1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد بشارة والدة الإله

احتفلت البطريركية الاورشليمية والكنيسة الاورثوذكسية في الاراضي المقدسه يوم الثلاثاء الموافق 7 نيسان 2020 بعيد بشارة والدة الاله الدائمة البتولية مريم,في هذه المناسبة نتذكر حدث البشارة في مدينة الناصرة المدينة التي بشر فيها الملاك جبرائيل العذراء مريم بأنها ستحبل وتلد مخلص البشرية يسوع المسيح (إنجيل لوقا 26-37 ) وسمع الملاك الإجابة من فم المباركة في النساء التي أجمع اللآباء القديسين أنها كانت مفتاح بداية خلاص البشرية “هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ”. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.” (لو 1: 38)

تم الإحتفال بهذا العيد الكبير البطريركية:

1. في كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة داخل البطريركية بحضور غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث.

2. في مدينة البشارة الناصرة حيث ترأس خدمة القداس الالهي سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس. وأرسل صاحب الغبطة كلمة معايدة لأبناء الرعية الأورثوذكسية المحتفلين في مدينة الناصرة:

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد بشارة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم 

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 

لتفرحنًّ السماوات ولتبتهجنّ الأرض. لأنّ الابن المساوي للآب في الأزلية والعرش وعدم البداءة. قد شفق راحماً عن فرط محبته للبشر وأخلى نفسه متنازلاً بمقتضى مشيئة أبيه وارتضائه. وحلَّ في حشاً بتولي ٍ قد سبق تطهيره بالروح القدس. فيا للعجب. أنَّ الإله خالط البشر. والغير المتحيّز حل في حشاً. والمنزَّه عن الزمان صار في زمانٍ والأغرب أنَّ الحبل كان بلا زرعٍ. والتنازل يمتنع وصفهُ. والسر عظيمٌ جداً فإن الله قد تنازل وتجسّد وكُوّن. حين بشَرَ الملاك بالحبل هاتفاً يقول للنقية: السلام عليك يا ممتلئةً نعمةً. معك الرب ذو الرحمة العظمى. هذا ما يقوله مرنم الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار الأتقياء

     تفرح وتبتهج اليوم الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية لهذا العيد التاريخي والعالمي الذي حصل في مدينة الناصرة حيث نقف نحن ههنا في هذا الموضع أي موضع بشارة سيدتنا الفائقة البركات الدائمة البتولية مريم من رئيس الملائكة جبرائيل حيث هتف قائلاً لها: افرحي أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ. (لوقا 1: 28)

     اليوم يقول مرنم الكنيسة، يعتلن السرُّ الذي منذ الدهور. ويصير ابن الله ابن البشر. حتى انه باتخاذه من الأدنا يمنحني من الأفضل. إن آدم اشتهى قديماً أن يصير إلهاً. فخاب ولم يصِر. فصار الإله انساناً لكي يجعل آدم إلهاً. فلتفرحنَّ الخليقة ولترقصن الطبيعة طرباً. فإن رئيس الملائكة تمثل بخشيةٍ لدى العذراء. واهداها بالسلام الفرح عوض الحزن. فيا إلهنا الذي لأحشاء رحمته تأنس المجد لك.

     وبكلام آخر إن السر المكتوم منذ الدهور الذي اعتُلِنَ للبشر ليس هو إلا سر التدبير الإلهي الذي هو تأنس وتجسد كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح من دماء النقية الدائمة البتولية مريم. إن هذا السر قد سبق وأنبأ به القديسين أنبياء العهد القديم وخاصة القديس النبي اشعياء العظيم الصوت هاتفاً: وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. (اشعياء 7: 14). لهذا فإن القديس يوحنا الدمشقي يعظم بشارة والدة الإله قائلاً: افرحي يامن سبق الأنبياء القديسين وتنبأوا عنها منذ الدهور.

     وأما النبي داؤود يرنم هاتفاً: رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِرَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. (مزمور 95: 1-2)

     إن خلاص الرب هذا يخص المسيح كلمة الله المتجسد ملك السماوات كما يقول القديس يوحنا الدمشقي بوضوح مؤكداً على عمق المعنى اللاهوتي لعيد بشارة والدة الإله حيث يرنم: إن ملك السماوات قد ظهر على الأرض لمحبته للبشر وعاشر الناس. فإنه اتخذ من العذراء النقية جسداً. وورد بالجسد الذي اتخذهُ منها ابناً واحداً أحداً مثنّى بالطبيعة لا بالأقنوم. فلذلك نعترف كارزين بأن المسيح إلهنا إلهٌ تامٌ وإنسانٌ تامٌ في الحقيقة. فإليه تضرعي أيتها الأم التي لا عروس لها أن يرحم نفوسنا.

     إن الإرادة الحرة بالتعاون مع الشيطان قد أدت إلى سقوط الإنسان من جهة وبالتالي شكّل هذا حدثاً لا شك فيه ألا وهو دخول الموت والفساد أي الخطيئة إلى العالم ومن جهة أخرى محبة الله الآب اللامحدودة لجنس البشر الذي لم يشأ أن تهلك جبلته لهذا فقد اختار العذراء النقية مريم وجعل بطنها فردوساً فيه الغرسة الإلهية أي كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح بحسب كليمندوس هذه الغرسة أي المسيح قد أزهرت المسيح الذي هو آدم الجديد الذي وُلد من الروح القدس ومن دماء النقية العذراء الطاهرة بدون فساد وبدون خطيئة أي عكس آدم القديم المجبول من التراب وينقذه من الهاوية كما يقول المرتل لأَنَّ (الله) يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ. (مزمور 102: 14)

     فمن خلال الممتلئة نعمة الدائمة البتولية مريم وجدنا أيها الإخوة الأحبة الطريق إلى مدينة النور والتي بها فُتحت عيون قلوبنا ومن خلال بشارة والدة الإله العذراء مريم قد استنارت حدقات أذهاننا وجعلتها ترتقي إلى النور العجائبي نور ابن الله الصائر ابن العذراء.

     لهذا فإن القديس يوحنا الدمشقي يمدح والدة الإله هاتفاً: افرحي لأن منك ظهر لنا الرحوم والذي لأجل الإنسان صار إنساناً، افرحي أيتها السيدة والدة الإله لأن كلمة الله قد صار منك ابن الله متجسداً بطريقة لا تُدرك، افرحي أيتها المباركة وحدك في النساء لأنك صَحَّحْتِ سقطة حواء.

     إن تصحيح خطيئة جدتنا حواء لا يملك فقط ببساطة صفة النظرية الأخلاقية بل هي بالأحرى جوهرية تخص هدف سر التدبير الإلهي أي خلاص الإنسان بالمسيح كما يقول الرب لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ (لوقا 5: 32) إن الرَّبِّ إِلهِكُمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ. (يوئيل 2: 13)

    وفي انجيل القديس لوقا: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، (لوقا 1: 35) فالروح القدس وقوة العلي هي التي أوضحت العذراء مريم التي من الناصرة ممتلئة نعمة وحواء جديدة أُعتقنا بها من اللعنة القديمة واستحققنا للفرح الذي لا يوصف كما يقول القديس يوحنا الدمشقي. وبكلام آخر إن حواء الجديدة التي هي الفائقة البركات والدة الإله العذراء مريم التي تبشر عالم اللعنة والخطيئة بالفرح والتوبة والخلاص. وهذا لأن ربنا وإلهنا قد أتحد ذاته بالطبيعة البشرية من العذراء مريم كما يقول القديس ثيوذيروس الستوديتي: أيتها الأم البتول التي لا رجل لها الغير المفضوضة. منك لبس عجنتي الإله الباري الدهور واتحد بذاته طبيعة البشر.

     فمن خلال تذكار هذا العيد المقدس عيد بشارة والدة الإله مريم فإن كنيستنا المقدسة تدعو جميع البشر لهذه البشارة عينها أنَ: إِذًا أَعْطَى اللهُ الأُمَمَ أَيْضًا التَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ (أعمال 11: 18) فبحسب القديس بطرس الرسول إن الحياة التي يقصد بها هنا هي ربنا يسوع المسيح المتأنس والمتجسد من الممتلئة نعمة العذراء مريم.

     ختاماً أيها الإخوة الأحبة نتضرع إلى والدة الإله العذراء أمنا ومع القديس يوحنا الدمشقي نقول: فابسطي رحمتك أيتها السيدة الصالحة على الذين يعرفونك وانظري إلى عبيدك وقومي أرجلهم في طريق السلام والتوبة وخلصينا وخلصي العالم أجمع من سوط وباء الكورونا لأن أعيننا عليكِ وتتشفعي إلى ابنك وإلهنا الذي له المجد والإكرام والسجود مع الآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين.

آمين

 

3. في دير الجسثمانية المقدس حيث ترأس خدمة القداس الالهي سيادة رئيس أساقفة مادبا كيريوس أريسطوفولوس بحضور الرئيس الروحي للدير سيادة رئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس.

4. في كنيسة البشارة في بلدة رافيدا الواقعة بجانب بئر يعقوب المقدس حيث ترأس خدمة القداس الالهي قدس الأرشمندريت ليونديوس.

مكتب السكرتارية العامة