1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد تجلي الرب

 

إحتفلت البطريركية الاورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الاراضي المقدسة يوم الأربعاء الموافق 19 آب 2020 بعيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على جبل طابور.
” و بعد هذا الكلام بنحو ثمانية ايام اخذ بطرس و يوحنا و يعقوب و صعد الى جبل ليصلي و فيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة و لباسه مبيضا لامعا و اذا رجلان يتكلمان معه و هما موسى و ايليا اللذان ظهرا بمجد و تكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم و اما بطرس و اللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما استيقظوا راوا مجده و الرجلين الواقفين معه و فيما هما يفارقانه قال بطرس ليسوع يا معلم جيد ان نكون ههنا فلنصنع ثلاثة مظال لك واحدة و لموسى واحدة و لايليا واحدة و هو لا يعلم ما يقول و فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحاب و صار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا و لما كان الصوت وجد يسوع وحده و اما هم فسكتوا ولم يخبروا احدا في تلك الايام بشيء مما ابصروه”. (لوقا الاصحاح9 28-36).

الاحتفال في جبل طابور

اقيمت صلاة السحر وخدمة القداس الالهي (في منتصف الليل) في كنيسة دير التجلي في جبل طابور, , وترأس خدمة القداس الالهي غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث, يشاركه في الخدمة اصحاب السيادة المطارنة كيريوس اريسترخوس رئيس أساقفة قسطنطيني السكرتير العام للبطريركية, كيريوس يواكيم متروبوليت الينوبوليس, وآباء من أخوية القبر المقدس. وقاد خورس الترتيل بالعربية قدس الارشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في مدينة عكا, ورتل باليونانية الأرشمندريت ذيميتريوس. وإقتصر الأحتفال بالعيد هذا العام فقط على رجال الكهنة نظراّ لتعليمات الوقاية الصحية من فيروس كوفيد 19.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على جبل ثابور 19-8-2020

تعريب قدس الاب الإيكونوموس يوسف الهودلي

لقد أخذ المسيح بطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبلٍ عالٍ على انفرادٍ. وتجلّى قدّامهم. فأشرق وجههُ كالشمس. وصارت ثيابهُ بيضاءَ كالنور. وظهر موسى وإيليا يتكلّمان معهُ. وظلّلتهم سحابةٌ منيرةٌ. وإذا صوتٌ من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي بهِ سُررت. فلهُ اسمعوا. هذا ما يتفوهُ بهِ مرنمُ الكنيسة الذي استعمل الكلمات التي رواها الإنجيليّ متى (مت 17: 1-5)

 أيّها الإخوة الأحباء،

أيّها الزّوار الأتقياء الحسني العبادة.

اليوم مخلص نفوسنا الذي أنار الإنسان الفاقد هيئة الجمال وأبهجه وغيّر طبيعة آدم التي كانت قد أظلمت. فجعلها تتلألأُ وألهَّها، قد جمعنا اليوم في جبل ثابور المقدس لكي سرياً في سر الشكر الإلهي، نعاين المسيح معاينةً عقليةً يسطعُ بالأشعة الإلهية. ونسمعُ صوت الآب ينادي بالابن الحبيب الذي أنار الضعف البشري على ثابور. وهو يفيض على نفوسنا بالإنارة.

على هذا الجبل العالي المقدس، حيث تجلى يسوع المسيح أمام تلاميذه وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (متى 17: 2) قد أعطى تصوراً مسبقاً عن نور مجد الله الاب الذي لا يدنى منه. لهذا فإن مرنم الكنيسة يقول “لقد خلفت الغمام الناموسيّ سحابة التجلي المنيرة. التي حضر فيها موسى وإيليا. مستحقين أن يعاينا المجد الساطع الضياء. فهتفا يقولان لله أنت إلهنا ملك الدهور

إن الهدف الوحيد والمطلق لسر التدبير الإلهي أي إيماننا بابن الله وكلمته الذي تأنس ربنا يسوع المسيح وهو لكي نستحق نحن لنور مجد الله الذي يفوق العقل. وربما يتساءل أحدٌ ما قائلاً ما هو هذا مجد الله؟ فنجيبُ أنهُ ذُكِرَ في سفر الخروج أنه”كَانَ مَنْظَرُ مَجْدِ الرَّبِّ كَنَارٍ آكِلَةٍ. (خروج 24: 17). في الجوهر إن منظر مجد الرب هو شخص الله الذي لا يستطيع أحد أن يراه كما هو مكتوب في سفر الخروج وَقَالَ الرب: “لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ. (خروج 33: 20). وفي مكان آخر قال الرب لإيليا التسبي اخْرُجْ وَقِفْ عَلَى الْجَبَلِ أَمَامَ الرَّبِّ». وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ …. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ. وهناك كان الرب (3ملوك 19: 11-12).

وبحسب شهادة القديس الإنجيلي يوحنا فإن الرب هو نور العالم ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». (يوحنا 8: 12). إن نور المسيح هذا ليس هو إلا مجد الرب كما يشهد الإنجيلي لوقا عندما ذكر الرعاة الساهرين من جهة وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ (لوقا 2: 9) ومن الجهة الأخرى عند رجم استيفانوس وَأَمَّا “أستيفانوس” فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ.فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. (أعمال 7: 55-56).

إن حدث تجلي المسيح يُشكل مقدمةً لرسم قيامتهِ أي تهيئة التلاميذ الذين هم مزمعون أن يصيروا شهوداً بعيونهم وبآذانهم على آلامه وصلبه وموته ودفنه الثلاثي الأيام وبالطبع قيامته المجيدة كما يؤكد الإنجيلي متى قائلاً: مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. (متى 16: 21). وهذا أيضاً ما يشهد ويؤكد عليه مرنم الكنيسة قائلاً: لمّا تجلّيت قبل صلبك يا رب، شابه الجبل السماء، وانبسطت السحابة كمظلّة، وشُهد لك من لدن الآب. وكان حاضراً بطرس مع يعقوب ويوحنا، بما أنّهم يكونون معك في حين تسليمك. حتى إذا شاهدوا عجائبك لا يجزعوا من آلامك. إذ أردت أن تعلن ضياء القيامة.

إن العمق اللاهوتي والعلو والعرض لعجيبة تجلي المسيح تتركز على نقطتين أساسيتين: الأولى بأن المسيح قد تجلى وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (متى 17: 2) والثانية هي السَحَابَةٌ النَيِّرَةٌ التي ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». (متى 17: 5).

ونقول هذا لأن خبرة معاينة ضياء وبهاء نور التجلي وسماع الصوت من السحابة لا يخص فقط وينحصر في التلاميذ الذين كانوا متواجدين على الجبل مع المسيح، بل يخص أيضاً جميع أولئك المؤمنين الذين يحبون الله من كل قلوبهم وأفكارهم الطاهرة. ولنسمع ما يقول بهذا الخصوص أبي الكنيسة القديس غريغوريوس بالاماس في تعليمه الذي يستند فيه على كبار الآباء اللاهوتيين والمتوشحين بالله إذ يقول: إن التلاميذ المختارين، كما تسمع الكنيسة ترتل قد عاينوا في ثابور جمال الله الجوهري والازلي…الإشراق الفائق الضياء نفسه الذي لجمال المثال الأول، الرؤية غير المنظورة نفسها، رؤية الحلية الإلهية، التي تؤلِّه الإنسان وتؤهلهُ لعلاقات شخصية مع الله، ولملكوت الله نفسه الأزلي والذي لانهاية له، هذا النور الذي يفوق العقل والذي لا يدنى منه، النور السماوي، اللامتناهي، اللازمني، الأزلي، النور الذي ينبُع عدم الفساد والذي يؤلِّهُ معاينيه. فإنهم قد عاينوا نعمة الروح القدس نفسها الذي حلّ فيهم فيما بعد. اذ ليس سوى نعمة واحدة للآب والابن والروح القدس وقد عاينوها بعيونهم الجسدية التي فُتِحت ليتمكنّوا من أن يروا. هم الذين كانوا عمياناً على حسب يوحنا الدمشقي الإلهي، وقد عاينوا ذلك النور غير المخلوق الذي سيكون منظوراً بلا انقطاع، حتى في الدهر الآتي للقديسين وحدهم وفقاً للقديسَيْن ديونيسيوس ومكسيموس.

إن هذا النور الغير المخلوق نور تجلي مخلصنا يسوع المسيح الذي ظهر وأنار جبل ثابور، أي هذا المكان والموضع المقدس، لهذا فإنه أيضاً يُدعى نور ثابور، لهذا فإن هذا النور يستحق معاينته القديسين والصديقين الأبرار كما هو مكتوب طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. (متى 5: 8) وكما يرنم داؤود النبي قائلاً لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا. (مزمور 35: 10).

ختاماً أيها الإخوة الأحبة نتضرع إلى كلمة الله والله أبي الأنوار لكي بشفاعات سيدتنا الفائقة البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم أم الله ومع صاحب المزمور نهتف ونرنم قائلين: يَا رَبُّ، بِنُورِ وَجْهِكَ يَسْلُكُونَبِاسْمِكَ يَبْتَهِجُونَ الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَبِعَدْلِكَ يَرْتَفِعُونَ. (مزمور 88: 16).

                  آمين

 

في الجسمانية

ترأس خدمة صلاة العيد سيادة رئيس متروبوليت كابيتاليس أيسيخيوس يشاركة عدد من آباء أخوية القبر المقدس.

في رام الله

اقيمت خدمة القداس الالهي في دير التجلي حيث تراس الخدمة قدس الأرشمندريت غلاكتيون يشاركه قدس الأيكونوموس يعقوب,  بحضور عدد قليل أبناء الرعية الاورثوذكسية في رام الله بسبب التقيّد بتعليمات الوقاية الصحية من فيروس كوفيد 19.

مكتب السكرتارية العامة