1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد القديس البار سابا المتقدس

 

إحتفلت الكنيسة الأورثوذكسية والبطريركية الأورشليمية في الأراضي المقدسة يوم الأربعاء الموافق 18 كانون الأول (5 كانون أول شرقي) 2019  بعيد القديس سابا المتوشح بالله في وأقيمت الصلاة في لافرا دير القديس سابا الذي أسسه القديس سابا في القرن الخامس ميلادي مع تلاميذه الرهبان. 

دير القديس سابا المتقدس في صحراء يهوذا يُعتبر من أهم المقدسات في ألارض المقدسة وفي التاريخ الكنسي بسبب دوره في وضع أُسس العبادة المستقيمة الرأي وتنظيم الحياة الرهبانية والطقوس الكنيسة, وأيضاً لوجود عدد من القديسين واللاهوتيين والشهداء  الذين تنسكوا في الدير وإعتادوا على الحياة الرهبانية القاسية. أيضاً لعب هذا الدير دوراً حاسماً في النضال من أجل المحافظة على المقدسات والحقوق ألاورثوذكسية للبطريركية ألاورشليمية التي تعرضت للانتهاكات في مراحل تاريخية مختلفة.

تزايُد عدد ألاخوية في الدير أجبر الرهبان على بناء كنيسة أكبر وهكذا بُنيت كنيسة العذراء سنة ٥٠١ م, وجعل الرهبان يبادرون  بتنظيم الحياة الرهبانية في الدير والخدمات الضرورية حتى تتناسب مع عدد الرهبان المتزايد  وتلبية إحتياجاتهم.

سمعة القديس سابا الروحانية وقداسته جعلت منه قائداً ومؤسساً للحياة الرهبانية  في أورشليم  وواضع قوانينها (٤٩٣ م) ليس فقط في ألاديرة الرئيسية التي بناها حتى رقاده سنة ٥٣٢ وإنما في جميع أديرة فلسطين, وكانت اللافرا الرئيسية (أي الدير الرئيسي) مصدر ألهامٍ للطقوس والحياة الكنسية.

منذ سنة 1965 تحفظ رفات القديس سابا في ديره بعد أن تم استرجاعها من روما.

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة صلاة السهرانية والقداس لالهي في هذا الدير التاريخي أساقفة وآباء من أخوية القبر المقدس وكهنة الرعية الأورثوذكسية والرئيس الروحي للدير مع الآباء الرهبان. ورُتلت خدمة باللغيتين العربية واليونانية.

بعد خدمة القداس أعد رهبان الدير مائدة طعام للحاضرين, ثم قام غبطة البطريرك مع اللآباء بزيارة دير القديس ثيوذوسيوس كما هي العادة.

أحتفل أيضاً بهذا العيد في كنيسة رؤساء الملائكة في البلدة القديمية في المدينة المقدسة حيث ترأس خدمة القداس ألالهي قدس الأرشمندريت ستيفانوس. 

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سابا المتقدس 

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 لأَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ. اخْتَرْتُ الْوُقُوفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلهِي عَلَى السَّكَنِ فِي خِيَامِ الأَشْرَارِ (مزمور 83: 11)

أيها الآباء القديسون والإخوة المحبوبون

أيها الزوار الأتقياء

     إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذا المكان المقدس وهذا الموضع المبارك في البرية لكي نحتفل معيدين ومكرمين تذكار أبينا البار سابا المتقدس المتوشح بالله.

     إن أبينا البار سابا قد صار مستوطناً صحراء فلسطين فصار مساوياً للملائكة ومعاشراً للأبرار ونجي الأنبياء ووارثاً مع الرسل والشهداء مصغياً دوماً لوصية القديس بولس الرسول فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ. (فيلبي 3: 20-21).

     وفي دير رهبنته وتوحده في هذه اللافرا في برية اليهودية وفي محيط الأردن قد تتلمذ أبينا البار سابا عند أقدام الآباء العظام المتوشحين بالله وتعلم عندهم الحياة الروحية وقد نجح أبينا البار بقوة إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أن يغير شكل جسده لكي يصير على صورة مجد المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات.

     وإن أكبر دليل وشاهد على ما نقول هو جسد أبينا البار سابا المتقدس ورفاته المفيضة الطيب غير البالية المحفوظة ههنا حيث يتمجد الرب فيه في ِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ.  (2تيم 4: 18) سَاكِنًا الآن فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ (1تيم 6: 16).

     إن ملكوت المسيح السماوي والنور الذي لا يُسبر غوره تُبشر وتكرز به كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة وذلك من خلال قديسيها الذين يزينون جسد الكنيسة أي جسد الإله المتأنس ربنا يسوع المسيح وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ.لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلًا الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ. (كولوسي 1: 18-20).

     لهذا السبب يهتف داؤود النبي قائلاً: قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا.قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ. اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي ديار قدسه. (مزمور 28: 1-2) فإن جمهور الملائكة قد أنشدوا مسبحين الله ومرنمين وقائلين »الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ «. (لوقا 2: 14).

     وبشكلٍ أوضح أي فليكن مجداً لله في أعالي السماوات حيث تسكن الملائكة وعلى الأرض كلها المتخبطة والمضطربة بسبب الخطيئة والأهواء فليحل ويملك السلام الإلهي، وذلك لأن الله قد أعلن الآن ببهاء لطفه وصلاحه على الناس بتجسد وتأنس ابنه.

     إن هذا ” السلام الإلهي” قد صار مساهماً ومشاركاً به أبينا البار سابا وجميع قديسي المسيح لأَنَّ المسيح هو سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ (أفسس 2: 14).

     إن كلمة الله السلام المتأنس والمتجسد أي المسيح ابن الله الذي وُلد في مغارة بيت لحم من دماء الطاهرة النقية الفائقة على كل البركات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، يُبشرنا به من نُكرمه اليوم أبينا البار أداة الروح القدس.

     ختاماً نتضرع إلى أبينا البار سابا المتقدس ونهتف مع المرتل قائلين: تشفع إلى المسيح مبتهلاً إليه أيها البار أن يمنح الكنيسة الوئام والسلام والرحمة العظمى، وأهلنا نحن الذين نسبحك أن نُعيّد بسلام وتوبة لميلاد إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.

كل عام وأنتم بألف خير

أعياد ميلادية مجيدة

مكتب السكرتارية العام