1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الرابع من الفصح “أحد المخلع” في كفر ناحوم

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

بَعْدَ ذلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ (يوحنا 5: 14)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     اليوم هو الأحد الرابع من الفصح المقدس فإن كنيستنا المقدسة تكمل ذكر شفاء المخلع الذي أبرأه ربنا يسوع المسيح عند البركة الغنميّة كما يشهد القديس يوحنا الإنجيلي.

     ويذكر مرتل الكنيسة هذا الحدث العجائبي لشفاء المخلع من المسيح قائلاً: كان إنسانٌ طريحاً في الأسقام عند البركة الغنمية فلما شاهدك يا رب هتف: ليس لي إنسانٌ حتى إذا تحرك الماء يلقيني فيه وإلى أن أتقدم أنا فيسبقني آخر غيري ويستمد الشفاء وأما أنا فمُلقى في سقمي. فللحين تراءفت عليه يا مخلص وقلتَ له لأجلك صرت إنساناً ومن جرائك اشتملت بشرةً وتقول ليس لي إنسانٌ. ارفع سريرك ماشياً.

     إن أقوال مرنم الكنيسة تُظهر الهدف الرئيسي والجوهري لسر التدبير الإلهي ألا وهو محبة الله الكلي الصلاح للبشر وحنانه الذي لا يُسبر غوره وذلك لأن مفهوم الخطيئة والذي ينتج عنها الموت ليس هو ببساطة، مجرد مفهوم ذو صفة نظرية أو أخلاقية بل هو “مفهومٌ” يتعلق بالمرض وطبيعة النفس والجسد.

      ويفسر القديس كيرلس الإسكندري أقوال الرب في إنجيل يوحنا “هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ (يوحنا 5: 14) إذ يقول: يعلّم أن الله ليس فقط يدخر تعديات الإنسان ليوم الدينونة العتيدة بل بالأكثر يوبخ الذين لا يزالون يعيشون في الجسد، قبل ظهور يوم الرب العظيم الذي به سيدين به الجميع. لكننا حينما نعثر ونُحزِنُ الله فإننا كثيراً ما نُصاب بأذى شديد وهذا ما يشهد له الحكيم بولس صارخاً. مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. (1كور 11: 30-32)

     ويفسر زيغافينوس أقوال بولس الرسول هذه قائلاً: أن الكثير من الأمراض الجسدية تحدث بسبب الخطيئة وليس فقط هذا بل أيضاً ينتج عن الخطيئة الموت.

     أيها الإخوة الأحبة إنها حقيقة لا جدل فيها بأن كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح اشتمل جسداً وذلك لأنه قال لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ (لوقا 5: 32)، لأن الله أَعْطَى الأُمَمَ أَيْضًا التَّوْبَةَ لِلْحَيَاة) أعمال 11: 18) بحسب الإنجيلي لوقا.  

     وما هي الحياة التي أعطاها الله؟ هي خلاص الإنسان من الخطيئة أي خلاصه من مرضهِ ومن ضعفهِ لهذا السبب فإننا ندعو المسيح طبيب نفوسنا وأجسادنا كما يشهد بذلك الإنجيلي لوقا” فَقَالَ يسوع “للفريسيين”: «امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ “أي لهيرودس”: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ. (لوقا 13: 32)

     لهذا أيها الإخوة الأحبة فإننا مدعوون لكمالنا في المسيح إلهنا القائم من بين الأموات سامعين لما يوصيهِ بنا المسيح إلهنا قائلاً: فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ. (متى 5: 48)

     لهذا فإننا مع المرتل نهتف ونقول: يا والدة الإله الطاهرة إن خالق الكل كما يليق بصلاحه قد ظهر على الأرض وصار إنساناً من بطنك البتولي الطاهر مُألهاً إيانا أيتها المباركة الكلي قدسها.