1

الإحتفال بعيد النبي أليشع في البطريركية

 

إحتفلت البطريركية الاولاشليمية يوم السبت الموافق 27 حزيران 2020 حسب التقليد البطريركي بعيد النبي اليشع في الدير المقام في أريحا المسمى على اسمه, وهناك كما يذكر العهد القديم في منطقة اريحا بدأ النبي اليشع بعمله كنبي خلفاً لمعلمه النبي العظيم ايليا.

بهذه المناسبة اقيم قداس احتفالي بطريركي في كنيسة الدير ترأسه غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه أصحاب السيادة المطارنة كيرياكوس متروبوليت الناصرة, أريسترخوس رئيس أساقفة قسطنطيني السكرتير العام للبطريركية , يواكيم متروبوليت إلينوبوليس, الأرشمندريت إغناطيوس رئيس دير الرعاة في بيت ساحور, الأرشمندريت أونوفريوس رئيس دير جبل الأربعين, الأب خريسوستوموس من دير خوزيفا, الأب كيرياكوس من دير القديس جيراسيموس, وشمامسة من أخوية القبر المقدس. وحضر خدمة القداس الالهي الرئيس الروحي لدير القديس جيراسيموس الأرشمندريت خريسوستوموس,الرئيس الروحي لدير القديس يوحنا المعمدان الأرشمندريت بارثلماوس, آباء الرعية الأورثوذكسية وعدد من أبناء الرعية في اريحا والمنطقة. 

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي أليشع 27/6/2020

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 بسابق إعلان ٍ إلهي جذبك إليه إيليا العظيم، تلميذاً، أيها الحكيم أليشع فأوضحك نبياً لامعاً بالروح، ونحن بتعييدنا لتذكارك المقدس نكرمك وإياه بتقوى أيها المجيد. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.

    أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

       أيها الزوار الأتقياء،

     إن من نال نعمة الروح القدس مضاعفةً وأصبح تلميذاً للعظيم إيليا التسبيتي ألا وهو أليشع النبي الذي جمعنا اليوم في هذا الدير المقدس في مدينة أريحا التاريخية الفلسطينية لكي نعيد بفرحٍ وابتهاجٍ لتذكاره الموقر من جهةٍ ومن الجهة الأخرى نشكر الإله الواحد المثلث الأقانيم الذي أظهر أليشع إناءً عجائبياً له.

      ويذكر كاتب سفر الملوك: أن الرَّبُّ قَال لإيليا: «اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِك امْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ ” فَذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ وَوَجَدَ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ يَحْرُثُ، فَمَرَّ إِيلِيَّا بِهِ وَطَرَحَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ. فَتَرَكَ الْبَقَرَ وَرَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا وكان يخدمه. (3 ملوك19 :19 _ 20)

     إن شخصية وموهبة أليشع النبوية تتميز بدقةٍ في كتاب حكمة سيراخ والتي يقول فيها: ولما تَوَارَى إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ؛ امْتَلأَ أَلِيشَاعُ مِنْ رُوحِهِ، وَفِي أَيَّامِهِ لَمْ يَتَزَعْزَعْ مَخَافَةً مِنْ ذِي سُلْطَانٍ، وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
لَمْ يَغْلِبْهُ كَلاَمٌ، وَفِي رُقَادِ الْمَوْتِ، جَسَدُهُ تَنَبَّأَ. صَنَعَ فِي حَيَاتِهِ الآيَاتِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ الأَعْمَالَ الْعَجِيبَةَ.

     إن القديس النبي أليشع هو الذي ذكره ربنا يسوع المسيح أثناء تعليمه للفريسيين، كما يشهد بذلك الإنجيلي لوقا:” وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ (لوقا 4: 27).

     ومن الجدير بالذكر بأن يسوع المسيح لم يذكر فقط عجائب النبي أليشع بل ذكر أيضاً جميع القديسين أنبياء الناموس الموسوي وذلك لأن الأنبياء قد سبق وتنبأوا وهيأوا الطريق على الأرض لتجسد كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في العالم كما يشهد بذلك ربنا ومخلصنا يسوع المسيح عندما قال لتلميذي عمواس اللذان كانا يسيران معه أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ (لوقا 24: 13، 25-26) وفي مكان آخر فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: بِأَنَّ هذَا هُوَ “المسيح” الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا». (أعمال 10: 34، 42-43)

     إن رسول الأمم القديس بولس الرسول يخص في كرازته الانتخاب والرسولية، فإن الرسل القديسين هم تماماً كالأنبياء يشكلّون الأساس والمسيح هو حجر الزاوية الذي شُيّد عليه بناء جميع قديسي الكنيسة كما يكرز بولس الرسول فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ (أفس 2: 19-20).

     بهذا يتميز الأنبياء الحقيقيون عن الأنبياء الكذبة بأنهم قد سبق وتنبأوا وكرزوا بفعل الروح القدس وولادة المسيح كما سبق وتنبأ اشعياء النبي قائلاً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. (اشعياء 7: 14)

ويصدح مرنم الكنيسة قائلاً: افرح يا أليشع لأنك برهنت بوضوحٍ وأنت تحيا في الجسد على سيرتك المعادلة للملائكة على الأرض، فلذلك نمتدحك فقد حفظت عيون نفسك من الأرضيات أيها النبي مُحدقاً في مجد الروح فقط فاستحققت بذلك أن ترى المستقبليات.

     ويعرض لنا القديس يعقوب أخو الرب في رسالته الجامعة كلاماً معزياً ومشدداً إيانا في التجارب والمحن إذ يقول: خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. (يعقوب 5: 10).

     إن هذا الحدث يُبرهن أن الرسل والأنبياء هم أدواتٌ مختارةٌ لله ممتلئين من الروح القدس أي روح المسيح. وللتمييز بين الكلمة النبوية والرسولية يوضح القديس يوحنا الذهبي الفم مفسراً أقوال الرب يسوع المسيح لِكَيْ يَفْرَحَ الزَّارِعُ وَالْحَاصِدُ مَعًا. (يوحنا 4: 36) ويسأل الأب القديس قائلاً: من هو الزارع ومن هو الحاصد، ويجيب قائلاً: إن الزارعون هم الأنبياء ولكنهم ليسوا الحاصدين بل الرسل هم الذين حصدوا الزرع.

     وبمعنى آخر لقد كانت إرادة الأنبياء هي مجيء المسيح للبشر وهذه إرادة من نكرمه اليوم قديسنا النبي أليشع لكي يأتي المسيح ويسكن في قلوبنا أجمعين.

     هلمو معاً أيها الإخوة في المسيح إلهنا ومخلصنا متضرعين إلى القديس النبي العجائبي أليشع مع من نُعيد لهم اليوم أبينا القديس ميثوديوس رئيس أساقفة القسطنطينية والقديس الشهيد في الكهنة كيرلس أسقف غورتيني الكريتي ومع المرنم نهتف ونقول: يا أليشع الإلهي اشفي المرضى وطهرنا من الخطايا نخن مسبحيك والطالبين إليك بإيمان

وخلصنا وخلص العالم أجمع من سوط الجائحة ومرض فايروس كورونا المعدي لكي نمجد نحن الآب والابن والروح القدس.

آمين

 

اليشع النبي
اسم عبراني معناه “الله خلاص”. وهو خليفة إيليا في العمل النبوي في المملكة الشمالية. وكان أليشع ابن شافاط ومن سبط يساكر. وقد أقام في آبل محولة في وادي الأردن. وكان ينتسب إلى أسرة ثرية، لأن حقل أبيه كان يستلزم أثني عشر زوجًا من الثيران لحرثه. وقد وجده إيليا يحرث فدعاه للعمل النبوي إذ طرح رداءه عليه (1 ملو 19: 16 و19-21) وعندما ذهب إيليا إلى ما وراء الأردن ليُنقل إلى السماء ذهب أليشع رداء إيليا وضرب بالرداء مياه الأردن فانفلق الأردن وانشطر وعبر اليشع إلى الجانب الغربي من النهر (2 ملو 2: 1-18).

ويسجل لنا العهد القديم معجزات قام بها اليشع أكثر من أي نبي آخر. وقد أظهرت بعض هذه المعجزات كما أظهرت معجزات إيليا أن الرب هو الإله الواحد الحقيقي. وقد ساعد بعض هذه المعجزات شعبه ضد أعدائه. وكانت بعض هذه المعجزات أعمال رحمة ورأفة وشفقة شبيهة بالمعجزات التي قام بها المسيح، وكانت هذه أعظم بكثير مما قام به اليشع. ولقد أبرأ اليشع المياه في نبع عند أريحا بوضع ملح فيه (2 ملو 2: 19-22) وقد نطق بلعنة الرب على الأحداث الذين سخروا منه كنبي (2 ملو 2: 23-25) ولقد أنبأ بنجاح الحملة على موآب (2 ملو 3: 11-27) وقد زاد زيت الأرملة على يديه (2 ملو 4: 1-7) وبصلاته عادت الحياة إلى ابن المرأة الشونمية (2 ملو 4: 8-37) وذكر ترياقا للسم الذي تناوله بعض الأنبياء في الطعام (2 ملو 4: 38-41) وأطعم مئة رجل بعشرين رغيف شعير وبعض السويق (2 ملو 4: 42-44) وأخبر نعمان أن يغتسل في الأردن فيبرأ من برصه (2 ملو 5: 1-19) وقد أنبأ بأن جيحزي سيصير أبرص بسبب طمعه وشهوته (2 ملو 5: 20-27) وجعل حديد الفأس الذي سقط في الماء، يطفو إلى السطح (2 ملو 6: 1-7) وأنبأ ملك إسرائيل بتحركات الجيوش الآرامية (2 ملو 6: 8-12) وقد أنبأ في وقت حصار السامرة وتفشي الجوع فيها بأن الحصار سيرفع عنها وأن الطعام سيكون متوفرًا (2 ملو ص 7) وقد أنبأ بنهدد ملك آرام أنه سيموت قريبًا (2 ملو 8: 7-15).

مكتب السكرتارية العامة