1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بأحد الرسول توما

إحتفلت البطريركية الأورشليمية وسائر الكنائس الأرثوذكسية يوم الاحد الموافق 26 نيسان 2020, بعيد أحد توما وهو الاحد الثاني بعد الفصح المجيد والذي فيه نتذكر ظهور السيد الرب يسوع المسيح الثاني لتلاميذه بعد قيامته المجيدة, لكي يظهر للرسول توما الذي لم يكن حاضراً مع باقي التلاميذ عندما ظهر السيد الرب في المرة الاولى للتلاميذ.

“و لما كانت عشية ذلك اليوم و هو اول الاسبوع و كانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع و وقف في الوسط و قال لهم سلام لكم
و لما قال هذا اراهم يديه و جنبه ففرح التلاميذ اذ راوا الرب
فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم كما ارسلني الاب ارسلكم انا
و لما قال هذا نفخ و قال لهم اقبلوا الروح القدس
من غفرتم خطاياه تغفر له و من امسكتم خطاياه امسكت
اما توما احد الاثني عشر الذي يقال له التوام فلم يكن معهم حين جاء يسوع
فقال له التلاميذ الاخرون قد راينا الرب فقال لهم ان لم ابصر في يديه اثر المسامير و اضع اصبعي في اثر المسامير و اضع يدي في جنبه لا اؤمن
و بعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا و توما معهم فجاء يسوع و الابواب مغلقة و وقف في الوسط و قال سلام لكم
ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا و ابصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا
اجاب توما و قال له ربي و الهي”. يوحنا الاصحاح ال 20.

تم الإحتفال في هذه المناسبة حسب الطقوس الكنيسة للبطريركية في كنيسة القيامة حيث أقيمت خدمة صلاة الغروب في اليوم السابق والقداس الالهي صباح يوم العيد ترأسها سيادة متروبوليت كابيتاليس إيسيخيوس يشاركه عدد قليل من آباء أخوية القبر المقدس بسبب تعليمات الحماية الصحية, كذلك في بلدة قانا الجليل – كفركنا التي تحتفل في هذه المناسبة كل عام في إحتفال مهيب, حيث أقام خدمة القداس الالهي في كنيسة الدير الرئيس الروحي قدس الأرشمندريت خريسوستوموس مراعياً أيضاً تعليمات وزارة الصحة.

لأبناء الرعية قي قانا الجليل أرسل غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث كلمة معايدة:

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الثاني من الفصح “أحد القديس الرسول توما”

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب يوسف الهودلي

هلمّوا بنا في يوم القيامة المشهور نشارك ملكوت المسيح عصير الكرمة الجديد الذي للفرح الإلهي مسبحينه بما أنه الإله إلى الدهور.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     إن المسيح إلهنا الذي احتمل الصلب وحطّم الموت وقام من بين الأموات قد جمعنا اليوم كلنا في هذا المكان والموضع المقدس في قانا الجليل لكي نُعيد لبِدَايَةُ الآيَاتِ التي فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يوحنا 2: 11).

     إن عيد اليوم ألا وهو أعجوبة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل والذي نُعيّدُ له في الأحد الأول من التجديدات أو ما يُعرف بأحد توما له أهمية ومكانةً خاصة وذلك لأن قيامة ربنا يسوع المسيح تُشكل الحقيقة الأساسية للإيمان المسيحي من جهة كما يُكرز القديس بولس: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، (1كور 15: 13-14) ومن جهة أخرى فإن الفصح يُشكل قمة الأعياد في كنيستنا الأرثوذكسية الشرقية كما يؤكد هذا القديس بولس الرسول قائلاً: لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. (1كور 5: 7).

     لقد اختار يسوع المسيح أن يصنع بداية آياته الإلهية أي عجائبه في يوم عرس صديقه سمعان القانوني وبحضور والدته القديسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم. ويدعوا القديس بولس الرسول الزواج سراً عظيماً إن هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. (أفسس 5: 32)

     ويُفسر القديس يوحنا الدمشقي أقوال القديس بولس الرسول هذه فيما يتعلق بتعليمهِ عن اتحاد المسيح بكنيسته قائلاً: إن زواج الرجل بالمرأة يرمز إلى سر خفي حقيقي ألا وهو اتحاد المسيح السري بالكنيسة.

     وبكلامٍ آخر إن ما حدث في هذا العرس المقدس في قانا الجليل حيث تم سرٌ يرمز إلى الحقيقة الخفية، التي هي العُرس الروحي للمسيح مع الكنيسة. كما يؤكد معلماً ذلك بوضوح القديس بولس الرسول: أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، (أفسس 5: 25)

      علاوة على ذلك إن هذا التعليم للقديس بولس الرسول تؤكده شهادة القديس يوحنا الإنجيلي في سفر الرؤيا قائلاً: لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوف “أي المسيح” قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ “أي الكنيسة” هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. (رؤيا يوحنا 19: 7) ويُضيف وَقَالَ لِيَ “أي الملاك”: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ!». وَقَالَ: «هذِهِ هِيَ أَقْوَالُ اللهِ الصَّادِقَةُ». (رؤيا يوحنا 19: 9)

     إن ما سُبق ذكره من نبوءة القديس يوحنا الإنجيلي تُشير لفرح المشتركين في الكنيسة الظافرة أي ملكوت الله والتي يُرمز إليها بعُرس الخروف وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، (متى 8: 11) كما يقول الرب. وأما اندرياس الكبادوكي فيُفسر قول الرب عن المدعوين إلى عشاء الخروف، فيقول: عشاء المسيح هو عيد المُخلَّصين الذين سيفرحون بحبورٍ وابتهاجٍ وانسجامٍ وهم المغبوطين الذين سيفوزون بالدخول مع عريس نفوسنا الطاهر إلى خدر العرس الأبدي.

     وعند العشاء السري أي عند تسليم سر الشكر الإلهي فإن ربنا يسوع المسيح قد أخذ خبزاً وقال لتلاميذه: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ ...وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي». (متى 26: 26-29)

     إن نتاج الكرمة أي الخمر هو عنصر أساسي لإتمام مراسيم الزواج، ويُشكل في العشاء السري صورةً وتذوقاً مُسبقاً للدم المسفوك من الجنب الإلهي المطعون لإلهنا ومخلصنا المسيح. فها هو السبب لماذا المسيح من جهة قد بارك الزواج ومن الجهة الأخرى بارك الخمر من خلال إظهار قوته الإلهية عبر تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل.

    لهذا يرنم القديس يوحنا الدمشقي بفرح وابتهاج صادحاً: هلموا بنا في يوم القيامة المشهور نشارك ملكوت المسيح عصير الكرمة الجديد الذي للفرح الإلهي مسبحينه بما أنه الإله إلى الدهور. وبكلام آخر فإن المسيح من خلال دمه الكريم المسفوك والمهراق على الصليب ومن خلال يوم نهوضه أي يوم قيامته قد جدد طبيعة البشر وألبسها بهاءً وعدم الفساد وجعله شريكاً لملكوته السماوي الأبدي وكما يقول داؤود النبي: الرب قد ملك والبهاء قد لبس، ويدعوه لعشاء الملكوت الأبدي بحسب شهادة القديس لوقا الإنجيلي قائلاً: طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ (لوقا 14: 15)

     أيها الإخوة الأحبة ها قد أصبح واضحاً بأن سر الزواج الذي يُتمم في الكنيسة تمنحه الكنيسة النعمة الإلهية وهي نعمةٌ تقديسيه تُقوي الزوجين وتجعلهما قادران أن يحيا بالمسيح في التفاني والحب المتبادل، كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، (أفسس 5: 25) واشتراكهم السري يرمز إلى السر الذي لا يُدرك ولا يُسبر غوره، سر اتحاد المسيح العريس بالكنيسة عروسه.

     إن هذا السر الفصحي الإلهي الذي لا يُدرك للعرس السري مع العشاء قد أصبح مشاركاً به من نُكرمه اليوم من خلال عدم إيمانه الحسن ألا وهو القديس الرسول توما الذي من خلال عدم إيمانه وعدم تصديقه “بقيامة المسيح” طلب أن يضع اصبعه بأثر المسامير وأن يضع يده في جنب المسيح القائم. والمسيح بمحبته للبشر جعله يتحقق ويستكشف من جسده الغير الفاسد فصرخ توما: ربي وإلهي. ونحن أيها الإخوة الأحبة قد استنرنا بالنور الذي لا يعروه مساء نور إلهنا وربنا ومخلصنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات صارخين: المسيح قام من بين الأموات وداس الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور.

مكتب السكرتارية العامة