيئة الرب وإرادتِهِ لهذا فإن مرنم الكنيسة يقول: لقد تنزَّهت بالفضائل عن العالم والجسد. يا مُلهِمَ الله سابا الأب الحكيم. ومجَّدت بها ربَّ المجد طول حياتك على الأرض. فتمجَّدت عن استحقاقٍ. وأصبحت ينبوعاً للأشفية إلهيّاً يستقيها من لدُنه تعالى.

    حقاً أيها الإخوة الأحبة إن أبينا البار سابا قد استبان نبع أشفيه أي طبيباً للمرضى ومداوياً لأمراض النفس والجسد. وإنه لبرهان صادق ما هو موضوع أمام أعيننا أي جسده غير الفاسد والذي يفيض منه رائحةً زكية ومواهب أشفيه كما يقول القديس غريغوريوس بالاماس في عظتهِ عن رفات القديسين قائلاً: ما هو السبب الذي يكشف المجد الذي يعطيه الله لرفات وعظام القديسين؟! حيث يمتد هذا المجد إلى الابد، فرائحة الطيب المقدسة التي تنضحها رفاتهم والعطر الذي يتدفق منهم، ومواهب الأشفية، وصنع العجائب وإجراء المعجزات وغيرها من الكثير من الأشفية الخلاصية التي تحدث لنا من خلالهم.

       ومن الجدير بالذكر أن رفات القديسين وعظامهم تشكّل الشهادة الصادقة على القيامة من بين الأموات ذِكْرُ الصِّدِّيقِ لِلْبَرَكَةِ. (أمثال 10: 7) وأيضا “نفوس الصديقين هي بيد الله” (حك سليمان 3 :1) كما يقول الكتاب المقدس وأما مخلصنا يسوع المسيح فيقول: لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ (متى 22:32)

     إن الشهادة الحقيقية بأن “الله إله أحياء” من جهةٍ وقيامة الأموات من جهةٍ أخرى يكرِزُ بها لنا ويبشر بها لنا أبينا البار سابا المتقدس هذا القديس البار الذي أحِبُّ الرَّبَّ إِلهَهُ مِنْ كُلِّ قَلْبِه، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِهِ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِه. (متى 22 :37 )

فلهذا نحنُ مدعوون اليوم نحن مكرمي ذكرى أبينا البار سابا المتوشح بالله كي نعملُ نحنُ بوصايا المسيح مخلصنا ونحافظ عليها ونحب كنيستهُ لأن القديس يوحنا الإنجيلي يقول: نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّير.وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ (1 يوحنا 5 :19) ونقول هذا لأنه بحسب المزمور كثيرون خَادَعُوا (الله) بِأَفْوَاهِهِمْ، وَكَذَبُوا عَلَى (الله) بِأَلْسِنَتِهِمْ. (مزمور 77 :36)

     ختاماً نتضرعُ إلى مستوطن البرية العظيم أبينا البار سابا المتقدس بما له من الدالة لدى المسيح إلهنا، لكي بشفاعات الفائقة البركة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم أن ينير عقولنا بالنور الإلهي ويمنح السلام لنفوسنا وعظيم الرحمة ومع المرتل نهتف ونقول: إنّ ديرك العظيم الكليَّ الإكرام الذي بنيتهُ أنت وسكنتهُ ولم تزل تحرسهُ أيها الحكيم. يصدع جهاراً بعبارات الشكر لك مفتخراً بك. ويصرخ نحو الرب قائلاً مباركٌ أنت يا الله إله آبائنا.   آمين   

مكتب السكرتارية العام