1

يعقوب الصديق، أخو الرب

مقال ل: هبه هريمات

هو قديس ترأس الكنيسة الرسولية منذ بداياتها وكان أول أسقف لمدينة القدس.. أخٌ للرب يسوع المسيح وابنٌ لخطيب مريم العذراء العفيف يوسف.. ومع ذلك هناك خلط في بعض الأحيان بين هويته وهوية الرسول يعقوب بن حلفى.

لم يرأس القديس يعقوب البار الكنيسة الأم العظيمة في القدس فحسب، بل كان أيضًا قديساً معروفاً بقداسته وحياته التي غلب عليها طابعي الصلاة والشفاعة، واعتبره كثيرون من الكنيسة المقدسية الأولى بأنه هو الذي خط معنى الأسقفية، كما ترأس المجلس الكنسي الأول، واحتفي به شهيدًا مثل باقي شهداء عصره العظام.

نجد أن إنجيل العهد الجديد يذكر يعقوب البار بشكل منفصل عن الرسل. فعلى سبيل المثال، بعد قيامة يسوع من بين الأموات ظهر الرب ليعقوب بشكل منفرد، كما يوضح 1 قورنثوس 15:7. ويذكر القديس بولس في زيارته المبكرة لأورشليم أنه حصل على “يد العون الصالحة” من “يعقوب وبطرس ويوحنا” (أعمال الرسل 21:18)؛ تسلسل في الأسماء يمنح الأسبقية ليعقوب.

غدا يعقوب الشخصية الرئيسية لكنيسة القدس، وكان له الدور الأقوى في المجمع المقدس فيما يخص تقرير ما يلزم من متطلبات للراغبين من غير اليهود باعتناق المسيحية. وله تعزى صياغة سياسةٍ أصبحت فيما بعد سياسة الكنيسة بأكملها حتى يومنا هذا (أعمال الرسل 15:13 وما يليها).

كان يعقوب مثالًا بارزًا للتقوى بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فكان يُعرف باسم ’ العادل والصالح‘ وكان شخصيةً مكرسةً زاهدًة مألوفةً في الهيكل، لدرجة أن ركبتيه غدتا ’صلبتين كركبتي الجمل‘ لشدة ركوعه المستمر بشفاعةٍ عند الله لمغفرة الناس.

توفي يعقوب البار عام 62 للميلاد، بعد استشهاده لنفس سبب استشهاد ربنا يسوع المسيح.

ففي ذلك العام قامت بعض السلطات في أورشليم، التي شعرت بالإحباط نتيجة استمرار فشل محاولاتها في الوصول إلى بولس في وقت سابق، بمناورة القديس يعقوب في مواجهة علنية أمام الملأ حول إيمانه بيسوع على أنه المسيح الفادي. ربما آملين في أن يتراجع يعقوب عن اعترافه وبالتالي يضعف تأثيره القوي على الناس، إلا أن تلك السلطات أصيبت بالإحباط والفشل عندما جاهر يعقوب بإيمانه بجرأة، مما جذب المزيد من الناس المجتمعين هناك للمسيحية. فحاولوا استغلال الموقف وصرخوا “آه، آه، حتى الشخص الصديق قد أخطأ”. وفي تلك اللحظة ألقى بعض رجالهم بالقديس يعقوب من على حاجز الهيكل، ولكنه بمعجزة إلهية لم يتأثر بالسقوط، وعندما رأوا ذلك قرروا أن يرجمه حشد من الناس حتى الموت. حسب ما يروي مؤرخ المسيحية يوسابيوس القيسري.

ينال اليوم القديس يعقوب حظوةً خاصةً لدى كنيسة القدس الأرثوذكسية. حيث يقام قداس احتفالي كبير يرأسه غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث في 5 نوفمبر من كل عام للاحتفال بإرث هذا القديس الشهيد العظيم وتعاليمه الصالحة، داخل الكنيسة المخصصة له والتي تحمل اسمه بمحاذاة كنيسة القيامة في البلدة القديمة في القدس.