1

ألبطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد القديس يعقوب أخي الرب أول أساقفة أورشليم

 

إحتفلت البطريركية الاورشليمية وأخوية القبر المقدس يوم الثلاثاء 5 تشرين ثاني2019 بعيد القديس يعقوب اخي الرب أول اساقفة أورشليم في الكنيسة المسماة على إسمه في البطريركية, وهو شفيع الكنيسة الأورشليمية وأخوية القبر المقدس.

ينحدر القديس يعقوب اخو الرب من اليهودية، وقد استحق أن يدعى “أخا الرب” بسبب قرابته للرب يسوع بالجسد والروح. فالقديس يعقوب، بحسب رأي البعض، كان ابن يوسف الخطيب مولوداً له من امرأته التي كانت معه قبل أن يخطب مريم الدائمة البتولية. ويرى آخرون انه كان ابن أخي يوسف، أي ابناً لأخيه كلاوبا من مريم امرأته، والتي كانت ابنة خالة والدة الإله.
فلهذه النسبة كان يدعى أخا ارب (متى:55:13) ويلقبه الإنجيليون بالصغير(مرقس 40:15) تمييزاً له عن يعقوب بن زبدي الذي يلقب بالكبير. وكان يلقب أيضاً “بالصديق” أو “البار” لعظم بره وعدله.
أقيم الرسول يعقوب أسقفاً على أورشليم سنة 34 م. وكانت له مكانة خاصة عند جماعة الرسل، ولكلامه عندها منزلة القانون، كما يتبين من كتاب أعمال الرسل.

وقد‭ ‬قيل‭ ‬إنّه‭ ‬جاء‭ ‬بالكثيرين،‭ ‬يهودًا‭ ‬وأمميين‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬بالمسيح،‭ ‬فحقد‭ ‬عليه‭ ‬اليهود‭ ‬وقرّروا‭ ‬التخلّص‭ ‬منه‭. ‬وقد‭ ‬وعظ‭ ‬الشعب‭ ‬مرّةً‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬أحد‭ ‬البيوت،‭ ‬أو‭ ‬ربّما‭ ‬من‭ ‬جناح‭ ‬الهيكل،‭ ‬فجاءه‭ ‬الكتبة‭ ‬والفريسيون‭ ‬وألقوه‭ ‬من‭ ‬علوٍ‭ ‬فسقط‭ ‬أرضًا‭ ‬وأصيب‭ ‬ولكنّه‭ ‬لم‭ ‬يمت‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مهووسًا‭ ‬عاجله‭ ‬بضربةٍ‭ ‬عصا‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬فقضت‭ ‬عليه،‭ ‬فرقد‭ ‬في‭ ‬الربّ‭ ‬شهيدًا‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬والستين‭ ‬من‭ ‬العمر.
وقد‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬62‭ ‬للميلاد‭. ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬يهود‭ ‬أتقياء‭ ‬أشاعوا،‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬أن‭ ‬محاصرة‭ ‬أورشليم‭ ‬وهدمها‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬السبعين‭ ‬كان‭ ‬عقابًا‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬قتله.

ترأس خدمة صلاة الغروب والقداس الاحتفالي بعيد هذا الرسول العظيم وأسقف كنيسة أورشليم, غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه أساقفة وكهنة أخوية القبر المقدس. 

ورُتلت صلاة القداس باللغة اليونانية والعربية, وحضر عدد كبير من الرعية الاورثوذكسية من كنيسة القديس يعقوب اخو الرب في القدس وايضاً عدد من الزوار من الخارج.
والقى غبطة البطريرك كلمة بهذه المناسبة.

بعد القداس الالهي وكما هي العادة سلّم أعضاء اللجنة الكنسية في كنيسة القديس يعقوب أخو الرب مفاتيح الكنيسة لغبطة البطريرك برهاناً على الطاعة الكنسية وانتماء هذه الكنيسة للبطريركية الاورشليمية, بدوره بعد استلامه للمفاتيح قام غبطة البطريرك بإرجاعها للجنة الكنسية مع مباركته وتهانيه للجميع بمناسبة هذا العيد الذي يخص اخوية القبر المقدس والكنيسة ألاورشليمية.

كلمة صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس بطريرك المدينة المقدسة بمناسبة عيد القديس يعقوب أخو الرب أول رؤساء أساقفة آوروشليم 5-11-2019

كلمة البطريرك تعريب” قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

  يقول صاحب المزمور: الصِّدِّيقُونَ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الأَبَدِ. فَمُ الصِّدِّيقِ يَلْهَجُ بِالْحِكْمَةِ، وَلِسَانُهُ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ. (مزمور 36: 29-30)

أيها الإخوة المحبوبون بالمسيح

أيها الزوار الأتقياء

     إن ذكرى القديس الرسول يعقوب الصديق أخو الرب قد جمعنا اليوم في هذه الكنيسة التي تحمل اسمه لكي نرفع ذبيحة الشكر والتسبيح غير الدموية للإله الواحد المثلث الأقانيم على عجائبه وعظائمه التي يصنعها في أبراره وقديسيه.

     لقد استبان القديس يعقوب أداة لنعمة الروح القدس وذلك لأنه أصبح أول أسقفٍ على كنيسة آوروشليم وسيّم أسقفاً من قبل ربنا يسوع المسيح نفسه وأول من كتب القداس الإلهي ووضع تعاليمها من قبل مخلصنا المسيح كما يشهد بذلك كاتب سنكسار الكنيسة.

      إن رسول الأمم بولس يدعو البار يعقوب “عمود الكنيسة” وأما رسالته الجامعة فتظهره معلماً عظيماً وأن له مكانةً وشخصيةً كبيرة بين قرائه. وقد أخذ اسم “أخو الرب” وذلك لأنه بحسب المفسرين هو أخو يسوع المسيح ابن يوسف الخطيب من امرأة أخرى والتي كان متزوجاً منها القديس يوسف الخطيب قبل أن يخطب الدائمة البتولية مريم والدة الإله. ومن شدة نسكه تيبست ركبتاه وأضحت كالحجر من كثرة السجود في الصلاة، فقد كان ساجداً دوماً لله طالباً مغفرة خطايا الشعب. ومن غيرته الشديدة للبر أي ايمانه بالله وأعماله الصالحة قد دُعي بالبار.

مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ (يعقوب 2: 14) هذا ما يكرز به في رسالته الجامعة متحدثاً فيها عن علاقة جسد الإنسان بنفسه قائلاً: لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ. (يعقوب 2: 26)

      وبكلامٍ آخر إن الإيمان بدون أعمال هو إيمانٌ بطالٌ وميتٌ ليس لأنه فقط ليس له أي مظاهر تثبت أن له حياة روحية من قبل من يدعي الإيمان بل لأنه أيضاً لا يستطيع هذا الإيمان الميت أن يعمل فيه من أجل الخلاص إذ إنه من المستحيل لذلك الإنسان المهمل واللامبالي وإيمانه غير الفعّال أن يقوده هذا الإيمان الميت إلى الحياة الأبدية كما يؤكد بذلك القديس كيرلس الإسكندري إذ يقول: إن الإيمان بالمسيح يبررنا وينجينا من دنسنا القديم ومن سقطاتنا ولكن إن أهملنا وعدنا وسقطنا في الأهواء الجسدية والملذات العالمية وانجرفنا نحوها بعد أن تبررنا بالمسيح فإن هذا يعني أنه قد قتلنا إيماننا بالمسيح وعدنا للحياة القديمة المظلمة.

     لقد دُعي القديس يعقوب بالبار وذلك ليس فقط لأنه آمن بابن الله الذي سبق وأنبأ وبشّرَ به أنبياء الناموس الموسوي ولكن أيضاً لأنه أصبح مشاركاً في آلام المسيح لاسيما موته الاستشهادي الدموي متمثلاً بموت المسيح كما يكرز القديس بولس الرسول بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِلأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. (فيلبي 3: 8-11).

     ويفسر يوحنا الذهبي الفم أقوال القديس بولس الرسول قائلاً: إن هذا البر هو من الله وهو موهبة وعطية كاملة. ويُعلم القديس يعقوب بأن الله هو نبع كل المواهب الكاملة والعطايا الصالحة لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ.كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. (يعقوب 1: 16-17).

     فحقاً علينا أن نكون واثقين بأن الله الذي دعانا إلى شركة بِر ابنه ربنا يسوع المسيح هو أمين أن يحفظ جميع وعوده، لذلك علينا أن نؤمن ونثق به دون ترددٍ كما يقول القديس بولس الرسول أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. (1كور 1: 9).

      إن إيماننا بالله يُجرب من خلال أفعالنا وأعمالنا وأقوالنا كما يقول القديس يوحنا الدمشقي “إن الإيمان بدون أعمال هو إيمان ميت وكذلك الأعمال بدون إيمان، فالإيمان الحقيقي يتحقق بالأعمال”. لهذا فإن القديس يعقوب يعرض لنا من بين الأنبياء النبي أيوب مثالاً للصبر واحتمال المشقات. فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لاَ يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِئَلاَّ تُدَانُوا. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ.خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ.هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ. (يعقوب 5: 10-11).

      إن أقوال القديس يعقوب الرسولية التعليمية تجعلنا نفكر ملياً يإيماننا المسيحي من جهةٍ ومن الجهة الأخرى نفكر في وضعنا داخل جسد المسيح السري أي كنيسته والتي هدفها أي هدف الكنيسة الأكيد والمثالي هو أن نصبح بحسب القديس بطرس الرسول شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ (2بطرس 1: 4) أي نكون قديسين ومشاركين في حياة المسيح. وهذا يصير بالطبع بعد أن نتخلص من فساد العالم، هذا الفساد الذي يجلب الشهوات والرغبات الجسدية العابرة. إذ أننا نصبح آلهةً مشاركين النور الإلهي إذ لا تتحول طبيعتنا إلى طبيعة إلهية “أي الجوهر الإلهي” بل نصبح مشاركين الطبيعة الإلهية، كما يفسر القديس يوحنا الدمشقي.

      وبكلامٍ آخر أيها الإخوة الأحبة إن الذين يؤمنون بيسوع المسيح أنه الإله والمخلص كما يقول القديس يوحنا الإنجيلي: اَلَّذِينَ وُلِدُوا مِنَ اللهِ. (يوحنا 1: 13) أي من روح الله. (يوحنا 3: 5، 8) فإن المبررين والمقدسين هم أولاد الله (1 يوحنا 3: 1). وأما الله فسيدعى أبيهم (أفسس 2: 18) و (رومية 4: 12) وبالتالي سيرثون ملكوت الله كما يقول بولس الرسول فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. (رومية 8: 17).

      فإننا نحن الذين نكرم اليوم تذكار يَعْقُوبُ، عَبْدُ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (يعقوب 1: 1) أخ الرب الذي يعظ معلماً: إن طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. (يعقوب 5: 16) فإننا نتضرع إليه لكي بصلواته وبشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم ومع المرنم نهتف ونقول: لقد صرت أخاً وخليفة للمسيح رئيس الرعاة وشهيراً بين الرسل يا يعقوب المجيد. ثم أحببت الموت من أجله ولم تستنكف عن الاستشهاد في سبيله. فلا تنقطع عن التضرع إليه طالباً الخلاص لنفوسنا. امنح السلام للعالم وهدئ اضطراب منطقتنا من الحروب.

آمين

مكتب السكرتارية العام