1

الإحتفال بعيد القديسة العظيمة في الشهداء كاترينا

إحتُفل يوم السبت 8 كانون أول 2018 في البطريركية الاورشليمية بعيد القديسة الشهيدة كاترينا المولودة في ألاسكندرية, وأقيمت خدمة القداس الالهي في عدة أديرة مكرسة على أسم القديسة كاترينا.
ولدت القديسة كاترين فى أواخر القرن الثالث الميلادى فى مدينة الإسكندرية باسم : ” ذروثيا ” من أبوين وثنين من سلالة الملوك يتمتعان بثروة وشهرة واسعة، وفى الخمسة عشر من عمرها فقدت والدها ” كمونستاس “، الذى كان حاكماَ لمدينة الإسكندرية، فتولت أمها ” سابينلا ” تربيتها وتعليمها . درست كاترينا مؤلفات كبار الفلاسفة والشعراء، وعلم البلاغة والمنطق، وأيضاَ علوم الطب كما أجادت الكثير من اللغات فى مدينة الإسكندرية تلك المدينة المحبوبة، التى كانت فى عهد الرسل هى المدينة الانية فى الأمبراطورية الرومانية بعد روما، وكانت تعتبر عاصمة العالم الثقافية والتى أطلق عليها ألقاباَ كثيرة مثل : المدينة المحبة للمسيح، مدينة العلماء والفلاسفة، مدينة المدن، وملكة الشرق، ومدينة الذهب، والجميلة جداَ، والسعيدة ، والمقدسة، وعروس البحر الأبيض المتوسط، والمدينة العظمة الإسكندرية.تعنى كاترينا فى اللغة السريانية : ” ذات التيجان الكثيرة ” ، وفى الغة اليونانية : ” النقية “. قبلت إكليل الشهادة زمن ألامبراطور ماكسيميوس سنة 305 للميلاد.

وإحتفلت البطريركية الأورشليمية بهذا العيد في:

1- كنيسة تجلي الرب في مدينة رام الله حيث ترأس خدمة القداس الالهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, قدس الأرشمندريت غلاكتيون الرئيس الروحي في رام الله, قدس الأرشمندريت كاليستوس, قدس الأب يعقوب كاهن الرعية, قدس الأب سمعان من مطرانية الناصرة, قدس الأرشمندريت سيرافيم والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. ورتلت جوقة الكنيسة الالحان الكنسية البيزنطية بحضور حشد من أبناء الرعية الأورثوذكسية في رام الله والمنطقة.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديسة العظيمة في الشهيدات كاترينا في مدينة رام الله  

كلمة البطريرك تعريب: قدس الاب الإيكونومس يوسف الهودلي

يقول القديس سليمان الحكيم مَخَافَةُ الرَّبِّ أَدَبُ حِكْمَةٍ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ. (أمثال 15: 33) أي أن مخافة الله وتقوى الله تلد الأدب العملي وفضيلة الحكمة للإنسان الذي تربى على تقوى الله ومخافتهِ.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

إن ذكرى القديسة كاترينا العظيمة في الشهيدات قد جمعتنا اليوم في هذه الكنيسة التاريخية المقدسة، كنيسة تجلي مخلصنا المسيح لكي بشكرٍ وتسبيح نُكرم شهيدة محبة المسيح.

وبحسب المؤرخ افسافيوس قيصرية، فإن القديسة كاترينا وُلدت وعاشت في مدينة الإسكندرية، وهي ابنة قنسطا، وهي بتولٌ، ذكية وجميلة جداً وقد كانت مُتحلية بالثقافة والحكمة والغنى الوافر وقد وقفت أمام مكسيميانوس الإمبراطور الروماني الذي قدم إلى مدينة الإسكندرية ورغب الامبراطور في أن يضحي كل أهل المدينة للأوثان للدلالة على خضوعهم لسلطانه وولائهم لدولته تحت طائلة التعذيب والموت. وفيما باشر كهنة الأوثان بإقامة الطقوس ونحر البهائم، وفيما كان الناس يتدفقون على المكان لتقديم الطاعة للإمبراطور والاشتراك في رفع الذبائح للأصنام، احتدت روح كاترينا  فيها فجاءت ووقفت أمام الإمبراطور وبذهن ثابت غير متزعزع وبوضوح بيانها وقوة كلامها أسكتت جميع كبار الفلاسفة والخطباء وقد اعترفت بإيمانها بالمسيح ونالت إكليل الشهادة من إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح سنة 305 بعد الميلاد.

      تتميز القديسة العظيمة في الشهيدات بين شهيدات المسيح وذلك بسبب حكمتها النادرة وأدبها وثقافتها والتي تكونت من تقوى الله ومخافته والتي هي إيمانها العميق بالإله الحقيقي وحفظ وصاياه كما يقول صاحب المزمور أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ عَلَى خَائِفِيهِ، وَعَدْلُهُ عَلَى بَنِي الْبَنِينَ، لِحَافِظِي عَهْدِهِ وَذَاكِرِي وَصَايَاهُ لِيَعْمَلُوهَا. (مزمور 102: 17-18) ويقول أوريجانوس إن الحياة الحاضرة والمحسوسة هي حياة وقتية أما رحمة الرب فهي إلى الأبد. ويشرح القديس يوحنا الذهبي الفم قول سليمان الحكيم “مخافة الرب تأديب وحكمة” إذ يقول إن مخافة الله تجعل الإنسان يعيشُ “فضيلة التواضع” عملياً ونظرياً”

وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة إن مخافة الله أي تقوى الله هي الأساس لحياة الإنسان الصحيح وللحكمة، لهذا فإن القديس بولس الرسول يكرز قائلاً: وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. (1كو 1: 23-24)

لهذا فإن سلاح القوة الإلهية والمسيح حكمة الله قد لبسته كاترينا المجيدة سامعةً لأقوال القديس بولس الرسول الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. (أفسس 6: 11)

لهذا السبب فإننا نرى لماذا يتبع وينبع مجد الله من حكمة الله وتأديبه، كما يُعلّم بطرس الرسول وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى. (1بطرس 5: 4). إن إكليل المجد الذي لا يذبل قد نالته القديسة العظيمة في الشهيدات كاترينا كما يقول مرنم الكنيسة: لقد ظهرتِ شهيدةً برضاكِ يا كاترينا الكليّة الشرف. إذ وبخَّتِ الحاكم الطاغي بلهجةٍ شديدة ودحضتِ بنور معرفة الله وبالنعمة الإلهية الهيام بعبادة كثرة الآلهة الحمقاءِ الوخيمة ومن ثمّ كللّكِ المسيح مخلص نفوسنا. كشهيدةٍ وكبتولٍ بريئة من العيب.

وربما يتساءل أحدٌ ما قائلاً ما هو نوع وأي شكل هو إكليل المجد الذي توُجَت به القديسة كاترينا؟ إن هذا الإكليل هو مجد إلهنا ومخلصنا المسيح وهو ليس إلا الاشتراك ومساهمة الأبرار في تجلي يسوع المسيح عندما “أَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (متى 17: 2).

وبكلام آخر إن عروس المسيح كاترينا كتلميذة أخرى ليسوع المسيح قد استحقت معاينة مجد الله لأنه كما يقول المرنم: لقد خضعت الملكة لتعاليمك. فبادرت إلى عبادة الله فاحتملت مكابدة الأوجاع بجلادةٍ فاستحقت لا محالة ملكوت السماوات الذي لا يزول. هاتفة يا كهنة باركوا السيّد. ويا شعب ارفعوه إلى كل الدهور.

وعند صلاة يسوع الكهنوتية تضرع المسيح إلى الله الآب من أجل تلاميذه الرسل وكل الذين سيؤمنون به قائلاً: أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. (يوحنا 17: 24)

ويفسر هذه الأقوال (لكي يروا مجدي) القديس كيرلس الإسكندري قائلاً: إن رؤية مجد المسيح لن تُعطَ للدنيويين والخطأة ولا لمن يهينون ناموس الله بل فقط للقديسين والأبرار وهذا نعرفه أيضاً من كلام النبي: فليعبد الشرير بعيداً لكيلا يرى مجد الرب (إشعياء 26: 1) وأيضاً نقرأ في الإنجيل لقول مخلصنا المسيح: “طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله” (متى 5: 8)

إن العذراء مريم من الناصرة قد صارت إناءً مختاراً للروح القدس بسبب نقاوة وطهارة قلبها فأضحت والدة الله وأم كلمة الله إلهنا مخلصنا يسوع المسيح الذي تأنس من دمائها الطاهرة ووُلد منها في مغارة بيت لحم.

إن كنيستنا المقدسة تقوم بتهيأتنا لهذا الحدث الفائق الطبيعة لسر التدبير الإلهي لتجسد وتأنس كلمة الله لكي نعيد مصغيين لكرازة القديس بولس الرسول لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَلأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (غلاطية 3: 26-27)

إن المسيح أيها الإخوة الأحبة هو نور العالم وشمس البر، لهذا فإننا نحن مدعوون من نحمل اسم المسيح، لكي نلتحف برداء نور شمس البر الذي هو المسيح، لكي نهيئ ذواتنا حتى يدخل فينا ويسكن داخل نفوسنا، شمس البر ونور معرفته.

    لهذا فإن القديسة العظيمة في الشهيدات كاترينا تدعونا اليوم مع القديس ماركوريوس  العظيم في الشهداء الذي نُعيد له اليوم أيضاً لكي نقتدي نحن بهم أيضاً بسيرة حياتهم ونقاوة قلوبهم ومع القديس بولس الرسول نقول:”

مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ

كل عام وأنتم بألف خير

أعياد ميلاد مجيدة

2- في دير القديسة كاترينا في البلدو القديمة بجانب البطريركية ترأس خدمة صلاة الغروب والقداس الالهي سيادة رئيس أساقفة اللد كيريوس ذيميتريوس يشاركه عدد من آباء أخوية القبر المقدس وبحضور مصلين محليين ومن الخارج.

3- أُقيمت أيضاً خدمة القداس الالهي وصلاة الغروب بعيد القديسة كاترينا في دير جبل سيناء التاريخي في كنيسة القديسة كاترينا الذي يتبع روحياً للبطريركية ألاورشليمية والذي فيه تحفظ ذخائر القديسة كاترينا المقدسة, حيث ترأس الخدمة ممثلاً عن غبطة البطريرك سيادة متروبوليت الينوبوليس يواكيم مع رهبان الدير.

مكتب السكرتارية العام