1

الإحتفال بتذكار اعادة رفات القديس سابا المتقدس

احتفلت البطريركية الاورشليمية  يوم الإثنين الموافق 26  تشرين أول 2020 بتذكار أعادة رفات القديس سابا الى الدير المسمى على اسمه في صحراء يهوذا قرب منطقة البحر الميت.
وضعت البطريركية الاورشليمية هذا العيد في تاريخ 26 اكتوبر غربي اي 13 شرقي من عام 1965 تذكاراً لاعادة ذخائر القديس سابا المتقدس التي أُخذت الى فينيسيا من قِبل الصليبيين وأرجعت من الكنيسة الكاثوليكية الى البطريركية الاورشليمية. وقد رافق الذخائر المقدسة آنذاك عن البطريركية الأورشليمية المثلث الرحمات متروبوليت قيصارية باسيليوس, المثلث الرحمات متروبوليت البتراء جيرمانوس, المثلث الرحمات الرئيس الروحي لدير مار سابا الأرشمندريت سيرافيم, المثلث الرحمات الرئيس الروحي لدير مريم ومارثا الأرشمندريت ثيوذوسيوس والشماس آنذاك سيادة متروبوليت الناصرة حالياً كيريوس كيرياكوس. ودخلت الدخائر بموكب رسمي من بوابة داود في المدينة المقدسة اورشليم وإستقبلها المثلث الرحمات البطريرك فينيذكتوس وعُرضت أمام الجمع في كنيسة الكاثوليكون في كنيسة القيامة للتبارك لمدة أسبوع بعدها تم نقل الرفات المقدسة الى الدير الذي بناه وأسسه القديس سابا وتحفظ حتى اليوم داخل كنيسة الدير وأصبحت مصدر قوة وتعزية لطالبي شفاعة القديس سابا.

أُقيمت صلاة السهرانية وخدمة القداس الإلهي في دير القديس مار سابا وترأس الخدمة غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة اصحاب السيادة المطارنة كيريوس اريسترخوس السكرتير العام للبطريركية, كيريوس ثيوفيلاكتوس الوكيل البطريركي في بيت لحم, كيريوس أرسطوفولوس رئيس أساقفة مادبا, آباء من أخوية القبر المقدس, وآباء الرعايا الأورثوذكسية من بيت لحم, بيت جالا وبيت ساحور. ورتل قدس الأب سيمون سكرتير المجمع المقدس الصلاة باللغة اليونانية يعاونه سيادة المطران أريسطوفولوس مع رهبان دير القديس سابا, وقدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في عكا الصلاة باللغة العربية مع جوقة الكنيسة, وحضر عدد من المصلين من منطقة بيت لحم.  

بعد الإنتهاء من خدمة القداس الالهي أقيمت مادبة طعام باركها صاحب الغبطة وقبل مغادرته الدير توجه غبطة البطريرك لدير القديس ثيوذوسيوس للسجود والتبارك.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد اعادة رفات القديس سابا المتقدس. 26/10/2020

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقول الرب تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ. (متى 11: 28-30)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

     إن كنيسة آوروشليم المقدسة لأنها سامعة للقول الكتابيّ المقدس ذِكْرُ الصِّدِّيقِ بالمديح. (أمثال 10: 7) أو بتوضيح أكثر أي إن ذكرى الصدّيق هي ذكرى عطرة وأبدية تدوم إلى ما بعد الموت. هذه الذكرى توقرها بإكرام وإجلال كنيسة آوروشليم وهي ذكرى إعادة رفات جسد القديس سابا المتقدس من مدينة البندقية الإيطالية إلى ساحة ديره العامر الكريم بتاريخ 26-10-1965.

     ولأن القديس سابا كان يتوق لراحة نفسه قدم من كبادوكية مسقط رأسه ولجأ (بالنسك) كالأيل إلى الينابيع الروحية في صحراء اليهودية في فلسطين حيث تتلمذ عند أقدام كبار معلمي الصحراء أمثال ثيوكتيستوس وأفتيميوس الكبير.

 اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. (متى 11: 29) ويُفسر هذه الأقوال السيدية القديس غريغوريوس النيصص قائلاً: يقول المسيح أن النير هو العمل بالوصايا لأننا سامعين وطائعين له فنحمل نير المسيح التي هي المحبة ونلبسها لأنفسنا وأما زيغافينوس فيعلق قائلاً: لم يقل فقط متواضعاً بل متواضع القلب، متواضع النفس، متواضع الإرادة.

     ويُفسر أب الكنيسة القديس غريغوريوس النيصص بأننا مدعوون أن نُلبس أنفسنا بالنير أي نير محبة المسيح وهذا لأن القديس يوحنا السلمي يقول: إن المحبة في خواصّها هي نبع إيمان وبحسب القديس يوحنا الدمشقي: إن الإيمان اقتناع لا يتخلله أبحاث فارغة فبالإيمان نفهم خروج كل شيء من العدم إلى الوجود بقوة الله. وبالإيمان نقدّر كل الإلهيات والبشريات بقدرها.

     إن الإيمان هو بمثابة الأساس فهذا يشدد عليه بوضوح القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس قائلاً: بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، (أفسس 3: 14-17) وعدا عن هذا فإن القديس يوحنا اللاهوتي يكرز قائلاً: وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. (1يوحنا 5: 4)

     وهذا ما فلح فيه بالإيمان أبينا البار سابا أي سكنى المسيح في قلبه لهذا فقد سبّح مع صاحب المزمور قائلاً: أَمَّا أَنَا فَبِالْبِرِّ أَنْظُرُ وَجْهَكَ. وأَشْبَعُ عندما يتجلى لي مجدك (مزمور 16: 15) وبإسهابٍ أكثر أي أنا سأعمل الفضيلة وبها سأرى وجهك يا رب وستشبع نفسي عندما ترى مجدك وبهاء وجهك. وقد سمع أبينا البار سابا لوصية الرسول بولس الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ (أفسس 6: 11 و13) لهذا فهو حيٌّ للأبد موضوع أمام ناظرنا بجسده غير البالي الذي يفيض الرائحة الذكية كما تشهد حكمة سليمان.أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ. فَلِذلِكَ سَيَنَالُونَ مُلْكَ الْكَرَامَةِ، وَتَاجَ الْجَمَالِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ. (حكمة 5: 15-16) أي أن الأبرار يحيون إلى الأبد وجزاءهم بيد الله لهذا سينال هؤلاء مجد ملكوت السماوات من الرب.

     وقد سمعنا بكرازة القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية يقول: لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. (رومية 6: 19) أي أنه كما قدمتم سابقاً أعضاء جسدكم للخطيئة هذه التي تجعل الإنسان متعدياً وغير طاهراً وذلك لفعله المعصية. فالآن عليكم أن تُقدموا أجسادكم لحياة الفضيلة لكي تنجحوا بالقداسة. لهذا فإن زيغافينوس يقول إن البر هو حياة الفضيلة (التي يقصدها بولس الرسول) وذلك من أجل القداسة وتقديسكم.

     وبحسب القديس باسيليوس الكبير إن القداسة هي أن يكرس الإنسان كلياً نفسه لله القدوس. وبحسب القديس غريغوريوس النيصص أن المسيح هو بر الله الذي أُعلن بالإنجيل كما يقول الرسول بولس (رومية 1: 17). إذ أن الابن هو قوة الآب وكل أعمال الابن هي أعمال الآب.

     ولقد أصبح من الواضح أن تقديسنا نحن المعترفين بالمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات يتطلب أولاً بر الله كما أوصانا الرب قائلاً: لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ. (متى6: 33) هذا له مكانةً خاصةً في الصلاة الربانية التي استلمناها وتعلمناها من المسيح نفسه «فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. (متى 6: 9-10)

     ولنسمع أيضاً ما يوصينا به الرسول بولس الذي يتعلق بجميع المسيحيين وبالأخص نحن خادمي أسرار المسيح المحيية الرهيبة والرهبان الذين يتنسكون بالروح في الصحراء فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِاهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِمَتَى أُظْهرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. (كو 3: 1-4)

     ويعلق القديس غريغوريوس النيصص على هذه الأقوال: ولما كان فكرنا خاليًا من الأمور الأرضية، لذلك علينا أن نُشغل فكرنا بالأشياء العليا حيث المسيح، فلا ننجرف بحياتنا الأرضية ولا نستمتع متلذذين بالخطايا كالبهائم لكي نكون مستوطنين السماويات ونصبح معايني الله.

     لهذا فإننا مدعوون أيها الإخوة الأحبة للكمال بحياة المسيح ونكون مستوطنين المدينة السماوية المزمعة حيث قديسي الله في السماوات ومخلصنا يسوع المسيح لأن بولس الرسول يقول: لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ. (عبرانيين 13: 14)

آمين

مكتب السكرتارية العامة