1

صلاة المجدله الكبرى بمناسبة العيد الوطني للخامس والعشرين من آذار

أقيمت في كنيسة القيامة صباح يوم الأربعاء 25 آذار 2020 صلاة المجدله الكبرى بمناسبة عيد الثورة اليونانية التي تقع ذكراها في تاريخ 25 آذار من كل عام. هذه الثورة التي قام بها الشعب اليوناني سنة 1821 ضد الدوله العثمانية التي حكمت البلاد لمدة تزيد عن 450 سنة لتحرير البلاد من الظلم والاستبداد.

أُقيمت الصلاة على أرواح الشهداء الابطال وعن الكهنة الذين شاركوا ايضا في هذه الثورة واستشهدوا من أجل الوطن والايمان المسيحي الذي حافظوا عليه كل فترة الاحتلال.
يذكر ان هذه الذكرى قد أدرجتها الكنيسة اليونانية ضمن الاعياد الكنسية عدا عن أنها ثورة وطنية, لأن بدايتها كانت من الكنائس يوم عيد بشارة العذراء وقد لعب الكهنة دوراً رئيسياً بانجاحها, واتخذوا طروبارية ” اني انا مدينتك يا والدة الاله…” كشعار لتثبيت الايمان.

ترأس خدمة الصلاة غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بحضور آباء أخوية القبر المقدس والقنصل اليوناني العام السيد خريستوس سفيانوبولوس وأفراد من الجالية اليونانية في القدس.
بعد الخدمة توجه الوفد البطريركي مع الحضور الى دار البطريركية لتقبل التهاني. وألقى غبطة البطريرك كلمة لتهنئة الشعب اليوناني والكنيسة الاورثوذكسية.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الاستقلال الوطني اليوناني في الخامس والعشرين من شهر آذار 25-3-2020

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

ساعة من الحياة الحرة أفضل من أربعين سنة سجن وعبودية…. هيا في هذا الزمن لنتقدم بغيرةٍ ونقسم على الصليب. هذا ما يقوله الشاعر ريغاس فيريوس في نشيده التشجيعي الوطني أوثوريوس.

سعادة القنصل العام لدولة اليونان السيد خريستوس سوفينوبولوس المحترم،

أيها الآباء الأجلاء،

الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

     يُعيد اليوم جنس الروميين التقي وأمتنا اليونانية للذكرى السنوية للخامس والعشرين من آذار عام 1821 أي يوم عيد بشارة إعادة ولادتنا من العبودية العثمانية والاضطهاد.

     إن هذا الحدث التاريخي للثورة اليونانية عام 1821 لا يتعلق فقط بدحر وهزيمة النير العثماني بل هو وقبل كل شيء يتعلق في الحرية الوطنية للشعوب، هذه الحرية التي هي حقٌ منحه الله للشعوب لا يستطيع أحد أن يأخذه أو يسلبه منه. كما يكرز القديس بولس الرسول: وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، (أعمال 17: 26)

     إن الإيمان بالإله الحي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي حررنا وأعتقنا من عبودية العدو من جهةٍ والرغبة والشوق الذي لا يُغلب ولا يُقهر من أجل حرية الوطن من جهةٍ أخرى يشكلان نبع الإلهام الذي لا ينضب الذي كان عند الثوار والقادة الأوائل للثورة وللعبيد اليونانيين.

     إن الغيرة التي كانت لأولئك العبيد الروميين “الثوار” من أجل العطية الإلهية أي حرية الوطن جعلتهم يسفكون دمائهم ويضحّوا مجاهدين لأن أولئك الثوار أقسموا بالقسم الذي صار على صليب المسيح كما قال ريغاس فيريوس، وكما قال بطرس الرسول فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟ (1بطرس 3: 13)

     ونقول هذا لأن دوافع مجاهدي ثورة 1821كانت دوافع طاهرة وطوعية نابعة من بساطة قلبٍ ومن داخلهم ولم يُملي عليهم أحد هذه الدوافع من الخارج، كما يشهد بذلك شعار الثورة للشيخ ثيوذوروس كولوكوترونيس: الآن الجهاد لأجل الإيمان المسيحي المقدس وحرية الوطن.

     إن الضمير القومي والوطني لجميع اليونانيين، قد تشكل من المبادئ الرفيعة للإرث الثقافي الكلاسيكي والمبادئ الخلاصية التي لا تُمحى للتقليد الآبائي المسيحي الأرثوذكسي، الذي يأمر أَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ في زوال. (1كور 7: 31) وأن حرية النفس الروحية هي في المسيح القائم من بين الأموات في المَدِينَةٌ الْعَتِيدَةَ. (عب 13: 14) أو الوطن.

     بكلام آخر إن هذا العيد السنوي لإعادة الولادة القومية الوطنية لعام 1821 ليس هو ببساطة رسالةٌ تاريخية للحدث بل هي رسالة أخلاقية للحاضر ولمستقبل عصرنا وعالمنا المتطور والموجود تحت قيود المادة، والاقتصاد ورفاهيته التي تقود بالمعرفة أو بغير المعرفة إلى الانتحار والهلاك الروحي والنفسي والجسدي لمن يعيشون في هذا العالم.

     إن مساهمة الكنيسة كانت حاسمة عبر كهنتها التي كانت تشمل أيضاً أعضاء من أخوية القبر المقدس وعدد لا يُحصى من رؤساء الكهنة مثل جرمانوس رئيس أساقفة بترا الذي حمل ورفع راية الثورة وكهنة كالقديس قزماس الإيتولوس ورهبان أخرى بسطاء قد ضحوا بدمائهم وصاروا شهداء من أجل الحرية الدينية والوطنية، كما يقول شاعر النشيد الوطني ذيونيسيوس سولوموس هذه الحرية المؤسسة على عظام اليونانيين المقدسة.

     لذلك فإن أخوية القبر المقدس الموقرة مصغيةً دوماً لأقوال القديس بولس الرسول التي تقول” اثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. (غلاطية 5: 1) قد قدمت بواجبٍ عليها الإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ. (رومية 13: 7) فقد شاركت بصدقٍ في ذكرى عيد “إعادة ولادة” جنسنا الرومي ووطننا. لهذا فقد قمنا بالذهاب إلى كنيسة القيامة المجيدة ورفعنا صلوات الشكر والتمجيد إلى المصلوب والقائم من بين الأموات ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، على هذا الإحسان والإنعام الإلهي الصائر لشعبنا وقدمنا أيضاً ابتهالات ٍوتضرعاتٍ من أجل الراحة الأبدية في بلدة الأحياء، لنفوس الأبطال المُجاهدين، الذين سقطوا واستُشهِدوا من أجل الإيمان والوطن من شعبنا وجنسنا الروميّ الأرثوذكسيّ.

     لهذا اسمحوا لي أن أرفع الكأس وأشكر هاتفاً:

عاش 25 آذار 1821.

عاش شعبنا وجنسنا الملوكي الروميّ الورع.

عاشت اليونان.

عاشت أخوية القبر المقدس.

كل عام وأنتم بألف خير.

مكتب السكرتارية العام