1

الإحتفال بعيد القديس سمعان الشيخ القابل للإله

 

احتفلت الكنيسة الارثوذكسية والبطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 16 شباط 2020 بعيد القديس سمعان الشيخ وهو الذي حمل السيد المسيح على ذراعيه وادخله الى الهيكل قائلا : ” الان تطلق عبدك ايها السيد حسب قولك بسلام”, ويأتي تذكار القديس سمعان الشيخ في اليوم التالي لعيد دخول السيد المسيح الى الهيكل.

في القدس الغربية بجانب دير الصليب المُكرم في حي القطمون هنالك دير تاريخي وكنيسة اثرية باسم القديس سمعان الشيخ وتحتضن هذه الكنيسة ضريحه.
هذه الكنيسة ما زالت صامدة في القدس الغربية رغما عن كل الاحداث التي المت بهذا الشطر من القدس عام 1948. ومن يدخل الى الكنيسة ويلتفت الى قبتها يرى اثار الرصاص التي اخترقت بعض الايقونات القديمة اثر احداث عام 1948

اقيمت خدمة القداس الاحتفالي بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ وذلك في كنيسة القديس سمعان الاثرية في حي القطمون حيث ترأس الخدمة الالهية غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه كل من سيادة المطران ميثوذيوس رئيس اساقفة طابور سيادة المطران يواكبم متروبوليت  الينوبوليس, وسيادة متروبوليت مدينة كسانثي بنديلايمون من الكنيسة اليونانية وآباء من أخوية القبر المقدس وكهنة الرعية الأورثوذكسية في القدس. وحضر الخدمة القنصل اليوناني العام في القدس السيد خريستوس سفيانوبولوس ومصلين من الاراضي المقدسة, رومانيا, وروسيا واليونان.

وبعد الانتهاء من القداس توجه غبطة البطريرك مع الأساقفة والآباء الجميع الى ساحة الدير حيث قدّم الارشمندريت ثيوذوريتوس رئيس الدير ضيافةً بهذه المناسبة.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ القابل الإله

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

لما أبصر الشيخ بعينيه الخلاص الذي وافى الشعوب من الله. هتف إليك أيها المسيح قائلاً: أنت إلهي. وذلك عندما أبصر الشيخ سمعان الخلاص الذي أتى لجميع الشعوب هتف إليك أيها المسيح أنت هو إلهي المولود من الآب. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة القديس قزما أسقف مايوما.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار الأتقياء

     إن نعمة الروح القدس التي كانت على القديس سمعان القابل الإله قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس حيث يوجد قبر القديس الذي نكرمه وذلك لكي نحتفل مُعيّدين بشكرٍ لعيد اللقاء أي دخول ربنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى الهيكل حيث حُمل على ذراعي سمعان البار.

     إن عيد لقاء المسيح أو بما يُعرف عيد دخول السيد إلى الهيكل يُشكل في الحقيقة امتداداً لعيد الميلاد المجيد وذلك لأن كلمة الله تأنس وتجسد من دماء العذراء الطاهرة النقية سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وصار إنساناً كاملاً متمماً ما هو مكتوب في ناموس العهد القديم.

     وبحسب ما يوصي به الناموس الموسوي فإنه يجب أن يُقَدّم لله كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي (خروج13: 2، 12-13) وأما النساء اللواتي يلدن يجب عليهن أن يدخلن إلى الهيكل بعد إتمامهن الأربعين يوماً من ولادتهنّ. وأن يُقدمنّ خَرُوفٍ حَوْلِيٍّ مُحْرَقَةً، وَفَرْخِ حَمَامَةٍ أَوْ يَمَامَةٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِلَى الْكَاهِنِ (لاويين 12: 6) وإن كانت من الطبقات الأكثر فقراً تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً، وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ (لاويين 13: 8)

     فيوسف الخطيب وأم يسوع عندما تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِيسوع إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوه لِلرَّبِّ (لوقا 2: 22) في هيكل سليمان عندها اقتبل الطفل يسوع على ذراعيه الشيخ سمعان الصديق والتّقي كما يشهد بذلك الإنجيلي لوقا.

     إن كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة ولا سيما كنيسة آوروشليم تُكرم اليوم بشكلٍ خاص وبوقارٍ هذا العيد الجامع للقديس سمعان الصديق القابل للإله والقديسة حنة النبيّة وذلك لأن القديس سمعان الصديق والتّقي قد تعرف بقوة الروح القدس على ابن الله وكلمته المتجسد كما يؤكد ذلك الإنجيلي لوقا إذ يقول أنّ الرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ.وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. (لوقا 2: 25-26). وبحسب القديس باسيليوس الكبير فإن الشيخ سمعان وحنة النبية رأيا القوة الإلهية التي كانت في المسيح ” كنورٍ عبر أغشيةٍ زجاجية من خلال الجسد البشري تماماً كما نُبصر النور عبر الأنوار الزجاجية هنا أيضاً فإن أنقياء القلوب يرون عبر جسد المسيح نور الألوهية. وبحسب القديس أثناسيوس الكبير فإن البار سمعان من كونه رجلاً في الظاهر لكنه كان أكثر من رجلٍ بإدراكه، فقد كانت آوروشليم الأرضية المنظورة مسكنه وموطنه ولكن آوروشليم العلوية كانت عاصمته.

     إن ما ذكرناه سابقاً يؤكد عليه لاهوتياً القديس قزما المرنم قائلاً: لقد غطت فضيلتك السماوات أيها المسيح، فإنك برزت من تابوت قدسك الأم المنزّهة عن الفساد فشوهدت في هيكل مجدك طفلاً محمولاً في الأحضان، وامتلأ الكل من تسبيحتك.

     وبحسب قزما مرنم الكنيسة إن العذراء والدة الإله مريم هي التابوت الجديد “العقلي الحي”، فبحسب القديس يوحنا الدمشقي فإنها حملت في أحشائها كجنينٍ “المقدس” أي جسد الرب يسوع المسيح الممسوح والمقدس والمؤله من الألوهة التي اتخذها جسده. فإن المسيح قد برز من الأم المنزهة عن الفساد، برز كطفلٍ في هيكل مجده محمولاً على الأيدي، وكما يقول القديس يوحنا الدمشقي: فالإله الكائن قد صار إنساناً وحُمل كطفلٍ صغيرٍ على الأيدي الأرضية.

     إن الأيدي الأرضية ليست هي إلا ذراعيّ الشيخ سمعان وهذا ما يتفوه به القديس الإنجيلي لوقا أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِنُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ (لوقا 2: 28-32)

     إن موهبة النبوءة التي للقديس سمعان قد جعلته يرى من قبل بأن هذا الطفل هو المسيح مخلص العالم كما سبق وتنبأ عنه إشعياء العظيم الصوت قائلاً: وَيُبْصِرُ كُلُّ بَشَرٍ خَلاَصَ اللهِ (لوقا 3: 6) وبحسب المزمور أَعْلَنَ الرَّبُّ خَلاَصَهُ. لِعُيُونِ الأُمَمِ كَشَفَ بِرَّهُ (مزمور 98: 2).

     إن فصل الرسائل للعيد السيدي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحدث عيد اليوم إذ يقول: بِدُونِ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ: الأَصْغَرُ يُبَارَكُ مِنَ الأَكْبَرِ (عبرانيين 7: 7) ويذكر القديس بولس الرسول هذا في حدث مقابلة إبراهيم رئيس الآباء مع ملك شاليم ملكي صادق الذي كان أيضاً كاهناً للعلي (تكوين 14: 18). إذ أنه بدون أي نزاعٍ أو مشاجرةٍ فإن الأصغر والأدنى يُبارَك من الأعظم والأكبر وهذا ما حدث عند لقاء الطفل يسوع مع الشيخ سمعان، فرئيس الكهنة العظيم يسوع المسيح الرئيس الأبدي كطفلٍ ابن أربعين يوماً يلتقي بالشيخ سمعان في الهيكل وكما تبارك إبراهيم من ملكي صادق فهكذا أيضاً سمعان الشيخ قد تبارك من المسيح عندما حمله على ذراعيه (لوقا 2: 28)

     وبكلام آخر فإن سمعان البار قد أدرك أن هذا الطفل الإلهي هو الأكبر والأعظم بينما هو الأصغر أي الأدنى لهذا فقد ابتهج قلبه وهتف قائلاً: الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ (لوقا 2: 29)

     فإن أردنا أيها الإخوة الأحبة أن نكون نحن أيضاً مشاركين ومساهمين في هذه البركة التي أخذها من نُكرمه اليوم القديس البار سمعان فعلينا أن نقتدي بإيمانه وبشوقه وبصبره عندما نقترب من رب المجد أي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في سر الشكر الإلهي حيث نصبح نحن من جسدٍ واحد ودمٍ واحدٍ مع المسيح إلهنا ومخلصنا. ومع المرنم نهتف ونقول: هلموا نلتقِ نحن أيضاً المسيح الذي أبصر سمعان خلاصه. فنستقبله بالأناشيد الإلهية هذا هو الذي أخبر داؤود عنه. هذا هو الناطق بالأنبياء الذي تجسد لأجلنا وقد نطق بالشريعة. فلنسجدنَّ له.

   آمين

مكتب السكرتارية العام