1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد رقاد والدة الإله الفائق قدسها

 

إحتفلت البطريركية الأورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الأراضي المقدسة صباح يوم الجمعة الموافق 28 آب 2020 (15 آب شرقي) بعيد رقاد الكلية القداسة والدة الإله والدائمة البتولية مريم العذراء.

أقيمت خدمة صلاة الغروب في يوم برامون العيد الساعة الخامسة عصراً في دير الجثسيمانية حيث يوجد قبر السيدة العذراء المقدس ترأسها سيادة رئيس أساقفة جرش كيريوس ثيوفانس يشاركه آباء من أخوية القبر المقدس وبحضور المؤمنين الذي حضروا إكراماً للفائق قدسها التي نحتفل بعيد إنتقالها الى السماء بالجسد من إبنها وربنا يسوع المسيح.

صباح يوم العيد في دير الجسثمانية  ترأس غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي  يشاركه أصحاب السادة المطارنة رئيس أساقفة جرش ثيوفانس, رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, رئيس أساقفة بيلا فيلومينوس, آباء وشمامسة من أخوية القبر المقدس وكهنة الرعية الأورثوذكسية, ورتل باللغة اليونانية الأب سيمون وبالعربية أبناء من رعية كاتدرائية القديس يعقوب أخو الرب. وبالرغم من تعليمات الوقاية حضر عدد كبير من المؤمنين من البلاد ليكرموا والدة الإله في عيد إنتقالها, وهذا العام لم تتم مشاركة الحجاج من خارج البلاد.

بعد انتهاء خدمة القداس الالهي، استضاف الرئيس الروحي لدير الجسمانية ورئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس في قاعة الدير غبطة البطريرك  مع السادة المطارنة والآباء.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رقاد والدة الإله العذراء مريم  28-8-2020

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 

أيَّتها البتول الطّاهرة إنّ حدودَ الطبيعة قد غُلِبَت فيكِ، لأنّ المولدَ بتوليّ والموتَ قد صارَ عربونا” للحياة. فيا من هي بعدَ الولادةِ بتول وبعدَ الموتِ حيَّة يا والدةَ الإله أنتِ تخلِّصين ميراثك دائماً. هذا ما يقوله مرنم الكنيسة.

أيها الإخوة الأحباء،

أيها المؤمنون، والزوار الحسني العبادة،

     إن سيدتنا والدة الإله العذراء مريم والتي هي وحدها في الحقيقة وسعت في أحشائها كلمة الله الفائق الجوهر بحال يسمو على العقل ويفوق الأدراك. قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس عند قبرها لكي نحن والذين اجتمعوا من كافة أقاصي المسكونة التأمنا ذهنياً مع الرسل القديسين مكرمين عيد رقادها المقدس.

     يرنم داؤود النبي قائلاً: قد قيلت فيكي الأمجاد الكبيرة يا مدينة الله (مز 86: 3) كيف نفهمُ إذاً مدينة الله الغير المنظورة والتي لا تدرك الحاوية في قبضته الكل. ويتساءل القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: إن لم تكن تلك التي وسعت في أحشاءها كلمة الله ربنا يسوع المسيح الفائق الجوهر بحال يسمو على العقل ويفوق الإدراك؟ تلك التي لأجلها قيلت كلمات مجيدة من قبل الرب نفسهِ لأنه ما هو أكثر مجداً من أن نقبل مَقَاصِدُ الله مُنْذُ الْقَدِيمِ “التي هي” أَمَانَةٌ وَصِدْقٌ. (إشعياء 25: 1).

     في شخص العذراء مريم والدة الإله غُلبت نواميس الطبيعة كما يقول المرتل: “أيَّتها البتول الطّاهرة إنّ حدودَ الطبيعة قد غُلِبَت فيكِ، لأنّ المولدَ بتوليّ والموتَ قد صارَ عربونا للحياة”. فكما أن الحبل هو بالروح القدس كذلك تجسد المسيح كلمة الله من دماء النقية العذراء مريم، “فالحمل بالمسيح وتجسدهِ” يشكلان تجاوز حدود الطبيعة. ويقول القديس مكسيميوس المعترف: أن العذراء مريم ولدت كلمة الله بما يسمو على الطبيعة، وللبرهان بقيت بتوليتها سالمة.

     عند رقاد والدة الإله غُلبت فيها نواميس الطبيعة كما يقول المرتل القديس قزما: إن الله ملك الكل قد منحكِ “يا عذراء” ما يسمو على الطبيعة. فإنه كما صانكِ في الولادة بكراً عذراء. كذلك حفظ جسدك في القبر غير بالٍ. واشركك في مجده بنقلكِ الإلهي. واهباً إياك جائزة احترام الابن لأمه.

      ويقف القديس يوحنا الدمشقي منذهلاً أمام سر موت ينبوع الحياة أي والدة الإله قائلاً: حسناً، كيف سندعو هذا السر المتعلق بكِ؟ أموتٌ هو؟  “ولكن، إذا ما كانت نفسك الفائقة القداسة والطوبى قد انفصلت عن جسدك المبارك والبريء من العيب كما تريد الطبيعة، وإذا ما أُسلم هذا الجسد إلى القبر بحسب الناموس المشترك، فهو مع ذلك لم يمكث في الموت ولم يحلّه الفساد. فتلك التي بقيت بتوليتها سليمة في الولادة، حُفظ جسدها دون انحلال عند انطلاقها من هذه الحياة، ووُضع في مسكن أفضل وأكثر تألهاً، في منجى من الموت، فيقدر على البقاء إلى الدهور التي لا نهاية لها.”

     لهذا فإن الفائقة القداسة العذراء مريم هي بحسب القديس يوحنا الدمشقي هي حصن الكنائس وهي أيضاً أم جميع كنائس المسكونة، فكما يُعلم عنها القديس يوحنا الدمشقي أيضاً قائلاً: فهي ليست كإيليا النبي الذي أُصُعِدَ نحو السماوات، وليست كالرسول بولس الذي اختُطف إلى السماء الثالثة، لكنها تقدمت إلى ملكوت سماوات ابنها شاهدة عيانٍ ومبتهجةً ومع كثيرين تتشفع بنا دوماً دون انقطاع.

    حقاً أيها الإخوة الأحبة إن هذا الحدث؛ أي أن الفائقة القداسة شاهدة عيانٍ ومبتهجةً ومع كثيرين تتشفع بنا دوماً دون انقطاع، قد أوضح العذراء والدة الإله الفائقة القداسة ملجأً وعوناً وستراً وحمايةً لجميع الذين يوقرونها ويسجدون لها بعد الله كما يقول المرنم: خلصي عبيدك من الخطوب يا والدة الإله، لأننا كلنا إليك بعد الله نلتجئ، كما إلى سور لا ينصدع وحمىً أمين.

     فنحن المعيدين والمبتهجين اليوم في هذا المكان والموضع المقدس عند قبر أم الله في موضع الجسمانية سامعين لأبي الكنيسة المتوشح بالله القديس يوحنا الدمشقي مادحاً والدة الإله ومعه نهتف قائلين: ولِنَظْفُرَنَّ في الروح مع داوود لأن تابوت الرب تدخل اليوم في راحتها؛ ولِنَهْتِفَنَ مع جبرائيل رئيس الملائكة قائلين: افرحي يا ممتلئة نعمة، الرب معك! افرحي يا محيط الفرح الذي لا ينضب! افرحي أيتها العلاج الوحيد القادر على طرد الكآبة! افرحي يا مرهماً يُسَكِّنُ ألم القلوب كافة! افرحي يا مَنْ بها طُرِدَ الموت ودخلَتْ الحياة! المسيح إلهنا الذي له العزة والملك والقدرة والمجد مع أبيه الذي لا بدء له وروحه الكلي قدسه الصالح والصانع الحياة الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين.

آمين

مكتب السكرتارية العامة