1

تذكار القديسين جوارجيوس ويوحنا الخوزيفيين في دير الخوزيفا

احتفلت بطريركية الروم الاورثوذكسية بعد يومين من عيد الظهور الالهي يوم الثلاثاء الموافق 21 كانون الثاني 2020, بعيد دير الخوزيفي تذكاراً واكراماَ لبانيَي الدير القديسين جوارجيوس ويوحنا الخوزافيتي.
يقع هذا الدير غربي مدينة اريحا في الوادي الذي يسمى وادي قلط, وسكن النساك والرهبان هذا الوادي منذ القرن الثالث الميلادي، فقد سكنوا في البداية في الكهوف ثم في كوات صغيرة في الصخر، لكنهم بدؤوا في بناء الأديرة في القرنين الخامس والسادس، ودير القديس جوارجيوس هو الوحيد الذي نجا من التدمير خلال فترة الغزو الفارسي سنة 614 بعد الميلاد، وبعد ذلك دُمر هذا الدير وقتل العديد من الرهبان والنساك في داخله، ويعرض فيه العديد من الجماجم للرهبان القتلى.

القديس يوحنا أتى الى هذا الوادي للتنسك من اسقفية قيصاريا في فلسطين في القرن الخامس ميلادي, اما القديس جوارجيوس فقد أتى من جزيرة قبرص في القرن السابع ميلادي.

غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث ترأس خدمة صلاة الغروب وخدمة القداس الالهي في الدير يشاركه سيادة متروبوليت كابيتاليس ايسيخيوس, سيادة رئيس أساقفة بيلا فيلومينوس, رهبان الدير وآباء من أخوية القبر المقدس ومن كنائس اورثوذكسية أخرى, وحضر ايضاً عدد من المصلين المحليين وزوار من الخارج ومرتلين من اليونان.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جاورجيوس الخوزيبي في دير خوزيفا 

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب يوسف الهودلي

يقول القديس بولس الرسول لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (غلا 3: 27)
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها الآباء الأجلاء والزوار الأتقياء

إن دير خوزيفا المقدس والذي يُشكل واحةً حقيقيةً في نهر الأردن قد جمعنا اليوم لكي نُكرم بشكرٍ وتمجيدٍ تذكار أبينا البار جوارجيوس الخوزيفي.

فاليوم تفرح وتبتهج دير خوزيفا بأبنائها الأبرار والقديسين ولا سيما أبينا البار جوارجيوس لعيد الظهور الإلهي لمحلصنا يسوع المسيح الذي اعتمد في مجاري نهر الأردن لكي يخلص جنس البشر من الظلمة ويُشرق لهم بنور المعرفة الإلهية.
إن نور المعرفة الإلهية الذي هو المسيح قد صار مشتركاً فيه أبينا البار جوارجيوس وذلك من خلال نسكه الثابت في صحراء خوزيفا والتي تُشكل امتداداً لبرية وصحراء الأردن حيث كان القديس يوحنا المعمدان يصدح بصوت صارخٍ قائلاً تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. (متى 3: 1-2) أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. (متى 3: 11).

أما الذي يُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ ليس هو إلا المسيح والذي بحسب شهادة الإنجيلي يوحنا كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ. (يوحنا 1: 9)
وبكلام آخر فإن المسيح هو نورٌ بحسب طبيعته وأما القديسين فهم يحوزون على النور بالنعمة كما يقول القديس كيرلس الإسكندري: إن المسيح هو نورٌ وبجوهره ولم يحصل على النور بحسب النعمة وأما القديسين فلديهم النور بالنعمة. لقد صار أبينا البار المغبوط جوارجيوس مشتركاً بالنعمة كما يرنم بوضوحٍ مرنم الكنيسة قائلاً: لقد جئتَ إلى النور الذي لا يعروه مساء أيها المجيد جوارجيوس فإنك هربتَ من ظلمة هذه الحياة التي على الأرض وأنت الآن موجودٌ عند الإله الضابط الكل تقف بجانب نور الثالوث القدوس مع الملائكة حيث تعيش بفرحٍ مُرسلاً لنا الإشراق والبهاء أيها المغبوط القديس متشفعاً بنا نحن مكرميك.

إن كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة أيها الإخوة الأحبة تُكرم بوقارٍ وإجلال قديسيها وذلك لأن هؤلاء القديسين من خلال اشتراكهم بالنعمة الإلهية يتشفعون ويُشرقون ويُنيرون جميع الذين اعتمدوا ولبسوا المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر الذي به كان كل شيء.

حقاً أيها الإخوة الأحبة عجيبٌ هو الله في قديسيه (مز 67: 36) وعَجِيبَةٌ هِيَ شَهَادَاتُه (مز 118: 129) كما يُرنم صاحب المزمور قائلاً: وذلك لأن سحابة أبرار وقديسي كنيستنا هم المواطنون الذين يتمتعون بمعاينة مجد الله في السماوات مع الملائكة القديسين كما يقول القديس بولس الرسول فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ (فيلبس3: 20). إن أبينا البار جوارجيوس الذي نُعيد له اليوم قد صار مستوطناً في السيرة السماوية الذي أخصب محيط الأردن أي برية خوزيفا محولاً إياها من صخرةٍ صماء إلى نبعٍ روحيٍ يفيضُ منه جوقٌ عظيمٌ من الأبرار والقديسين كالقديس يوحنا الخوزيفي والقديس يوحنا الخوزيفي الجديد الذي من رومانيا الذين ارتووا من هذا المشروب الروحي كما يقول الحكيم القديس بولس الرسول أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَتْبعَهمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ. (1كور 10: 4).

من هذه الصخرة الروحية التي كانت تتبعهم قد شرب أيضاً جدي المسيح الإله يواكيم وحنة الذين منهم وُلدت فتاة الله الفائقة على كل البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم التي ولدت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي اعتمد من القديس يوحنا المعمدان في مجاري نهر الأردن.

فبتضرعات وتوسلات أباءنا الأبرار المتوشحين بالله الخوزيفيين ولا سيما أبينا البار جوارجيوس الخوزيفي، نحن مدعوون أن نشرب مشروباً روحياً من هذه الصخرة الروحية ومع المرتل نهتف ونقول: إنَّك فيما أنت النور الساطع الذاتيُّ الضياءِ الذي ينير البشر يا يسوعي. قد اعتمدت في مجاري الأردن تتلأْلأُ بجملتك ساطعاً. أيها النور المساوي في الجوهر لأبيه. الذي تستنير بهِ الخليقة كلُّها فتهتف نحوك أيها المسيح قائلةً: مباركٌ أنت يا إلهنا الذي ظهر. المجد لك.

آمين

بعد خدمة القداس في الليل أعد الرئيس الروحي الأرشمندريت قسطنطين ورهبان الدير مادبة طعام على شرف غبطة البطريرك والآباء والزوار.

بعد إكرام هذين القديسين, يقوم هذا الدير المقدس دائماً بتكريم النساك الخمسة الأوائل الذين تنسكوا وعاشوا حياة الرهبنة والتقشف في هذا الدير في القرن الرابع ميلادي وهم: بروموس, ايلياس, ليان,غانيوس وزينوناس, والقديس يوحنا الروماني الخوزريفي الجديد الذي أعلن المجمع المقدس للكنيسة الأورشليمية قداسته حديثاً.

مكتب السكرتارية العامة